إعلان

أزمة كتالونيا.. الشعب يخسر في معركة "الشهيد والرجل القوي"

08:24 م السبت 28 أكتوبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – محمد الصباغ:

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم السبت إن الدراما التي تحدث في إسبانيا خلال هذه الفترة بين مدريد وكتالونيا، أبرزت شخصيتين شهيرتين لمن يدرسون السياسة الإسبانية وهما: الشهيد والرجل القوي.

كارلوس بيجديمونت الذي كان رئيسًا لحكومة إقليم كتالونيا حتى أمس الجمعة، وضع نفسه في دور "الشهيد"، بحسب المقال المنشور بالصحيفة الأمريكية للكاتب "عمر إنكارناسيون". في الأسابيع التي سبقت استفتاء الإقليم في الأول من أكتوبر، والتي اختار 90 بالمئة من المشاركين فيه الاستقلال عن إسبانيا، ظهر "بيجديمونت" كضحية لإدارة مدريد "الدنيئة". ولم يلتفت إلى أن الاستفتاء كان غير دستوري وأن 41.5 بالمئة فقط ممن يحق لهم التصويت تعرضوا لضغوط كبيرة للقيام بذلك.

رافق إعلان الاستقلال أمس الجمعة نفس السيناريو. اتخذ بيجديمونت قرارًا بالسماح لبرلمان كتالونيا بإعلان الاستقلال وكان ذلك مثل التضحية بالذات. فقد علم الرجل تمام المعرفة أن هذه الخطوة ستجبر مدريد على تفعيل المادة 155 من الدستور الإسباني، والتي تسمح لحكومة إسبانيا المركزية بالسيطرة على مناطق التمرد.

وأضاف الكاتب وأستاذ العلوم السياسية، أنه بعد تصويت بمجلس الشيوخ الإسباني تم تفعيل المادة 155، وحلّت مدريد البرلمان الكتالوني واستولت على كل مراكز الحكومة الكتالونية من المحاكم إلى مراكز الشرطة والإذاعات العامة. كما تم تحديد يوم 21 من ديسمبر لإجراء انتخابات عامة مبكرة في الإقليم.

كما أن بيجديمونت يمكن أن يواجه اتهامات بالتمرد، والذي قد تصل مدة عقوبته إلى السجن لمدة تصل إلى عشرين عامًا.

واعتبر المقال أن دور "الشهيد" يناسب بيجديمونت، حيث وجد متعته منذ بداية الأزمة في الحديث عن "شهداء" الحركة القومية الكتالونية. وأبرز الرئيس المُقال بشكل خاص ذكرى لويس كومبانييس الذي أعلن استقلال كتالونيا في عام 1934، والذي تبع إعلانه اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية. وقع كومبانييس بعد ذلك في الأسر لدى النازيين، قبل أن يتم تسليمه لنظام الجنرال فرانسيسكو فرانكو ويُعدم.

ومن الجانب الآخر، يتصرف رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي كحامي لسيادة القانون وحامي الأرض. دور يُذكر بالشخصيات الاستبدادية السابقة في التاريخ الإسباني، وأشهرهم الجنرال فرانكو الذي حكم البلاد بالحديد والنار منذ 1939 حتى رحيله عام 1975.

منذ عام 2006، حينما مرر المصوتين الكتالونيين أول تشريع نحو الاستقلال، وهو الوثيقة التي تطالب بسيطرة أكبر على شئونهم الخاصة، كان راخوي يقاتل الانفصاليين بكل الأسلحة السياسة والقانونية في يده.

ويضيف مقال نيويورك تايمز أنه بأداء دوري "الشهيد" والرجل القوي، يحاول بيجديمونت وراخوي كسب نقاط سياسية حتى في وقت تتجه فيه إسبانيا نحو كارثة سياسية.

برغم إعلان الاستقلال، كتالونيا ليست أكثر حرية اليوم مقارنة بذي قبل. في الواقع، صار الأمر أسوأ بعد تفعيل إسبانيا للمادة 155 في الدستور. وتبقى الصورة ضبابية فيما يخص الاستقلال، فالمشروع لم يكتسب زخمًا دوليًا. كما أن حوالي 1700 مؤسسة تجارية نقلت مكاتبها إلى مناطق أخرى في إسبانيا.

الأكثر أهمية، بحسب رأي كاتب المقال، أنه لا توجد أغلبية واضحة بين الكتالونيين يصرخون مطالبين بالاستقلال. وتشير الاستطلاعات بشكل مستمر إلى أن المصوتين منقسمين حول الاستقلال والبقاء ضمن حدود إسبانيا.

ولفت المقال إلى أن أجندة بيجديمونت الانفصالية وضعها العناصر الاكثر تطرفًا في التحالف الحاكم. وفي انتخابات 2015 في الإقليم، لم يكن قادرًا على تكوين حكومة إلا بعد إعلان تحالف مع مرشحي حزب الوحدة الشعبية (CUP)، وهي مجموعة كتالونية متطرفة مؤيدة للاستقلال، وبالنسبة لهذه الحركة إما الانفصال أو لا شئ. ويبدو أن بيجديمونت فضّل أن يكون في صورة المُضحي بنفسه بدلًا من الخائن.

واختتم الكاتب بالقول إن الخاسر الأكبر في هذه الدراما الكتالونية هو الشعب الإسباني، وبينهم أغلبية الكتالونيين الذين طالما طالبوا بشيء لم يستطع "الشهداء" أو "الرجال الأقوياء" القيام به: الحوار والتسوية.

فيديو قد يعجبك: