إعلان

مذكرات أوباما.. دور رئيس أمريكا في ثورة يناير وكواليس "دعوة مبارك للتنحي"​

07:19 م الأحد 22 نوفمبر 2020

باراك أوباما

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد عطايا:

"لو كنت شابًا مصريًا في العشرينيات من عمري، لشاركت أيضًا في هذه التظاهرات، ولكني رئيس الولايات المتحدة"، هكذا قال الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، لأحد مساعديه تعليقًا على أحداث ثورة 25 يناير في مصر.

بعد مرور 9 سنوات على الثورة المصرية، يسترجع أوباما ذكريات تلك الأحداث في مذكراته "أرض الميعاد"، التي نشرت مؤخرًا، ووثق فيها حياة الرئيس 44 للولايات المتحدة خلال توليه الرئاسة في الفترة من (2009 - 2017).

أزاح أوباما النقاب عما دار داخل أروقة البيت الأبيض خلال 18 يومًا، عمر الثورة المصرية في 2011، وكشف عن المعضلة التي كان يمر بها مع إدارته، بين تأييد لمطالب الثوار الشباب وحقوقهم الديمقراطية المشروعة التي تزعم الولايات المتحدة الدفاع عنها أمام العالم، وبين التخلي عن حليف قديم لواشنطن والمخاطرة بأن يسوء الوضع، إذا ما ترك الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك السلطة فجأة.

غفلة مبارك

مع انطلاق دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للنزول في تظاهرات ضخمة ضد نظام مبارك، وجدت الحكومة الأمريكية- وفقًا لأوباما- نفسها فجأة بين مساندة "حليف قمعي وشعب يصر على التغيير".

قال أوباما، إن ما أثار قلقه حينها أن "مبارك نفسه بدا غافلاً عن الانتفاضة التي تدور حوله".

وأضاف: "تحدثت إليه عبر الهاتف قبل أسبوع فقط، وكان مفيدًا ومتجاوبًا على حد سواء حيث ناقشنا طرقًا لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات.. إضافة إلى قضايا أخرى، والتي كان منها امتداد الاحتجاجات التي في تونس إلى مصر".

ولكن مبارك أجاب بأن "مصر ليست تونس.. وأي احتجاج ضد الحكومة سيتلاشى سريعًا"، إلا أن تلك الإجابة لم تكن مريحة لأوباما.

شاهد أوباما من مكتبه في البيت الأبيض لقطات لآلاف من الشباب في ميدان التحرير يهتفون ضد مبارك. ونظر إلى أحد مساعديه ليخبره ""لو كنت مصريًا في العشرينيات من عمري، لكنت على الأرجح سأكون هناك معهم.. بالطبع لم أكن مصريا في العشرينيات من عمري. كنت رئيس الولايات المتحدة".

قال أوباما في مذكراته، إن قلقه الأكبر هو إذا تنحى مبارك فجأة وترك فراغًا مفاجئًا في السلطة، فإنه على الأرجح لن يكون هؤلاء الشباب من يقومون بسد ذلك الفراغ، ولكن جماعة الإخوان المسلمين، التي وصفها بأنها منظمة "هدفها الأساسي رؤية مصر - والعالم العربي بأسره - تحكمها الشريعة الإسلامية".

وأوضح أنه مع أي انتخابات في البلاد سيفوز أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لأنهم الأكثر جاهزية في تلك الفترة، لافتًا إلى أن ذلك أثار قلق العديد من دول الجوار نظرًا لأن جماعة الإخوان تمثل تهديدًا تخريبيًا وخطيرًا، كما أن فلسفة التنظيم الأصولية جعلتها غير موثوقة كوصي على التعددية الديمقراطية وربما إشكالية للعلاقات الأمريكية المصرية.

مسؤول أمريكي في مكتب مبارك

في ميدان التحرير، استمرت التظاهرات في التزايد، وكذلك الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة.

وقال أوباما، إن مبارك استيقظ من سباته أخيرًا، وتحدث في التلفزيون المصري في 28 يناير ليعلن أنه سيعيد تشكيل

حكومة جديدة، ولكن لم يتحدث عن تحقيق أي مطالب إصلاحية.

بالنسبة للإدارة الأمريكية حينها، كان مبارك مفيدًا، ويلعب دورًا مهمًا منذ فترة طويلة في حفظ السلام مع إسرائيل ومحاربة الإرهاب والشراكة مع الولايات المتحدة في مجموعة من القضايا الإقليمية الأخرى.

حاول أوباما حينها التحدث إلى مبارك وإقناعه بتبني سلسلة من الإصلاحات الجوهرية، بما في ذلك إنهاء قانون الطوارئ، واستعادة الحريات للصحافة والسياسيين، وتحديد موعد لإجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة.

اتصل أوباما بمبارك، ليقترح عليه أن يقدم للشعب المصري مجموعة من الإصلاحات، إلا أن الأخير تمسك بأن المتظاهرين أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين المعادين للسلطة، وسرعان ما ستعود الأوضاع إلى طبيعتها قريبًا.

وبرغم تعنت مبارك، إلا أن أوباما نجح في إقناعه باستقبال مبعوثه فرانك ويزنر، الذي كان سفيراً للولايات المتحدة في مصر في أواخر الثمانينيات، لإجراء المزيد من المشاورات الخاصة المكثفة.

كان ويزنر شخصًا يعرفه مبارك جيدًا ويثق به.

أكد أوباما أنه وجه تعليمات واضحة لويزنر بالتحلي بالجرأة، والضغط على مبارك حتى يعلن أنه سيتنحى بعد إجراء انتخابات جديدة.

ضغط دولي على أوباما

"بينما كنا ننتظر نتيجة مهمة ويزنر، أصبحت وسائل الإعلام أكثر تركيزًا على رد فعل إدارتي على الأزمة، لتحديد أي جانب ندعمه"، هكذا وصف أوباما الأزمة التي مر بها بعد أيام فقط من انطلاق التظاهرات في القاهرة وعدة محافظات مصرية.

وأضاف أوباما "حتى اللحظة، أصدرنا ما يزيد قليلاً عن بيانات عامة في محاولة لكسب الوقت لأنفسنا. لكن مراسلي واشنطن، الذين وجد العديد منهم بوضوح أن قضية المحتجين الشباب مقنعة، بدأوا بالضغط بشأن سبب عدم وقوفنا بشكل واضح مع قوى الديمقراطية".

وفي الوقت ذاته، أراد زعماء المنطقة معرفة سبب عدم دعم مبارك بقوة أكبر.

وأصر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على أن الحفاظ على النظام والاستقرار في مصر مهم قبل كل شيء.

ونقل أوباما عن نتينياهو "سترى إيران هناك في غضون ثانيتين".

بحلول 31 يناير، كانت دبابات الجيش المصري متمركزة في جميع أنحاء القاهرة، وأغلقت الحكومة خدمة الإنترنت في جميع أنحاء المدينة، وكان المتظاهرون يخططون لإضراب عام على مستوى البلاد في اليوم التالي.

وقال أوباما "أخيرًا وصلت الأخبار من ويزنر عن لقائه مع مبارك: سيلتزم الرئيس المصري علنا بعدم الترشح لولاية أخرى لكنه لم يصل إلى حد تعليق قانون الطوارئ أو الموافقة على دعم انتقال سلمي للسلطة".

لم تكن إجابة ويزنر بالرد الشافي لصدور من في إدارة أوباما حينها، ولكنه وسع الانقسام داخل فريق الأمن القومي الخاص به.

وأضاف "الكبار الأعضاء سنًا في إدارتي كانوا يرون أن ذلك سببًا كافيًا لدعم مبارك، بينما أكد آخرون أن ذلك محض مراوغة من مبارك للتمسك أكثر بالسلطة، بدليل تعيين رئيس الاستخبارات نائبًا له".

ثورة مبارك في وجه أوباما

قال أوباما، إنه لم يكن هناك بدٌ سوى إجراء مكالمة أخرى مع الرئيس المصري الراحل، وأضاف أنه وضع الهاتف في وضع مكبر الصوت حتى يتمكن مستشاري المجتمعون من الاستماع.

بدأ أوباما بالثناء على قراره عدم الترشح مرة أخرى، وقال "الآن بعد أن اتخذت هذا القرار التاريخي لانتقال السلطة، أريد أن أناقش معك كيف ستعمل. أقول هذا بأقصى درجات الاحترام ... أريد أن أشارك تقييمي الصادق حول ما أعتقد أنه سيحقق أهدافك".

وأضاف "على الرغم من أنني تحدثت أنا ومبارك عادة إلى بعضنا البعض باللغة الإنجليزية، فقد اختار هذه المرة مخاطبتي باللغة العربية. ولم أكن بحاجة إلى المترجم لالتقاط الانفعالات في صوته".

وقال مبارك بصوت مرتفع "أنت لا تفهم ثقافة الشعب المصري.. أيها الرئيس أوباما، إذا ذهبت إلى الانتقال بهذه الطريقة، فسيكون ذلك أخطر شيء بالنسبة لمصر".

ورد أوباما بأن "هناك لحظات في التاريخ لا يعني فيها مجرد أن الأمور كانت على حالها في الماضي أنها ستكون بنفس الطريقة في المستقبل. لقد خدمت بلدك جيدًا لأكثر من ثلاثين عامًا. أريد أن أتأكد من أنك تغتنم هذه اللحظة التاريخية بطريقة تترك لك إرثًا عظيمًا".

وأنهى مبارك المكالمة "أنا أعرف شعبي.. إنهم أناس عاطفيون.. سأتحدث معك بعد فترة، وسأخبرك أنني كنت على حق".

بعد تلك المكالمة، عم الصمت في البيت الأبيض، وبعد لحظات قال أوباما لفريقه "دعونا نعد بيانًا. ندعو مبارك للتنحي الآن".

11 فبراير

بعد أسبوعين ونصف من أول احتجاج كبير في ميدان التحرير، ظهر نائب الرئيس عمر سليمان على شاشة التلفزيون المصري ليعلن أن مبارك قد ترك منصبه وأن حكومة تصريف الأعمال بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة تشرع في عملية الانتخابات الجديدة.

ولكن قبل التنحي بأيام، تذكر أوباما، محادثة أجراها مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد مباشرة بعد أن دعوت مبارك للتنحي.

قال عنه أوباما إنه "ربما أكثر القادة ذكاءً في الخليج".

وأضاف "أخبرني محمد بن زايد أن التصريحات الأمريكية بشأن مصر تُراقب عن كثب في الخليج، بقلق متزايد. ماذا سيحدث إذا دعا المتظاهرون في البحرين الملك حمد إلى التنحي؟ هل ستصدر الولايات المتحدة نفس النوع من التصريحات التي كانت لدينا بشأن مصر؟".

قال بن زايد لأوباما "الرسالة العامة لا تؤثر على مبارك ، كما ترى ، لكنها تؤثر على المنطقة".

وأشار إلى أنه إذا "انهارت مصر وتولى الإخوان المسلمون زمام الأمور، فسيكون هناك ثمانية قادة عرب آخرون سيسقطون"، ولهذا السبب انتقد بيان أوباما.

واختتم بن زايد المكالمة الهاتفية بأنه "يظهر أن الولايات المتحدة ليست شريكًا يمكننا الاعتماد عليه على المدى الطويل".

فيديو قد يعجبك: