منظمات إنسانية أمام تحدٍ جديد وصعب في معركة الرقة

11:59 ص الأربعاء 14 يونيو 2017

طفل سوري في مخيم للنازحين على بعد عشرين كيلومترا ش

الرقة/سوريا – (أ ف ب):

تواجه المنظمات الإنسانية عقبات عدة أمام قدرتها على الاستجابة لآخر الأزمات الإنسانية في النزاع السوري والناتجة عن تصاعد حدة المعارك الهادفة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة (داعش)، معقله الأبرز في سوريا.

وفرّ عشرات آلاف المدنيين من مدينة الرقة ومناطق آخرى في المحافظة الشمالية منذ بدأت قوات سوريا الديموقراطية في نوفمبر الماضي حملة "غضب الفرات" ضد داعش بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

ويتوقع أن تشهد مدينة الرقة موجات نزوح جديدة بعد دخول قوات سوريا الديموقراطية إليها الأسبوع الماضي.

ويعد إيصال المساعدات الإنسانية إلى الرقة أمرا بغاية الصعوبة كونها تتواجد في منطقة شبه صحراوية معزولة، كما لا يدخل عبر الحدود التركية والعراقية المغلقة في معظم الوقت سوى جزء بسيط جدا من الدعم.

وتقول منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود بوك ليندرز لوكالة فرانس برس "هناك إمدادات، إلا أنها لا تزال محدودة جدا فيما حاجات السكان كبيرة جدا".

وتغلق تركيا المعابر الحدودية بينها وبين مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا، خصوصا أنها تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، منظمة "إرهابية".

أما المعبر مع العراق الذي يبعد 300 كيلومتر شمال شرق الرقة، فلا يزال مفتوحا، إلا أن الحركة عليه بطيئة، وفق ما يقول مسؤولون محليون.

وتعمد الأمم المتحدة بين الحين والآخر إلى إيصال المساعدات جوا من دمشق إلى القامشلي شمال شرق الرقة في عملية "معقدة ومكلفة".

إلا أن هذا الأمر يبقى غير كاف لتأمين احتياجات السكان، وفق ما يقول المتحدث الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية دايفيد سوانسون.

وتأمل الأمم المتحدة حاليا بنقل المساعدات الإنسانية من حلب (شمال) إلى القامشلي، لتقطع بذلك مسافة تبلغ أكثر من 400 كيلومتر، لكنها لا تزال بحاجة إلى اختبار سلامة الطريق، بحسب سوانسون.

ألغام وغارات وعدم استقرار
وكان يعيش في مدينة الرقة التي استولى عليها داعش في 2014، نحو 300 ألف مدني، بينهم 80 ألف نازح من مناطق سورية أخرى. إلا أن عشرات الآلاف فروا خلال الأشهر الأخيرة من المدينة ومناطق أخرى في المحافظة على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية التي طردت داعش من مناطق واسعة في ريف الرقة الشمالي والغربي والشرقي قبل أن تدخل المدينة الأسبوع الماضي.

وتقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 169 ألف شخص نزحوا في محافظة الرقة في شهري أبريل ومايو. ويعيش الآلاف حاليا في مخيمات مكتظة لا تتوفر فيها المواد الأساسية.

وفي مخيم في بلدة عين عيسى، 50 كيلومترا شمال الرقة، يقول نازحون جدد إنهم ينامون على الأرض في العراء من دون فراش أو حتى خيم فوق رؤوسهم.

ويوضح مدير المخيم جلال عياف لفرانس برس "يعيش حاليا أكثر من 25 الف شخص في مخيم عين عيسى الذي انشأ ليستقبل عشرة آلاف شخص" فقط.

ويضيف "توفر المنظمات الإنسانية الدعم ولكنه غير كاف للإعداد التي تصل" إلى المخيم.

ويستقبل مخيم عين عيسى يوميا، بحسب ليندرز من "أطباء بلا حدود"، مجموعات تصل إلى 800 شخص. واختار آخرون النوم على جوانب الطرق وتحت الأشجار في مناطق واقعة شمال المدينة.

ويشرح بول دونيهي من "لجنة الانقاذ الدولية" أن "الوضع الأمني غير المستقر بشكل كبير" يعد مصدر قلق آخر للمنظمات الإنسانية في المنطقة.

ويوضح "هناك الكثير من الألغام والعبوات الناسفة، فضلا عن مخاطر ان يشن تنظيم داعش هجمات"، مشيرا إلى "تقارير حول مقتل مدنيين فارين جراء غارات التحالف" الدولي.

ويعتقد على حد قوله أن "أكثر من نصف سكان الرقة قد يفرون من المدينة في نهاية المطاف، ولكن يبقى هؤلاء عرضة للألغام وقناصة تنظيم الدولة الاسلامية وللغارات الجوية".

"خياران مميتان"

ويعاني المدنيون الفارون في المخيمات من مشاكل صحية عديدة بدءا من النقص في السوائل وصولا الى أمراض مزمنة لا تتوفر القدرة على علاجها.

وتتوقع المنظمات الإنسانية ارتفاعا ايضا في أعداد الجرحى بين الفارين مع تصاعد حدة المعارك في المدينة.

وتعمل "أطباء بلا حدود" على إنشاء مراكز طبية قرب خطوط الجبهة لإنقاذ الجرحى قبل نقلهم إلى أقرب مستشفى.

وتقول ليندرز "توجد ألغام في المستشفيات (في مناطق تمت استعادتها من الجهاديين) ومن الصعب جدا إعادة العمل بها قبل إزالة الألغام (...) هذا أمر قد يشكل تحديا كبيرا".

أما أكثر الأمور صعوبة فهو قدرة المنظمات الإنسانية أصلا على الوصول إلى من هم بحاجة إلى مساعدات.

ويوضح دونهي "ينتهي الامر بالكثير من الأشخاص الفارين في مناطق قريبة جدا من جبهات القتال" يصعب على المنظمات الإنسانية الوصول إليها.

ولا يتمكن الكثيرون أصلا من مغادرة مدينة الرقة كون تنظيم داعش يستخدم العنف والتهديدات والاعتقال لمنعهم من الفرار.

ويخاطر الفارون أصلا بالمرور في مناطق اشتباك أو في حقول ألغام أو حتى أن يتم استهدافهم بالخطأ ظنا من طائرات التحالف انهم عناصر في التنظيم المتطرف.

وحذرت "أطباء بلا حدود" الأسبوع الماضي من أن المدنيين يجدون أنفسهم أمام "خيارين مميتين".

وجاء في تقرير للمنظمة "على الأهالي أن يتخذوا قراراً مستحيلا: إما أن يبقوا في الرقة ويعرضوا أطفالهم للعنف والضربات الجوية المُتزايدة، أو أن يخرجوا بهم عبر خطوط المواجهة الأمامية، مع علمهم بأنهم سيضطرون إلى عبور حقول الألغام وأنه من المُمكن أن يجدوا أنفسهم في مرمى نيران الاشتباكات".


إعلان

هذا المحتوى من

إعلان