إعلان

  مدبولي وعامر.. حواران كاشفان

د. سامي عبد العزيز

مدبولي وعامر.. حواران كاشفان

د.سامي عبد العزيز
09:13 م السبت 12 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعت مباشرة حوار د. مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في المؤتمر الصحفي يوم الثلاثاء، وحوار طارق عامر، محافظ البنك المركزي، على صدى البلد يوم الأربعاء.

ثم تابعت ردود الأفعال عنهما عبر المواقع الإخبارية وصفحات السوشيال ميديا، فتأكد لي كمواطن، ثم كأحد العاملين في مجال الإعلام وفنون الاتصال ما يلي:

أولاً: حينما يرتفع الحس الوطني والإحساس بالمواطن والإلمام بالواقع يأتي الحديث متفاعلاً ومؤثراً.

هكذا جاء حوار د. مصطفى مدبولي وهو يعرض سياسة الحكومة في التعامل مع قضايا التعدي والبناء المخالف للقانون، ومن قبلها الذي يحقق خسائر فادحة لكل الناس.. 40 رسالة واضحة أعلن عنها مدبولي بترتيب أهميتها.

العرض التاريخي الأمين لهذه الظاهرة والأرقام المدققة.. فلا هدم لمنزل مأهول بالسكان مما يضرب بقوة في الصور المركبة من جانب الإعلام الإخواني المضاد.. تحديد المسئولية المباشرة للمخالف مما فك الاشتباك والارتباك بين من يدخلون في دائرة المخالفات.. إعادة النظر في قيم المخالفات وتقسيمها إلى شرائح تتناسب وطبيعة المخالفة والقدرة المالية.. الأهم من ذلك كله في نظري هو إعلانه عن إعداد منظومة جديدة واستخراج أرقام قومية لكافة شقق الدولة.. هذا من الجانب التنظيمي والإداري.

أما من الجانب السياسي، فكون الدولة تستمع، وتنصت لصوت الناس، وتفتح باب الحوار الإيجابي والتسامح والتصالح فذلك يرفع من درجة تقبل الناس الإجراءات وتطبيق القانون عن قناعة وسماحة.

دون مبالغة أقول إن هذا الحوار من أقوى وأنجح حوارات د. مدبولي والذي يزداد كل يوم نضجاً في الأداء الإعلامي بهدوء، كما أن تعبيرات ولغة الجسد والوجه عند د. مصطفى مدبولي تعمق أداءه اللفظي وتقربه من الناس.. وترتيباً على ذلك أقول إن رسائل مدبولي لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، فلا بد من تناول كل رسالة وشرحها وتفسيرها إعلامياً ومتابعة تطبيقها على أرض الواقع.

فكم يكون الأمر جميلاً لو وجدنا على الشاشات والمواقع ومنها موقع مجلس الوزراء عداداً يومياً أو أسبوعياً يبين عدد حالات التصالح وهكذا تنجح السياسات الإعلامية في تجنب صناعة الأزمات.

ثانياً: الأمانة.. المهنية.. الصدق.. الاستقامة.. سمات أساسية كانت واضحة في حوار محافظ البنك المركزي طارق عامر مع أحمد موسى مساء الأربعاء.. أمانة في إعطاء كل ذي حق حقه حينما عرض كيف كانت مصر في عام 2015 مالياً واقتصادياً.. كانت بلدا على وشك الإفلاس.

أمانة في عرض كيف ارتعشت الأيادي والركب حينما وضع المركزي خطته وعرضها أمام الرئيس السيسي الذي أنصت، واقتنع وساند هذا التوجه، خاصة أنه ينقلنا إلى السمة الثانية وهي المهنية.

فطارق عامر برحلة عمله الطويلة لم ينطلق يوماً من أجندة سياسية، وإنما من تحليل علمي وواقعي، ومن ثم يتخذ سياساته، ولا أقول قراراته؛ لأن القرار- وأنا شاهد على ذلك- كان حريصاً على أن يكون جماعياً، على مستوى نوابه وقيادات المركزي ومدعوماً من القيادة السياسية.

وتمتد المهنية إلى أن طارق عامر جعل الأرقام والحقائق والمقارنات هي قلب حواره وعرضه المبسط لمفاهيم ومصطلحات غاية في الصعوبة مما يوضح أن الرجل أعد نفسه لحوار عام، وهو يعرف أن المشاهدين متنوعون منهم البسيط، ومنهم الخبير، ومنهم المتربص... إلخ.

والصدق تجلي في اعترافه بفضل من سبقوه، وعلموه، وشاركهم في رحلة الإصلاح، وعلى رأسهم المعلم الكبير د. فاروق العقدة.

وبلغ الصدق منتهاه حينما أوضح أن هناك من قاوم التغيير لأسباب شخصية أو مصالح أو فساد، ومن هنا أنتقل إلى الاستقامة مع النفس ومع الآخرين ومع قيادته السياسية وقبل كل ذلك مع ربه.. بأمانه شديدة حوار أعتبره وثيقة تاريخية، لا بد من توثيقها مطبوعاً ومرئياً فذاكرة الشعوب كما السمك.

أقول ذلك لأني كنت محظوظاً حينما عشت جزءاً كبيراً من السنوات الأربع الأولى لتولي طارق عامر منصبه، ورأيت بعيني خلية نحل داخل المركزي تبدأ عملها من الثامنة صباحاً حتى ساعات الفجر أحياناً.. وصدق الله العظيم القائل في كتابه: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا".

إعلان