إعلان

ليس بجديد على هذا الرجل

د. سامي عبد العزيز

ليس بجديد على هذا الرجل

د.سامي عبد العزيز
07:00 م السبت 08 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعت مداخلات طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في الاجتماع السنوي لمحافظي صندوق النقد والبنك الدوليين، بشأن الدول الأفريقية.

المؤتمر كان اقتراضياً، أي عبر الفيديو كونفرانس، لم أستغرب أقواله المباشرة والجادة، منها أن التمويل المقدم من المؤسستين لا يمثل المطلوب لانتشال الدول من أزمتها الاقتصادية، ومنها عدم التوازن وغياب العدالة في التناسب بين حجم التمويل البالغ ثلاثة مليارات دولار مقارنة بحجم واردات السوق الأفريقية من الدول الكبرى والذي بلغ مؤخراً ما يقارب 550 مليار دولار من السلع والخدمات، ومنها مطالبته بفتح المفاوضات مع الدول السبع الاقتصادية الكبرى فيما يتعلق بالتدفقات المالية غير المشروعة التي تفقدها القارة الأفريقية لصالح الدول المتقدمة، ومن ثم حتمية إيقاف استنزاف موارد هذه القارة من تهريب خارج أفريقيا.

ولأن طارق عامر وبحكم رئاسته العام الماضي لاتحاد البنوك المركزية ملم ومتفهم للواقع الأفريقي، فعلى الدول المتقدمة إعادة النظر في تغيير منهجها في التعامل مع أفريقيا في ظل انفجار أوضاع الفقر فيها.

واستكمالاً لأساليب التفكير المتوازنة لهذا المهني المحترف دعا الدول الأفريقية إلى ابتكار حلول جديدة لمبادلات العملات الأجنبية وتقديم ضمانات لتمكين الدول الأفريقية من الاقتراض بشروط ميسرة.

وقد وجدت كلمات المحافظ طارق عامر صدى إيجابيا من الدول الأفريقية خاصة

أن جهود البنك المركزي التي لا تزال مستمرة أثمرت إنجازات حقيقية، فالكل يعرف مبادرات المركزي في إطلاق أكبر شبكة مصرفية تكنولوجية عبر أفريقيا، وتلاها تأسيس أول شركة من نوعها في ائتمان المخاطر المصرفية لخدمة القارة الأفريقية.

والكل يعرف أن المبادرات والأجندة التي وضعها الرئيس السيسي حينما تولى رئاسة اتحاد أفريقيا كم هي ثرية ومتنوعة وطموحة لصالح أبناء القارة الغنية من ناحية والمنهوبة من ناحية أخرى.

وحينما أقول ليس بجديد على الرجل الوطني طارق عامر، فأنا أعنيها تماماً، فليست هذه هي المرة الأولى للمحافظ الذي يعرف قدر بلده ومكانة قيادته السياسية، فالكل يعرف أنه قال حرفياً للسيدة كريستين لاجارد، المدير السابقة لصندوق النقد الدولي، وفي ذروة التفاوض على القرض لمصر، أن مصر بتاريخها وقدراتها ومقوماتها وبرنامجها الإصلاحي تستحق ما هو أكثر من 12 مليار دولار، ومصر وعلى رأسها رئيسها لن تخضع لشروط مجحفة، بل قال إن هناك بلادا كلها فساد وهزات وأخذت أضعاف هذا القرض.

إن مثل هؤلاء الرجال يجعلونني أثق بأن قيادتنا السياسة تقدر أوزان وخبرات وعقول من تستعين بهم في إدارة أمور البلاد.

وأقولها ولأول مرة إنه من المؤكد أن الرئيس السيسي رأى في د. مدبولي ذي الشخصية الهادئة ما يجعله محل ثقة ودعم حقيقيين، فها هي الأيام تثبت ذلك، فالكل يعرف ويشهد بصمود مصر حتى الآن أمام أكبر أزمة هزت كيانات لم يصدق أحد أبداً أن تهتز.

أقول هذا وأنا أبعد ما يكون عن أي منصب أو علاقة رسمية أو مصلحة مع حكومة أو أية مؤسسة من مؤسسات الدولة، أقول هذا وأنا في عزلة إجبارية جعلتني أتأمل وأقول كلمة حق في حق من يستحق.

يا سادة، إن ما شهده القطاع المصرفي في السنوات الخمس الماضية من تطوير في الأفكار والأساليب كان أحد أهم أسباب مشاعر الاطمئنان والثقة في الداخل والخارج.

أليس لنا مما يحدث في لبنان إشارات لمعنى استقلالية الأجهزة والمؤسسات المالية والنقدية، في مقابل قانون البنوك الجديد الذي وضع من الضوابط والمعايير ما يزيد من شفافية وحوكمة الأعمال المصرفية مع عدم الإخلال بالاستقلالية؟!

أليس لنا إشارات فيما يحدث في تركيا من انهيار العملة مقابل الاتزان والاستقرار والمرونة الطبيعية لقيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية؟!

يا سادة، دعونا نقُل لمن يتحمل المسئولية بصدق وإيمان بقيمة وقدر بلده: أكمل ونحن معك.

وحينما أقول أكمل، فأنا أعنيها، فمن المؤكد أننا ما زلنا نحتاج إلى دفعات تطوير في عديد من المجالات.

وهنا أقول لكل واحد منا قول الله- سبحانه وتعالى: "... إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم...".

إعلان