إعلان

كيف نحمي ظهر مَن يقاتلون في سيناء؟

د. أحمد عمر

كيف نحمي ظهر مَن يقاتلون في سيناء؟

د. أحمد عبدالعال عمر
07:31 م الأحد 31 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

انتهى مسلسل "الاختيار" الذي عرض لبطولات ضباط وجنود الكتيبة 103 صاعقة في ملحمة "كمين البرث"، وعلى رأسهم الشهيد أحمد صابر منسي، بعد أن نجح في تحقيق أهداف مهمة على مستوى الوعي الجمعي المصري، لعل أبرزها أنه عرّف المصريين ببطولات وتضحيات أبطال من الجيل الحالي في معركتنا جميعا ضد الإرهاب والتكفيريين، وهم أبطال يستحقون أن يظلوا أحياءً في ذاكرتنا الوطنية، وأن تُحفر أسماؤهم بحروف من نور في وجدان وتاريخ المصريين.

كما أن المسلسل نجح في ربط سيناء عاطفيًا بالوادي، وتكريس حضورها الرمزي في وجدان ووعي الأجيال الجديدة من المصريين، وفي تعريفهم أن سيناء تمثل جزءًا عزيزًا من تراب مصر، كان، ولا يزال يتعرض لتهديدات ومخاطر كبيرة، وأن على أرضها ودفاعًا عنها سالت ولا تزال تسيل دماء أشرف وأنبل أبناء مصر.

وهذا مكسب وطني كبير، بعد أنِ اخْتُزلت سيناء في وعي الأجيال الجديدة إلى مناطق سياحية ومدن ترفيهية، مع نسيان قيمتها ودورها في حماية الأمن القومي المصري. ونسيان رمزيتها الوطنية وبطولات وتضحيات الأجداد والآباء الذين رووا أرضها بدمائهم، وحافظوا على مصريتها ووحدتها وأمنها.

وإلى جانب هذا، فإن المسلسل قد كشف لنا عن حقيقة مهمة وموجعة، وهي أن ظهر الشهيد أحمد صابر منسي ورجاله كان مكشوفًا وهم يقاتلون على جبهة سيناء، وأنهم خاضوا بشرف معركتهم ضد الإرهابيين والتكفيريين، مدفوعين بإحساسهم العميق بالواجب، في حين تقاعس غيرهم عن أداء واجبهم وخوض معاركهم المفتوحة على جبهات عديدة في القاهرة والوادي والدلتا والإسكندرية لحماية ظهر مَن يقاتلون في سيناء، ومنها على سبيل المثال:

معركة إعادة بناء الإنسان المصري بعد عقود من التدهور والانحدار. والتشوه المعرفي والقيمي والمهني.

معركة إصلاح التعليم والثقافة، وتجديد الفكر والوعي، وإعادة بناء المنظومة القيمية والمعرفية على أسس وطنية وعصرية سليمة.

معركة إشاعة وترسيخ حضور مفهوم الدولة الوطنية المدنية، وتنمية قيم الانتماء والولاء للوطن قبل أي انتماء أو ولاء آخر.

معركة محاربة الفساد، وإعادة بناء الاقتصاد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، من أجل استعادة الدور والمكانة والريادة التاريخية.

معركة وضع الرجل المُناسب في المكان المُناسب، وإعادة بناء القدوة والمثل الأعلى، وإزاحة مَن لا خير فيهم من الشماشرجية والفهلوية وأنبياء الوطنية الزائفين ورجال كل العصور.

وهي معارك يجب أن يقوم بها رجال مدنيون، ولا غنى عنها لحماية ظهور العسكريين ورجال الشرطة المصريين؛ لأنها سوف تقوم بتجفيف منابع التطرف والإرهاب، عبر غلق المنافذ الدينية والفكرية والنفسية التي تمد التنظيمات الإرهابية بعناصر جديدة من الناقمين على الدولة من الجهلاء وجياع العقول الإسلاميين الذين جعلوا الدين في عداء مع الدولة الوطنية، وصاروا ألعوبة في يد دول معادية وأجهزة استخباراتية تسعى لإضعاف وهدم الدولة المصرية.

إعلان