إعلان

أدعو مدبولي وعامر معاً !

الكاتب سليمان جودة

أدعو مدبولي وعامر معاً !

سليمان جودة
07:07 م الأحد 02 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أجمل خبر سمعته، هذه الأيام، هو ما أعلنه طارق عامر، محافظ البنك المركزي، عن طبيعة العلاقة في المستقبل بين الحكومة المصرية من جانب، وصندوق النقد الدولي من جانب آخر!

كان عامر يتحدث، مساء الثلاثاء الماضي، على قناة دي إم سي، فقال إن الصندوق عرض على الحكومة قرضاً جديداً، وإنها رفضت الحصول على قرض جديد منه، وإن البنك المركزي شارك الحكومة هذا الرفض؛ لأن البلد ليس في حاجة إلى تمويل آخر من صندوق النقد!

وهذا نبأ يبعث على السرور دون شك، ولعدة أسباب، منها أن الحكومة ترى أننا وصلنا إلى وضع اقتصادي متماسك، لا نحتاج معه إلى عقد اتفاق قرض جديد، من نوع الاتفاق الذي عقدناه في ٢٠١٦، وحصلنا بمقتضاه على قرض قيمته ١٢ مليار دولار على دفعات!

من بين دواعي السرور كذلك أن الصندوق هو الذي يعرض هذه المرة أن نحصل منه على قرض آخر، وأننا نحن الذين نتمنع، ونرفض، وأكاد أقول نتدلل؛ لأن الوضعية التي يرتكز عليها اقتصادنا لا تدعونا إلى التفكير في الحصول على تمويل جديد!

ولا بد أن علينا أن نمسك الخشب كما يقال في موروثنا الشعبي، حتى لا تصيب عين حسودة اقتصاد البلد، فتنال منه ومن حالته الراهنة!

وهناك سبب مضاف للسرور هو أن المحافظ قال في حديثه المذاع إننا لو احتجنا تمويلاً في مستقبل الأيام، فسوف نلجأ إلى الأسواق الدولية لا إلى الصندوق.. وهذا كلام يشير إلى قدر كبير من الثقة بالنفس لدى الرجل الجالس على قمة البنك المركزي، والمسئول بحكم منصبه عن السياسة النقدية في بلدنا!

وقبل ثلاثة أسابيع، كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد دعا إلى لقاء في مكتبه مع عدد من رؤساء التحرير والكُتاب، وكنت قد سألته في القضية ذاتها التي تكلم فيها المحافظ في برنامجه التليفزيوني، فقال كلاماً مماثلاً لما ذكره عامر!

ومما أضافه مدبولي في أثناء اللقاء أن العلاقة بيننا وبين الصندوق لن تنقطع، ولكنها ستكون علاقة في الجوانب الفنية أكثر منها في القضايا التمويلية، وأننا ربما نحتاج خبرته في المسائل ذات الطابع الفني، وفي المقدمة منها إصلاح عدد من شركات القطاع العام على سبيل المثال!

وفي الحالتين، حالة الدكتور مدبولي، وحالة المحافظ عامر، يبدو الأمر باعثاً على التفاؤل على المستوى الاقتصادي بالذات، ويبدو أن المرحلة الأصعب من برنامج الإصلاح الاقتصادي قد مرت في سلام، ويبدو أن الحكومة سوف تركز في المرحلة المقبلة على أن يشعر آحاد الناس بحصيلة هذا الإصلاح في حياتهم اليومية!

لقد استطاع هذا الشعب أن يتحمل الكثير من الصعاب على المستوى الاقتصادي، خلال المرحلة الممتدة من نوفمبر ٢٠١٦ حين بدأت خطوات الإصلاح إلى اليوم، وكان هذا التحمل بطولياً بشهادة الرئيس السيسي نفسه في أكثر من مناسبة، والإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة بطبيعته، وذلك لن يمنع أن يشعر المصريون في الغالبية منهم مستقبلاً بشيء من التحسن في مستويات الحياة!

حديث المحافظ في التليفزيون يدعو إلى الأمل، وكلام رئيس الحكومة في لقاء الكُتاب ورؤساء التحرير من قبل يدعو إلى الشيء نفسه، وكلاهما مدعو في تقديري على طول الفترة القادمة إلى بث مثل هذا الأمل بين الناس، عن طريق خطوات وإجراءات عملية يستنتج منها كل مواطن أن اقتصاد بلاده قد وقف على قدميه، وأنه وصل إلى درجة يستطيع معها الحركة بحيوية، دون حاجة إلى الصندوق، ولا إلى قروض الصندوق !

لقد أعلن الصندوق، صباح الخميس الماضي، أنه توصل مع الأردن إلى برنامج إقراض جديد، قيمته مليار و٣٠٠ مليون دولار على أربع سنوات، وتفكر تونس منذ فترة في برنامج إقراض جديد معه أيضاً، ولكننا في المقابل رفضنا عرضاً منه بعد انتهاء البرنامج القديم!

وهذا مما يجب أن نذكره.

إعلان