إعلان

100 يوم على مجزرة "خان شيخون".. التحقيقات مستمرة والفاعل مجهول

09:07 م الجمعة 14 يوليو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود

مئة يوم مرت على مجزرة "خان شيخون" التي راح ضحيتها نحو 90 قتيلًا وأصيب المئات من المدنيين بالاختناق، في قصف نفذته طائرات حربية –لم يحدد هويتها- مستخدمة "غازًا سامًا" بمنطقة خان شيخون بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا.

القصف لم يستهدف البلدة فحسب، فقد استهدف أيضًا مستشفى نقل إليه ضحايا القصف بالغازات السامة، ما ألحق به دمارًا كبيرًا، قبل أن يتمكن عدد من أعضاء الفريق الطبي من الفرار.

وفي هذا السياق، أكد المسعفون والمصادر الطبية أن أهالي خان شيخون تعرضوا لهجوم باستخدام غازات تسببت بحالات اختناق، ترافقت مع مفرزات تنفسية غزيرة، وحدقات دبوسية، وشحوب وتشنجات معممة، بالإضافة إلى أعراض أخرى ظهرت على المصابين.

كما فتحت السلطات التركية معبر باب الهوى -على الحدود السورية التركية- لاستقبال المصابين من جراء القصف. وقال مصدر مسؤول في المعارضة إن "السلطات التركية فتحت المعبر لدخول سيارات الإسعاف والسيارات الخاصة التي تنقل المصابين .. وقد عبر 70 مصابا بالفعل باتجاه مشافي ولاية هاتاي جنوب شرق تركيا".

وفي اليوم ذاته، أعلنت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أنها شرعت في التحقيق بشأن الهجوم، وجاء في بيان للجنة نقلته "بي بي سي" أن "اللجنة تحقق حاليًا في الظروف المحيطة بالهجوم، بما في ذلك مزاعم استخدام أسلحة كيميائية".

موقف المعارضة

بدوره، دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، "مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة على خلفية الجريمة، وفتح تحقيق فوري".

واتهمت المعارضة السورية قوات النظام بشن الغارات "مستخدمة صواريخ محملة بغازات كيميائية سامة تتشابه أعراضها مع أعراض غاز السارين".

وقال الائتلاف في بيان إن "الغارة تسبب بسقوط عشرات الشهداء والمصابين، وتؤكد الصور الأولى القادمة من هناك وقوع جريمة مروعة تتشابه من حيث الطبيعة مع الجريمة التي وقعت في الغوطة الشرقية لدمشق صيف عام 2013، والتي مررها المجتمع الدولي دون حساب أو عقاب".

وطالبت المعارضة في اليوم التالي للمجزرة وقبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي حول المجزرة، بحظر حظرا فوريا وتاما على تحليق طائرات النظام في سماء جميع مناطق سوريا.

إدانات دولية

ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، إن الهجوم "مشين"، مُضيفًا أن مثل هذا العمل المروع من جانب نظام بشار الأسد، نتيجة ضعف الإدارة الأمريكية السابقة وانعدام التصميم لديها".

كما شدد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، على وجوب محاسبة الأسد، وحث كل من روسيا وإيران على منع حليفهما من شن هجمات جديدة مماثلة.

يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن هجوم خان شيخون، يؤكد أن جرائم الحرب تحدث في سوريا بشكل متكرر، وهو ما يستدعي محاسبة المسؤولين عن ذلك.

بينما اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أن "النظام السوري" هو "المسؤول الرئيسي عن الفظاعات في سوريا".

واعتبرت منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، أن نظام الأسد يتحمل "المسؤولية الرئيسية" عن الهجوم الذي وصفته بالمروع.

وحمل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، النظام السوري، "مسؤولية المجزرة" في خان شيخون. وأعلن وزير خارجيته، جان مارك أيرولت، أن "المعلومات الأولى تشير إلى عدد كبير من القتلى بينهم أطفال".

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "لا يمكن أن ندع هذه المعاناة تستمر"، مضيفة أنه إذا ثبت أن هذا القصف قامت به دمشق فسيكون دليلًا إضافيًا على همجية النظام السوري"، وتابعت "لا يمكن أن يكون هناك مستقبل للأسد في سوريا مستقرة تمثل جميع السوريين".

وذهب وزير الخارجية بوريس جونسون في نفس الاتجاه، حيث قال، إنه يجب عدم السماح باستمرار بقاء حكومة الأسد في السلطة بعد انتهاء الصراع الدائر بسوريا.

ووصف وزير الخارجية الألماني زاجمار جابرييل الهجوم بالعمل الوحشي الذي لا مثيل له، وطالب بموقف لا لبس فيه من جانب مجلس الأمن، مضيفًا أن المسؤولين عن الهجوم "يجب أن يمثلوا أمام محكمة دولية".

وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -خلال اتصال هاتفي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين- بهجوم خان شيخون، واعتبره "غير إنساني" مُحذرًا من أنه يمكن أن يهدد محادثات أستانا للسلام في سوريا.

بدورها، أدانت مصر "القصف العشوائي"، الذي تعرضت له بلدة، وشدد بيان لوزراة الخارجية على "ضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية، من أجل اجتثاث جذور الإرهاب والقضاء على أشكاله في سوريا".

وندد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بالهجوم ووصفه بـ"جريمة كبرى" ارتكبت بحق المدنيين، وقال إن من قام به يجب أن يلقى جزاءه من قبل المجتمع الدولي طبقًا للقانون، لكنه لم يوجه أصابع الاتهام لأي طرف في الهجوم.

النظام يتبرأ من المجزرة

وفي اليوم التالي للمجزرة، أكد النظام السوري أن جيشه ليس لديه أي نوع من الأسلحة الكيميائية، ولم يستخدمها سابقًا.

وأوضح القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة منذر منذر، خلال جلسة لمجلس الأمن في نيويورك: "نذكر مجلس الأمن بأن الحكومة السورية وجهت أكثر من 90 رسالة إلى الأمم المتحدة تضمنت معلومات موثقة عن حيازة المجموعات الإرهابية مواد كيميائية سامة وصلت إليها عبر الحكومة التركية بشكل خاص".

ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن منذر قوله إن "المستفيد الأول من استخدام الأسلحة الكيميائية، هو الأنظمة التي استهدفت سوريا منذ ست سنوات لإنقاذ المجموعات الإرهابية المتحالفة معها".

وفي أول تصريح علني للرئيس السوري بشار الأسد، وصف التقارير التي تتهم الجيش السوري بشن هجوم بالأسلحة الكيمياوية على بلدة خان شيخون، بأنها "ملفقة مئة بالمئة".

وقال الأسد في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" إنه لم يصدر "أوامر بأي الهجوم"، مضيفًا إن بلاده سلمت مخزونها من الأسلحة الكيمياوية عام 2013.

الضربة الأمريكية

وفي السابع من أبريل، أطلقت واشنطن "59 صاروخًا موجها عالي الدقة" على القاعدة الجوية بمطار الشعيرات في حمص، بصواريخ توماهوك، ردًا على مجزرة خان شيخون التي اتهمت نظام الأسد بارتكابها.

وقال مسؤول أمريكي لـ"سكاي نيوز" إن إطلاق الصواريخ جاء من مدمرات للبحرية الأمريكية في شرق البحر المتوسط على عدد من الأهداف بالقاعدة الجوية.

ومن جانبها اعتبرت الرئاسة السورية، أن الضربة الأمريكية تصرفا "أرعن غير مسؤول"، بحسب وكالة الأنباء السورية "سانا".

وقالت الرئاسة السورية "في عدوان جائر وسافر قامت الولايات المتحدة باستهداف مطار الشعيرات"، مؤكدة أن ما قامت به أمريكا ما هو إلا تصرف أرعن غير مسؤول ولا ينم الا عن قصر نظر وضيق افق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع".

وقال الجيش السوري، إن العدوان الأمريكي أسفر عن مقتل ستة جنود سوريين وإصابة اخرين، قبل أن ترفع وكالة أنباء "سانا" الحصيلة إلى تسعة قتلى من المدنيين بينهم اربعة أطفال.

أما الكرملين فقد وصف الضربات الصاروخية الأمريكية بأنها "عدوان متعمد" ينتهك المعايير الدولية ونفذ "بمبررات مختلقة"، كما أدانت إيران الضربة التي وصفتها أيضًا بأنها "عدوان أمريكي".

فيما لقت الضربة استحسان دولي واسع حيث أيدتها تركيا وإسرائيل وبريطانيا واليابان وألمانيا وفرنسا ودول الخليج العربي.

التحقيقات

وفي أعقاب الهجوم عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لمناقشة الحادث، لكنها انتهت بلا نتيجة.

وتقدمت فرنسا وبريطانيا وأمريكا بمشروع قرار يقضي بإجراء تحقيق كامل بالتعاون مع الحكومة السورية حول الهجوم، حيث تمت صياغته في صفحتين وأدان الهجوم المحتمل بشدة وطالب بسرعة الكشف عن ملابساته، غير أن مشروع القانون لم يتضمن عقوبات، ولكنه هدد بها دون تحديدها.

واعتبرت روسيا مشروع القرار الأولي "غير مقبول"، وخلال المفاوضات اقترحت موسكو نصا أعدته بنفسها من دون أن تدخل إليه المطالبات بتعاون الحكومة السورية في التحقيق.

وبعد عدة تصريحات وتقارير لخبراء ومسؤولين دوليين تؤكد استخدام غاز السارين في شمال سوريا، أتى التأكيد الرسمي، من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، عبر تقرير جزم أن غاز السارين استخدم في هجوم خان شيخون.

وذلك بعد إجراء مقابلات مع شهود وفحص عينات خلصت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية إلى أن "عددا كبيرا من الناس الذين مات بعضهم تعرضوا للسارين أو مادة تشبهه".

وجاء في ملخص للتقرير، إن "بعثة تقصي الحقائق خلصت إلى أن هذا لا يمكن أن يكون سوى استخدام للسارين كسلاح كيماوي".

فيديو قد يعجبك: