إعلان

أهون ما في الموضوع!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

أهون ما في الموضوع!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 06 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أذاعت منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين بڤيروس "كورونا" بلغ حتى صباح اليوم الثاني من هذا الشهر، ١٧١ مليونًا، و٩٦ ألفًا، و٦٩٥ مصابًا على مستوى العالم!.. وقالت إن عدد الوفيات بسبب الڤيروس وصل حتى صباح اليوم نفسه إلى ثلاثة ملايين، و٦٨١ ألفًا، و٩٨٥ حالة بين مختلف الدول!.

في ذات اليوم كانت منظمة العمل الدولية، التابعة شأنها شأن منظمة الصحة العالمية للأمم المتحدة، تقول إن وباء "كورونا" أغرق مائة مليون عامل إضافي في الفقر، بسبب تراجع عدد ساعات العمل، وبسبب غياب فرص العمل الجديدة!.

وفي ذات اليوم كذلك، كانت منظمة "كيدز رايتس" تذيع في تقرير منشورًا لها، أن تداعيات الوباء طالت الملايين من التلاميذ حول العالم، وأن هذه التداعيات يمكن أن تضع العالم في المستقبل أمام ما تسميه المنظمة: كارثة جيل كامل!.

وفي ذات اليوم أيضًا كانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نشرت صورة هي أقوى من كل كلام، وهي تعبر عن شيء يعجز الكلام عن أن يقوله أو يشير إليه!.

كانت الصورة لطابور طويل من الأشخاص، وكان كل واحد في الطابور يمد يده، وكان هناك شخص يقف في أوله ويضع ما يستطيعه من المساعدات في يد كل شخص يأتي دوره بين المُصطفِّين أمامه.. وكان الطابور طويلًا في الصورة حتى لا تكاد ترى له نهاية!.

كان الطابور في الهند، وكان الواقفون فيه من العمال الهنود، وكانوا ممن فقدوا أعمالهم بسبب الوباء، وكانت الحكومة قد قررت مساعدات لهم، وكانوا قد اصطفوا واحدًا وراء الآخر في انتظار أن يحصل كل واحد منهم على ما يستطيع به أن يبقى على قيد الحياة!.

كانت الصورة أبلغ تعبير عن عواقب هذا الضيف الثقيل المسمى "كورونا" على عالمنا المعاصر.. فالأرقام التي تعلنها الصحة العالمية عن أعداد الوفيات والمصابين ربما تكون هي أهون ما في الموضوع؛ لأن هؤلاء المصابين والوفيات ليسوا هم الضحايا في حقيقة الأمر.. الضحايا الحقيقيون هم هؤلاء الذين اصطفوا في طابور المساعدات الهندي وأمثالهم، وهُم الطلاب الذين طالهم أذى الوباء في تعليمهم، وليس في أجسادهم بالمعنى المباشر، وهُم الذين فقدوا أعمالهم بتأثير من "كورونا"، وهُم الذين تراجعت مداخيلهم لما تراجعت ساعات العمل في أيام فرض الحظر والإغلاق على الناس!.

وسوف يظل الحديث عن أعداد المصابين والوفيات باعتبارهم الضحايا للوباء نوعًا من التبسيط الشديد في رؤية ملامح الأزمة على حقيقتها!.

وربما لهذا السبب كانت الحكومات على اختلافها تقاوم حكاية الإغلاق والحظر بكل طريقة، وكانت لا تلجأ لأي منهما إلا خيارًا أخيرًا، لا غنى عنه ولا بديل، وكانت تراهما نوعًا من الدواء المر الذي تتجرعه الشعوب في مواجهة "كورونا"، وهي مضطرة!.

وإلى أن تنجلي هذه المعركة الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الصين حول منشأ "كورونا"، وما إذا كان الڤيروس قد انطلق من سوق الحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية أم من معهد الڤيروسات فيها، فإن أفضل شيء يعبر عن المشهد في مجمله هو العبارة التي تقول: الأفيال تتصارع والعشب يتكسر!.

إعلان