إعلان

من يعيد لهؤلاء العمال حقوقهم المهضومة؟

د. عمار علي حسن

من يعيد لهؤلاء العمال حقوقهم المهضومة؟

د. عمار علي حسن
09:00 م الأربعاء 11 سبتمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هاتفني عامل من شركة " كليوباترا لصناعات مواد البناء" التي تتخذ من منطقة بني خالد في سمالوط بالمنيا مقرا لها، وراح يشكو بمرارة ما جرى له ولزملائه، ولأني أعرف المكان لأنه قريب من مسقط رأسي، وصوت الرجل ذكرني بأصوات أهل قريتي الطيبين ، لم أجد أمامي سوى وعده بالكتابة عن مشكلته وزملائه، لاسيما أن محاميهم الأستاذ محمد كمال سبق أن تحدث معي في تفاصيل هذه القضية.

وقبل كل هذا فإن هذه هي حالة متكررة لدى عمال كثر في مصانع وشركات عديدة، وبذا يمكن اعتبار ما سيرد في هذا المقال أشبه بمثال يضرب، أو دراسة حالة تقدم، بوسعها أن تنسحب على مواضع وأوضاع متشابهة.

المشكلة باختصار أنه بعد بيع الشركة المذكورة لشركة أسمنت حلوان، تم النيل من حقوق العمال، وفق دعواهم القضائية، بدءا من الأجور والعلاوات الدورية وأقساط شركة التأمين إلى العلاج والوجبات اليومية، وهم الذين أعطى أغلبهم عرقه وخبرته لصالح هذه الشركة، في ظروف عمل شاقة للأبدان والأذهان والنفوس.

وبدأت المشكلة في العاشر من سبتمبر 2018، حين بدأ الإفصاح بالبورصة والمواقع الإلكترونية عن نية بيع مصنع الأسمنت الأبيض، وتم البيع بالفعل، وانقسمت الشركة إلى اثنتين: الشركة القاسمة، وهي شركة أسمنت حلوان، والثانية المقسومة، وهي شركة كليوباترا لصناعات مواد البناء تحت الإدارة ذاتها، فمع هذا الانقسام بدأت رحلة الانتقاص من حقوق العمال.

ويقول المحامي محمد كمال إن موكله قد "فؤجئ بتوالي الجور على حقوقه، بداية من الوجبات المقررة والعلاج والعلاوات والتوقف عن سداد التأمين للشركة الخاصة GIG وإلغاء مكافآت أشهر المناسبات ومنع الوجبات التموينية الشهرية والتلاعب بعدد ساعات العمل المقررة قانوناً ومحاولة زيادتها والتمييز غير المبرر بين العاملين، من حيث صرف المستحقات، وعدم تسليم مفردات المرتب، ثم عدم صرف كامل أجره متأخراً سبعة أيام عن موعده الطبيعي والذي لا يمثل سوى ربع المرتب الذي كانوا يتقاضونه من قبل، وهو ما يخالف بنود الإتفاقية الجماعية المبرمة قبل البيع في 1/ 10/ 2018 والتي من المقرر انتهائها في 30/9/2021، وكل تلك الأمور التي تعد في مجملها إجباراً للمدعي على الإستقالة".

وبالطبع فإن هذا يتناقض مع المادة الثامنة من قانون العمل رقم 12لسنة 2003 التي تنص على أنه "إذا تعدد أصحاب العمل كانوا مسئولين بالتضامن فيما بينهم عن الوفاء بالالتزامات الناشئة عن هذا القانون، ويكون من تنازل له صاحب العمل من الأعمال المسندة إليه كلها أوبعضها متضامناً معه في الوفاء بجميع الالتزامات التي تفرضها أحكام هذا القانون".

كما يتناقض ما تم مع المادة التاسعة من القانون نفسه، التي تنص على أنه "لا يمنع من الوفاء بجميع الالتزامات الناشئة طبقاً للقانون حل المنشأة أو تصفيتها أو إغلاقها أو إفلاسها، ولا يترتب على إدماج المنشأة في غيرها أو إنتقالها بالإرث أو الوصية أو الهبة أو البيع، ولو كان بالمزاد العلني أو النزول أو الإيجار أو غير ذلك من التصرفات، إنهاء عقود إستخدام عمال المنشأة، ويكون الخلف مسئولاً بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن تنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عن هذه العقود".

ويطالب العمال بما يلي:

1 ـ صرف الوجبة الشهرية التموينية أو ما يعادل قيمتها المادية منذ شهر فبراير وما قد يستجد، والتي تقدر قيمتها بسبعمائة جنيه تقرييا في الشهر، بما هو متفق عليه في الإتفاقية الجماعية المبرمة في الأول من أكتوبر 2018 والسارية حتى الثلاثين من سبتمبر 2021.

2 ـ إلزام إدارة الشركة بعودة الرعاية الصحية والطبية للعاملين وأسرهم بأنواعها كافة من علاج دوري، وعلاج طوارئ، وعلاج عادي مع إلزامهم بأداء تعويض يقدر بعشرين ألف جنيه عن المنع، وذلك بالمخالفة لنص المادة 56 من اللائحة السارية .

3 ـ إلزام الإدارة بدفع مكافآت أشهر المناسبات والتي جرى على منحها للعاملين وهي منح شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، بواقع شهر من الأجر الأساسي طبقاً للإتفاقية الجماعية المشار إليها سلفا.

4 ـ إلزام إدارة الشركة بأداء فروق الأجر عن الشهور الفائتة والذي اقتصر على أساسي مع إلزام الإدارة بدفع خمسين ألف جنيه كتعويض لكل عامل عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التي أصابته بسبب ما فاته من كسب وما لحق به من خسارة.

5 ـ إلزام الإدراة بأداء ما تبقى من مكافأة بيع مصنع المنيا وقدرها ستة أشهر تحسب على الأجر الأساسي للعامل .

6 ـ إلزام الإدارة بإضافة العلاوة الدورية والتي تقدر بـــ7% من قيمة الأجر الأساسي على ذلك الأجر منذ شهر يناير حتى تاريخ رفع الدعوى القضائية.

7 ـ إلزام الإدارة بدفع الأقساط الخاصة بوثيقة التأمين المستحقة لشركة GIG .

8 ـ إلزام الإدارة بإطلاع العمال على عقد البيع ليقفوا على كامل حقوقهم، مع إلزام الشركة بتعويض قدره خمسين ألف جنيه جراء الغموض الذي شاب صفقة البيع وعدم وقوف العمال على حقوقهم منذ بداية البيع.

9 ـ ندب خبير للوقوف على حقيقة تلك الطلبات.

قبل أيام عُقد اجتماع ضم أطراف ثلاثة: ممثلو العمال، وممثلو الشركة، وممثلو وزارة القوى العاملة، الذين طالبوا الشركة بصرف الأجر الكامل للعمال، لأنهم يواصلون العمل في المصنع كل الوقت، وبطاقة كاملة، لكن ممثليها رفضوا هذا، وتمسكوا بصرف الأجر الأساسي فقط، إلى أن يفصل القضاء في الدعاوى التي رفعها العمال أمامه لينصفهم، ثم انسحبوا من الاجتماع، رافضين التوقيع على محضره.

لا أعرف من يملك هذه الشركة، ولم أقابل أحدا من العمال، لكنني متعاطف مع حقوقهم، بعد ما سمعته وفهمته من عامل طيب هاتفني قبل أيام، ومحام واعد يدافع عنهم، وما أعرفه وأدركه عن أحوال العمال كافة في بلادنا منذ أن بدأ برنامح الخصخصة وحتى اللحظة الراهنة. وأنا إن كنت قد أتيت على ذكر تفاصيل يرى البعض أن مكانها "صفحات الشكاوى" فإنني، وعلى العكس، أراها في صدر الصفحات الأولى، لأن ما نعتقد في أنه عابر وهامشي، هو جوهري وأساسي وأصيل في حياة الملايين من العمال.

إعلان