بوضوح .. صاروخ بصاروخ

07:01 م الأحد 21 يناير 2024

سليمان جودة

رد فعل باكستان على ما قام به الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي الباكستانية يقول أشياء كثيرة ، ولكن أهم ما يقوله أن ما تمارسه ايران في الإقليم ليس كله مأمون العواقب .

إعلان

والقصة في أنحاء الإقليم بدأت مع الحرب الوحشية التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر ، فمن بعدها راحت حكومة المرشد الإيراني علي خامنئي تحرك أكثر من ورقة لها في أكثر من إتجاه ، وكانت في كل مرة تريد أن تقول أن لها أوراقها في أرجاء المنطقة ، وأن هذا من شأنه أن يعظم من مكاسبها السياسية من حولها .

وليست الهجمات العشوائية التي بدأت جماعة الحوثي شنها على سفن الشحن العابرة من جنوب البحر الأحمر ، إلا ورقة ايرانية من بين هذه الأوراق ، لأن علاقة الجماعة بإيران ليست خافية على أحد ، ولأن الطرفين يعلنان عنها في مناسبات مختلفة دون حرج .

بالطبع تقول الجماعة إنها تشن هجماتها انتصاراً لأهل غزة ، ولكن لم يثبت حتى الآن أن الهجمات كان لها أي أثر في هذا الإتجاه ، وبالتالي ، تظل للهجمات أهداف أخرى خفية بخلاف هذا الهدف الظاهر أمامنا .

ولم يختلف الهجوم الذي قام به الحرس الثوري الإيراني على أهداف في أربيل شمال العراق عن موضوع الحوثي في اليمن ، فلقد قيل أن الهجوم الذي أطلق عشرة صواريخ كان على مركز تجسس اسرائيلي هناك في أربيل ، ولكنه كلام إيراني قيل رداً على احتجاج الحكومة العراقية ، ولا يزال كلاماً لأنه لا دليل عليه ولا برهان .

وما بين الحوثي في جنوب القارة الأسيوية ، وأربيل في شمالها ، كانت هناك أوراق إيرانية أخرى متحركة من سوريا حيث شنت إيران هجمات ضد أهداف على الأراضي السورية ، إلى المحيط الهندي في جنوب الهند حيث استهدفت سفينة شحن كانت تمر فيه .

وقد وصل الحال بحكومة المرشد في هذا التصعيد المحسوب ، إلى حد أنها قالت أنها قادرة ليس فقط على تعطيل حركة التجارة الأوربية المارة في البحر الأحمر من خلال هجمات الحوثي ، وإنما قادرة أيضاً على تعطيلها عند مضيق جبل طارق ، إذا ما دارت حركة التجارة هذه حول أفريقيا ووصلت الى غرب البحر المتوسط عند باب المضيق !

وفي كل هذه المرات كانت حركتها لا تجد رد فعل ، إلا في المرة الباكستانية التي أطلق خلالها الحرس الثوري صواريخ على أهداف في منطقة بلوشستان الحدودية بين باكستان وإيران ، وقال أن الهدف هو جماعة جيش العدل المسلحة التي تعمل ضد ايران وتتخذ من هذه المنطقة مقراً لها .

بعد إطلاق صواريخ الحرس الثوري بساعات كانت صواريخ باكستانية تنطلق من باكستان على أهداف داخل ايران ، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن الصواريخ هي على جماعة انفصالية تتخذ من الأراضي الإيرانية مقراً لها ، ولم تشأ الوزارة أن تكتفي بذلك في بيانها ، ولكنها أضافت فقالت بوضوح : صاروخ بصاروخ ولا نريد الحرب .

وفي مرحلة تالية حذر الجيش الباكستاني إيران من أي مغامرة غير محسوبة ، وكان تحذيره مما يجب أن تنصت إليه حكومة المرشد جيداً ، لأن جيش الباكستان ليس كأي جيش ، ولأن الإيرانيين يعرفون ذلك جيداً .

ردت باكستان على إيران بمبدأ " المعاملة بالمثل " الذي تعرفه الدول على المستوى الدبلوماسي ، فطردت السفير الإيراني واستدعت سفيرها ، ومن الواضح أن " الرسالة " التي أرادتها باكستان قد وصلت طهران ، ولكن ليست كل الدول من حول إيران قادرة على أن ترسلها .

إعلان

الأخبار المتعلقة