إعلان

نيويورك تايمز: إرث أوباما غير المتوقع

06:05 م الأحد 15 مايو 2016

الرئيس باراك أوباما

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – سامي مجدي:

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الرئيس باراك أوباما جاء إلى السلطة قبل سبع سنوات متعهدا بإنهاء حروب سلفه جورج دبليو بوش. وفي 6 مايو، قبل ثمانية أشهر من مغادرة منصبه، ممرر أوباما حدثا كئيبا غير مألوف جعله يخوض حربا أطول من بوش أو أي رئيس أمريكي اخر.

وتضيف الصحيفة في تقرير نشرته تحت عنوان "بالنسبة لأوباما، فترتان من الحرب إرث غير متوقع"، أنه إذا ظلت الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وسوريا حتى نهاية فترة أوباما – وهو أمر شبه مؤكد بالنظر إلى إعلان أوباما الأخير بأنه سوف يرسل 250 اخرين من قوات العمليات الخاصة إلى سوريا – فسوف يترك وراءه إرثا بعيد الاحتمال يتمثل في كونه الرئيس الوحيد في التاريخ الأمريكي الذي يتولى الرئاسة فترتين والبلاد في حرب.

تشير الصحيفة إلى أن أوباما الذي فاز بجائزة نوبل للسلام في 2009 وقضى سنواته في البيت الأبيض يحاول الوفاء بوعود قدمها كمرشح مناهض للحرب، يمكن أن يكون قضى أطول فترة يقضيها رئيس في حرب؛ أكثر من الرؤساء فرانكلين روزفلت وليندون جونسون وريتشارد نيكسون وبطله ابراهام لينكولن، بحسب وصف الصحيفة.

"من الواجب القول أن أوباما يترك جنودا أقل بكثير في مواقع الضرر – 4087 على الأقل في العراق و9800 في أفغانستان – من 200 ألف جندي ورثها عن بوش في البلدين. لكن أوباما أيضا وافق على شن غارات جوية ضد جماعات إرهابية في ليبيا وباكستان والصومال واليمن، سبع بلدان في المجمل اتخذت فيها إدارته عملا عسكريا".

يقول إيلوت كوهين، وهو مؤرخ عسكري في جامعة جونز هوبكينز والذي دعم الحرب في العراق وله ابن خدم هناك مرتين، "لا يوجد رئيس يريد أن يكون رئيس حرب. أوباما يعتقد أن الحرب اداة استخدمها على مضض. لكننا نخوض هذه الحروب الطولية الغريبة. نقتل الكثير من الناس وتقع لدينا خسائر".

تقول الصحيفة إن أوباما عكف على ذلك الوضع غير القابل للتغير من أول عام له في البيت الأبيض، عندما تجول في مقبرة أرلينغتون الوطنية قبل أن يعطي الأمر بإرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان.

ويقول أقرب مستشاريه إنه اعتمد بشكل كبير على عمليات سرية محدودة وغارات جوية بطائرات من دون طيار لأنه يضع في حسبانه مخاطر التصعيد إضافة إلى تشككه في التدخل العسكري الأمريكي.

ومبكرا – تقول الصحيفة – أقر أوباما علنا بالتعارض بين رسالة حملته وواقع الحكم. وعندما قبل جائزة نوبل في ديسمبر 009، أعلن أن البشرة بحاجة إلى التوفيق "بين اثنين من الحقائق التي تبدر غير قابلة للحل – أن الحرب ضرورية في بعض الأحيان وأن الحرب عند مستوى معين هي تعبير عن حماقة الإنسان".

وتوضح الصحيفة أن الرئيس الأمريكي حاول التوفيق بين هاتين الحقيقتين عبر مقاربة حروبه من خلال سبل ضيقة؛ حيث ينظر إليها كتحد أمني مزمن يمكن التحكم فيه، أكثر من القيام بحملة وطنية مثل الحرب العالمية الثانية أو، بدرجة اقل، حرب فيتنام. ويقول مؤرخون عسكريون إن طول سجله الحربي يعكس أيضا التغيير في تعريف الحرب.

"رئيس حرب أم رئيس في حرب"

718

يقول ديرك تشولت، الذي عمل في وزارة الخارجية والبيت الأبيض في فترة رئاسة أوباما الأولى ومساعدا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي من 2012 إلى 2015، "إنه الاختلاف بين كونك رئيس حرب ورئيس في حرب".

ويوضح "كونك رئيس حرب يعني أن كل عناصر القوة الأمريكية والسياسة الخارجية تتابع للقتال في الحرب. ما حاول أوباما القيام به، وهو ما جعله حذرا بشأن زيادة عدد القوات، هو ألا تطغى (الحرب) على أولويات أخرى".

بيد أن أوباما وجد هذه النزاعات من الصعب إنهائها. ففي 21 أكتوبر 2011، أعلن أن اخر جندي مقاتل سوف يغادر العراق بنهاية العام، مقتربا من وضع حد لحرب استمرت ثماني سنوات. وقال في البيت الأبيض "قواتنا سوف تعود قطعا إلى الوطن للعطلات".

بعد ذلك بأقل من ثلاث سنوات – تقول نيويورك تايمز – أبلغ أوباما مشاهدي التلفزيون الوطني إنه سوف يرسل 475 مستشارا عسكريا إلى العراق للمساعدة في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية؛ ذلك التنظيم الإرهابي الوحشي الذي اجتاح الفراغ الأمني الذي خلفه غياب الأمريكيين. بحلول الشهر الماضي، أصبح أكثر من 5 آلاف من القوات الأمريكية في العراق.

وأعادت معركة شرسة هذا الشهر بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات البحرية الأمريكية (سيلز) في شمال العراق، والتي قتل فيها ثالث أمريكي منذ بداية الحملة ضد التنظيم، إلى الأذهان الأيام الدامية في حرب العراق. وهذا جعل حجة إدارة أوباما بأن الأمريكيين هناك فقط لتقديم المشورة ومساعدة القوات العراقية تصدق بشكل أقل من أي وقت مضى، تقول الصحيفة.

تقول الصحيفة إن أفغانستان اتبعت نفس دائرة الأمل وخيبة الأمل. ففي مايو 2014، أعلن أوباما أن الولايات المتحدة سوف تنسحب اخر جندي قتالي من البلاد بنهاية 2016.

وقال الرئيسي في روز غاردن "الأمريكيون تعلموا أن إنهاء الحروب أكثر صعوبة من بدئها. في النهاية ذلك هو كيفية إنهاء الحروب في القرن الحادي والعشرين".

بعد 17 شهرا، علق أوباما الانسحاب وقال للأمريكيين إنه يخطط أن يترك أكثر من 5 آلاف جندي في أفغانستان حتى أوائل 2017، نهاية رئاسته. بحلول ذلك الوقت كانت طالبان قد سيطرت على المزيد من الأراضي في البلاد أكثر من أي وقت منذ 2001.

وغزا مقاتلو طالبان مدينة قندوز شمالي البلاد لفترة وجيزة. وفي معركة مريرة للسيطرة، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية بالخطأ مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود ما أدى إلى مقتل 42 شخصا ما دفع إلى اتهام الولايات المتحدة بارتكاب جريمة حرب.

d64e2f65-d0ec-405f-b14b-b2c98ec8697d

"نهجة أضعف قدرة البلاد"

ويقول ناقدو أوباما منذ فترة طويلة إن نهجه السريري للحروب أضعف قدرة البلاد على القتال. يقول كوهين "لم يحاول تعبئة البلاد. لم يحاول حتى شرح الرهانات للبلاد، ولماذا مضت تلك الحروب في هذا الطريق".

كما واجه بوش انتقادات على فشله في الطلب من الشعب الأمريكي أن يقدم أي تضحيات خلال حرب العراق. لكن كوهين قال "مع كل اخطائه، بوش، كانت هناك رغبة عميقة للفوز".

وقال فينسنت ديجورج، الباحث في جامعة كارنيجي ميلون والذي يجمع بيانات عن الرؤساء في الحروب، إن نبرة أوباما أقل من حيث الأهمية عن القرارات التي يتخذها. وتساءل في مقابلة "هذا الخطاب الذي يستخدمه رئيس في الداخل يعني الجنود الذين يعودون مصابين أو يروحون في تبادل إطلاق النار؟.

وأقر ديجورج بالتعقيدات في قياس حروب أوباما. على سبيل المثال المرحلة التي قادتها الولايات المتحدة في حرب أفغانستان، انتهت بشكل رسمي في ديسمبر 2014، رغم أن آلاف الجنود لا زالوا هناك. بالنسبة لتحليله، فإن الدولة تكون في حالة حرب قائمة إذا وقعت خسائر أمريكية أو شنت غارة أمريكية في غضون اقل من شهر.

وحارب أوباما على الحديد من الجبهات ضد المليشيات، أكثر من بوش أو بيل كلينتون. وأشار مسؤولون في البنتاجون إلى أن ذلك هو "الوضع الطبيعي الجديد". لكن بالنسبة لهؤلاء الذين عملوا في إدارة أوباما، جاء ذلك جراء التجربة الصارمة.

يقول فيليب اتش غوردون، الذي عمل في البيت الأبيض من 2013 إلى 2015، "كمنسق شؤون الشرق الأوسط، شعرت بالتأكيد أنها كانت وتيرة حرب".

حتى الآن يفرق غوردون ومسؤولون اخرون بين الحروب في القرن الحادي والعشرين وتلك التي كانت في القرن العشرين. حيث أن الكونجرس لم يخول أي من حملات أوباما، خاصة إعلان حرب – وهو أمر لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية.

يقول غوردون "الحرب لم تعد موجودة، في مفرداتنا الرسمية".

وتقول نيويورك إنه لم يتضح بعد ما إن كان خليفة أوباما سوف يسير على نفس النهج أم لا. فالمرشحة المحتملة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أكثر تقبلا للدخلات العسكرية المثيرة للجدل من أوباما. أما منافسها المحتمل على الرئاسة الجمهوري دونالد ترامب فقد تعهد بقصف الدولة الإسلامية إلى غياهب النسيان، رغم أنه بعث برسائل متعارضة حول استعداده لنشر قوات أمريكية في النزاعات الأجنبية.

يقول المؤرخون العسكريون إن الرؤساء سوف يستمرون على ما يحتمل في تضييق أو توسيع تعريف الحرب لملائمة أهدافهم السياسية.

يقول ريتشارد اتس كوهن، الأستاذ الفخري للتاريخ والسلام والحرب والدفاع في جامعة نورث كارولينا، "لا كلينتون ولا أوباما عرفا نفسيهما بأنهما رؤساء حرب، لكن بوش فعل ذلك".

وقال "الحرب تعود إلى التجربة البشرية على مدى آلاف السنين. نعلم أن لها العديد من التعريفات".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان