إعلان

"الخيانة تذيقنا المرّ".. أكراد سوريا يفرّون من العدوان التركي

08:28 م الجمعة 11 أكتوبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إيمان محمود:
عند محطة على جانب الطريق، وقف الرجل الكردي المُسنّ حسين رامو، وعيناه مغرغرتان بالدموع، وقد بدا عليه الانكسار، وهو يقول بصوت خافت "الخيانة تذيقنا المُرّ"، مُتحدثًا عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمال سوريا تاركًا القوات الكردية في سوريا لمصير أسود في مواجهة تركيا.

نقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن رامو، الذي يبلغ من العُمر 63 عامًا، قوله: "لم أر شيئًا كهذا من قبل. اضطهدنا النظام والآن نتعرض للخيانة. هذا أسوأ".

سقطت القذائف التي أطلقتها القوات التركية على مسافة قريبة، حينما كان رامو يتجه نحو حافلة صغيرة إلى جانب عشرات الأكراد الآخرين الذين يتنافسون على المقاعد.

ومثل آلاف الأكراد، كانوا يائسين للفرار من القامشلي، يشقون طريقهم إلى أي مكان بعيد عن الهجوم التركي المخيف، الذي استؤنف صباح اليوم الجمعة.

وبعد أيام قليلة من بدء تركيا العدوان على شمال سوريا والذي أطلقت عليه "نبع السلام"، كانت أكبر مدينة في المنطقة مُغلقة دون سكانها، بعد فرار المقاتلين وقلة من الناس الذين تُركوا في الشوارع.

وتُعد محطة الحافلات على طول طريق مملوء بالقمامة، أحد نقاط التجمع القليلة المتبقية في المدينة الآن في اندلاع العدوان التركي، بحسب الجارديان.

في هذه الأثناء، كانت رحيمة عثمان، التي تبلغ من العُمر 52 سنة، تنتظر مع حفيديها، 12 عامًا و3 أعوام، للركوب إلى الحسكة، التي تستغرق ساعتين بالسيارة إلى الجنوب.

وقالت عثمان: "لقد حارب أبنائي جميعًا من أجل هذه القضية.. من أجل شراكة الأكراد مع الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، واستشهد اثنين منهم في الحرب".

أشارت عثمان إلى الحفيد الأصغر، قائلة: "كان هذا الفتى الصغير يبلغ من العمر ثلاثة أشهر عندما استشهد والده. اسمه فرحان ليزين. سآخذهم إلى منزل آمن، بعيدًا عن هنا قدر استطاعتي "، بحسب ما نقلته الصحيفة عن السيدة المُسنّة.

امتد الغضب والارتباك في الحشود الواقفة، فصاح نظام الدين إبراهيم، 41 عامًا، وهو يضغط على مقبض باب الحافلة لفتحها: "بعد سقوط 5000 شهيد، هكذا قدّروا تضحياتنا.. نحن فقراء، وليس لنا أي علاقة بهذا."

ثم جاءت عائلة من كوباني، وهي بلدة تقع في قلب الحياة الكردية السورية قبل الحرب بفترة طويلة، والتي تم تدميرها بالكامل تقريبًا خلال القتال ضد داعش، وتعرضت مرة أخرى للهجوم يوم الخميس الماضي.

وقف إسماعيل مسلم أحمد، بجانب زوجته الحامل وهو يحمل ابنه الرضيع، وقال للصحيفة: "كثير من الناس يغادرون المدينة، التي راح حوالي 40% من أهلها بالفعل".

وأضاف: "كنت في حلب قبل أن يتم تدمير منزلي، وعندما عدت إلى كوباني، تم تدمير هذا المنزل أيضًا، كان القصف شديدًا، وأتوقع أن يحدث ذلك للمرة الثالثة".

وقال أحمد إن المئات الآخرين الفارين من كوباني اختاروا التوجه جنوبًا إلى مصنع لافارج الفرنسي للأسمنت القريب من الرقة، حيث لم تغادر بعد بعض القوات الأمريكية في المنطقة، مطالبين الولايات المتحدة بحمايتهم، حتى في الوقت الذي يواصل فيه رئيس البلاد تبرير قراره بسحب القوات.

امتلأت الحافلتان، وشكلت قوافل على طول الطريق الطويل المؤدي إلى الحدود العراقية، مرورًا بالشاحنات المسطحة التي تقل عشرات الأشخاص، مارّين بالمزارع المحروقة حيث أطلقت القوات الكردية قذائف الهاون على تركيا القريبة بعد ظهر الخميس.

حلقت القذائف على جانبي الحدود طوال اليوم، حيث سقطت أعنف القنابل في مدينة رأس العين، وهي المدينة التي بدأ فيها العدوان التركي في وقت متأخر من مساء الأربعاء.

في الجوار، كان الضابط الكردي الذي أطلق على نفسه الملازم مظلوم، يستريح في منزل به عشرات الجنود، قال: "نعم أطلقنا النار على الأتراك، بعد أن أطلقوا النار علينا.. هل هناك شيء آخر علينا أن نفعله؟".

يرى الضابط البالغ من العمر 29 عامًا أن ترامب وأردوغان، يتحملان مسؤولية متساوية عن العملية العسكرية، بحسب الصحيفة.

وغادرت مجموعات الإغاثة شمال شرق سوريا بشكل جماعي يوم الخميس، قبل ما يتوقعون أن تكون عملية تركية موسعة يحذر الكثيرون من أنها ستشعل أزمة إنسانية جديدة في المنطقة، كما دعا الصليب الأحمر إلى تقديم ضمانات بالسماح للمدنيين بالمرور الآمن عبر مناطق القتال.

وقال فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر للشرق الأدنى والأوسط، إنه يجب أن تكون جميع المناطق آمنة للمدنيين وأي شخص آخر لا يشارك مباشرة في القتال، مؤكدًا: "هذا مبدأ أساسي من مبادئ القانون الإنساني الدولي".

وقال مظلوم: "كان الأمريكيون يساعدوننا عندما كنا نحارب داعش، وطوال الوقت كانوا يعرفون أن الأتراك كانوا يغضون الطرف عنهم"، مضيفًا: "سيذكر التاريخ أسماءنا كشهداء دافعوا عن الأرض. وسيذكر التاريخ اسم ترامب بالعار".

وأضاف أن أنقرة كانت تحاول غرز الانقسامات بين العرب والأكراد، الذين تعايشوا لفترة طويلة في شمال شرق سوريا، مؤكدًا: "ليست لدينا مشكلة مع العرب.. الأتراك يريدون صُنع فجوة بيننا. لكن لن نسمح لهم بذلك".

فيديو قد يعجبك: