إعلان

 شيء غامض لا نعرفه!

سليمان جودة

شيء غامض لا نعرفه!

سليمان جودة
07:24 م الأحد 13 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ما معنى أن تحتفل الحكومة في الصين بالانتصار على ڤيروس كورونا، وأن يقام الاحتفال صباح الثلاثاء ٨ سبتمبر في العاصمة بكين، وأن يحضره الرئيس شي جينبينج شخصيا؟!

هل انتهى الوباء هناك؟ وإذا كان قد انتهى، فماذا عنه في بقية دول العالم؟

وكيف تضمن الصين ألا يعود إليها من جديد مع بدء الخريف الذي تفصلنا عن بدايته أيام؟!

أسئلة كثيرة تجد نفسك أمامها وأنت تطالع الصورة المنشورة للرئيس الصيني مع أربعة من أفراد الطاقم الطبي الصيني، الذين وصفتهم حكومتهم مع زملاء آخرين لهم بأنهم أبطال. لقد وضعت الحكومة النياشين على صدورهم، وظهروا بها في الصورة مع الرئيس الذي وزع عليهم الجوائز، ثم أطلق العبارة التالية: "قدنا معركة كبيرة ضد الوباء واجتزنا اختباراً تاريخيا".

ومع هذه الصورة كانت هناك صورة أخرى ظهر فيها الرئيس الصيني وهو يكرم مدير مستشفى مدينة ووهان الصينية، التي لا تزال توصف بأنها أول مدينة في العالم يظهر فيها كورونا، وأنها هي التي خرج منها هذا الوحش الذي أرعب العالم، ولا يزال كذلك.

وبالتوازي مع هذا الاحتفال الغريب بالأبطال، نشبت معركة في الولايات المتحدة الأمريكية حول تسريبات من كتاب جديد سيصدر هذا الأسبوع تحت عنوان من كلمة واحدة هي: غضب!

الكتاب للصحفي الشهير بوب وودورد، ويكشف عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلل من خطورة الڤيروس في تصريحاته عن قصد، مع أنه كان يعرف أن كورونا أخطر من الأنفلونزا الموسمية العادية، وأنه يقتل عدداً من المصابين به، وأنه سريع الانتشار، وأنه ... وأنه ... إلى آخر ما نعرفه جميعاً عن هذا الضيف الثقيل الذي فاجأ العالم بدايات هذه السنة، ولا يريد أن يفارقه!

الغريب أن ترامب يعترف في الكتاب بأنه بالفعل راح يقلل من خطر هذا الڤيروس، وأنه كان يفعل ذلك عن هدف، وأن هدفه كان ألا ينشر الفزع والرعب بين الأمريكان!

وهو منطق وجيه على كل حال في جانب كبير منه، لأن المشكلة مع بدء انتشار الوباء كانت في حالة من الخوف الشديد رافقت انتشاره، وليس فيه في حد ذاته!

ولكن يبقى الاحتفال الصيني مثيراً للجدل حقاً؛ لأن العبارة التي ذكرها الرئيس الصيني وهو يكرم عدداً من أبطال بلاده في معركة الانتصار هي عبارة بصيغة الماضي!

فالعبارة تقول إن الصين أنجزت، وانتصرت، وقادت. والمعنى أنها تتحدث عن معركة انتهت!

فهل هي كذلك بالنسبة للصين؟! وإذا كانت كذلك، فما هو بالضبط الشيء الذي يجعل الرئيس شي مطمئناً إلى هذه الدرجة، وواثقاً بأن الڤيروس اللعين لن يعاود الظهور من جديد على أرض الصين؟!

إن منظمة الصحة العالمية لا تتوقف من مقرها في جنيڤ السويسرية عن التحذير من الموجة الثانية القادمة التي ستكون في الخريف أو في الشتاء، وستكون أعنف من الأولى حسب كلام المنظمة!

ولست أجد رداً على هذا كله سوى المظاهرات الحاشدة التي طافت عدداً من الشوارع والميادين في العاصمة الكرواتية زغرب، وكانت بالتوازي مع الاحتفال الصيني تدعو الناس في كرواتيا إلى نزع الكمامة، ثم إلى العودة لحياتهم الطبيعية التي عرفوها في زمن ما قبل كورونا.

حدث هذا قبل أيام، ورفع المتظاهرون من الشعارات واللافتات ما يشير إلى أنهم يرون في ڤيروس كورونا أكذوبة ضخمة، وأن تضخيمه عالمياً تم، ويتم عن قصد، وأن على كل الناس في كل مكان ألا يلتفتوا إلى الكلام الفارغ الكثير الذي يقال عن كورونا، وعن خطورته، وعن قدرته على القضاء على الذين يصابون به، أو القضاء على نسبة منهم على الأقل.

المهم في هذه المظاهرات في زغرب أنها بدت تلقائية، وبدا المشاركون فيها أقرب إلى تصديق إحساسهم الفطري الذي لا يكذب في العادة، أكثر منهم امتلاكاً لمعلومات تؤيد ما يقولون به وتؤكده!

ليس هذا معناه أنه لا يوجد شيء اسمه كورونا. بالعكس هو موجود دون شك.. ولكن المشكلة كانت دائماً في التخويف منه إلى حد الهستيريا.

والمشكلة كانت في إحساس الكثيرين بأن وراء التخويف شيئاً غامضاً لا نعرفه، وسنعرفه بالتأكيد ذات يوم!

وسوف يظل ملف هذا الوباء يكشف عن الجديد في كل يوم حتى نطالع آخر ورقة فيه!

فمتى يرى العالم ما لا يراه في هذا الملف الغامض؟!

إعلان