إعلان

رحلة اللاجئين السودانيين بحثاً عن الأمان من دارفور إلى أغاديز

01:38 م الخميس 28 يونيو 2018

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

السودان - (أ ف ب):

"نحن مصدومون ومنهكون ولا نرى أي بصيص أمل"، يقول محمد اللاجئ السوداني وهو يرتمي على حصيرة في مركز عبور تابع للأمم المتحدة في أغاديز "بوابة الصحراء" الشهيرة كما تُسمى في النيجر.

"وقعنا في فخ الصحراء الجهنمي"، يقول لاجئ سوداني آخر وهو يتكلم بصعوبة.

محمد ورفيقه من بين مئات السودانيين الذين فروا من العنف في دارفور وتوجهوا إلى ليبيا حيث عانى الكثيرون من الفظائع، وقرروا في النهاية بعد أن أصابهم اليأس، أن يقطعوا الطريق الصعبة الطويلة عبر الصحراء الحارقة، إلى أغاديز.

شهدت أغاديز الواقعة عند تقاطع طرق التجار والمغامرين منذ غابر الأزمان، على مدى الأشهر الماضية تدفق أعداد كبيرة من هؤلاء اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل.

وتحولت ليبيا التي تتمتع بساحل طويل على البحر الأبيض المتوسط ​​والغارقة في النزاعات والفوضى منذ الإطاحة بمعمر القذافي في العام 2011، إلى وجهة رئيسية للمهاجرين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.

ولكنها معبر خطير كذلك حيث وقع العديد من المهاجرين واللاجئين ضحية الاسترقاق والخطف والابتزاز والعنف.

وقال رجل سوداني يبلغ من العمر 31 عاما لوكالة فرانس برس "في ليبيا كنا نعيش في جحيم (...) بعضنا احتُجز في ظروف لا إنسانية وتعرض آخرون للتعذيب والسلب واحتُجزوا رهائن وأطلق سراحهم مقابل فدية، لذلك هربنا إلى النيجر".

- "عشنا في جحيم" -

قالت منظمات خيرية في النيجر إن كل من وصلوا إلى أغاديز كانوا في محنة وبينهم نساء وأطفال حشروا في شاحنات محملة بالبضائع.

وقال لاجئ للمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى أغاديز "هربنا من التعذيب والاغتصاب والإبادة في دارفور وتوجهنا إلى ليبيا بحثا عن حياة أفضل".

ومنذ العام 2003، عانى إقليم دارفور في غرب السودان من نزاع دام بين حركات التمرد وفصائل مسلحة تدعمها الخرطوم. وحتى العام 2010، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن النزاع خلف حوالي 300 الف قتيل وأرغم ثلاثة ملايين آخرين على النزوح والعيش في مخيمات اللاجئين.

وعلى الرغم من طول الطريق الشائك الذي قطعوه، يبدو أن حفنة من هؤلاء اللاجئين وجدوا اليوم الأمان في أغاديز التي تبعد حوالى 1800 كيلومتر (1200 ميل) إلى الغرب من دارفور. لكن محنتهم لم تنته بعد.

"نحصل على المساعدة في النيجر، لكن هذا ليس كافياً ونحن نعاني كثيراً"، يقول فتى بالكاد يبلغ الخامسة عشرة من عمره. ويضيف "البعض لديهم مكان يبيتون فيه، لكن كثيرين ينامون في الشارع لكثرة عددنا".

- تحت رحمة العواصف الرملية -

واليوم يتم إيواء العديد من النساء والأطفال السودانيين في منزل كبير في وسط أغاديز حيث تقدم لهم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الطعام والرعاية الصحية. أما الشباب، وبينهم عدد كبير من الفتية، فيبيتون في ضواحي المدينة حيث ينامون في عنابر من الصفيح ولكن تتوفر لهم على الأقل مياه جارية.

ويعيش الأقل حظاً في الشارع تحت رحمة العواصف الرملية العاتية التي تجتاح المدينة.

وتقدر المفوضية عدد طالبي اللجوء السودانيين في أغاديز بنحو 1300 في حين تعطي السلطات المحلية رقمًا أعلى من نحو ألفي شخص.

وقال فينسنت كوشيتيل المبعوث الخاص للمفوضية السامية في منطقة وسط المتوسط، إن "عشرة في المائة من هؤلاء اللاجئين السودانيين كانوا في مخيمات في تشاد، لكن تقليص المعونات دفعهم إلى ليبيا قبل أن يعلقوا في أغاديز".

وقال لوكالة فرانس برس "على مدى أشهر، رفضت سلطات النيجر تمكين هؤلاء الاشخاص من بدء إجراءات اللجوء، لكن تم التوصل الى اتفاق".

ولفت مدير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد محادثات مع رئيس النيجر محمد يوسفو إلى أنه "قد يكون هناك بعض ممن يحتاجون إلى اللجوء (ولكن) لن تكون هناك إعادة توطين لهم" في دول أوروبية.

لكنه قال إن المفوضية ستواصل مساعدة وإيواء من وصلوا إلى أغاديز مع التشديد على أهمية قيام المجتمع الدولي "بتكثيف الدعم" لمساعدة النيجر مع اللاجئين الذين وصلوا إلى أماكن أخرى من البلاد.

- "إنهم يعتدون على نسائنا" -

النيجر التي يغلب عليها الطابع الصحراوي وهي من المصدرين الرئيسيين لليورانيوم وبدأت منذ 2011 بتصدير النفط، من أفقر البلدان الأفريقية التي لا يمكنها تقديم سوى القليل لأكثر من 300 ألف لاجئ ونازح على أراضيها.

وعبر حوالي 108 آلاف شخص من نيجيريا وحدها الحدود هربا من وحشية مسلحي جماعة بوكو حرام. ولكن استفحال وإطالة مشكلة اللاجئين تؤجج التوتر مع سكان المناطق التي حلوا فيها، الذين يعانون في الأصل من صعوبات اقتصادية ومن الانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء.

وقال سائق دراجة نارية "إنهم يعتدون على نسائنا ويسرقونهن"، معبراً عن مخاوفه بشأن الأمان في المدينة، وهي مخاوف عبر عنها بالمثل رئيس بلدية المدينة ريسة فيلتو.

وقال فيلتو "هذا التعايش لا يسير على ما يرام"، موجها اللوم إلى "شباب هائج لا يحترم أي قانون (...) وبعضهم حتى قاتل في ليبيا والسودان".

- إلقاء اللوم على الأمم المتحدة -

اكد فيلنو ان وجودهم يشكل ضغطاً على الموارد المحدودة المخصصة للصحة وعلى نظام الصرف الصحي في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 145 ألف نسمة وتستقبل "ما لا يقل عن 500 شخص قادمين من غرب أفريقيا كل شهر" يتم ترحيلهم من الجزائر.

ولتجنب اندلاع مواجهات عنيفة بين السكان واللاجئين، تخطط المفوضية لنقل مقار خدماتها إلى خارج المدينة.

ويلقي فلتو باللوم على المفوضية التابعة للأمم المتحدة بشأن التوتر في مدينته متهما إياها بأنها تقدم وعوداً غير واقعية.

ويقول "أعلنت المفوضية ​​أنها تستطيع حماية جميع طالبي اللجوء، اي كل من يتعرضون للاضطهاد في بلادهم. ما ان انتشر الأمر عبر الشبكات الاجتماعية حتى تدفقت علينا في الليل أعداد هائلة من هؤلاء الناس".

ويضيف إن مراكز الإيواء "مزدحمة فوق طاقتها وأعداد الواصلين في ازدياد".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: