إعلان

مدينة إيزيس

د. أحمد عمر

مدينة إيزيس

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 04 أغسطس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

د. أحمد عمر

لا يترك الرئيس السيسي أي مناسبة عامة يُخاطب فيها المصريين حول الأوضاع الاقتصادية وضغوطها على الحكومة والمجتمع، دون أن يُشيد بالمرأة المصرية ودورها الأكبر في تحمل أعباء الإصلاح الاقتصادي، وتبعات القرارات الاقتصادية القاسية التي تم اتخاذها، وكانت ضرورة حتمية لإنقاذ الدولة.

كما يؤكد الرئيس السيسي دائمًا على أهمية دور المرأة المصرية في مسيرة العمل الوطني والإنساني، وعلى مشاركتها السياسية الواعية وإسهاماتها الاجتماعية المُتعددة والمُثمرة.

ولعل ما ذكره الرئيس في كلمته التي ألقاها خلال مشاركته في جلسة "دور المرأة في دوائر صنع القرار" خلال فعاليات مُنتدى شباب العالم، الذي أُقيم بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 4-10 نوفمبر 2017، هو أكبر دليل على ذلك، عندما قال: "إن المرأة المصرية في ثورة 30 يونيو كانت أكثر وعيًا وإدراكًا وتحركًا في مجابهة الفكر المتطرف، وخافت على بلدها وأولادها ومستقبلهم وكان تحركها واضحًا".

ولهذا، وفي سياق انشغال بعض الدوائر الرسمية والشعبية بالبحث عن اسم للعاصمة الإدارية الجديدة، فإني أجد أن هذا الاسم لا بد وأن يُستمد من تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا وشخصيتنا المُتعددة الأبعاد. كما لا بد له من أن يحتوي مضامين فلسفية ودينية وتاريخية وحضارية تُؤسس لطموحاتنا وأحلامنا لبلادنا، وتقوي قُدرتنا على مواجهة التحديات والمخاطر التي تستهدفها.

ولهذا أقترح أن يصبح اسم العاصمة الإدارية الجديدة، هو "مدينة إيزيس"؛ لأن فيه تكريمًا للمرأة المصرية عبر العصور، واعترافًا بفضلها ودورها الإنساني والاجتماعي والسياسي الذي يُشيد به دائمًا الرئيس السيسي.

كما أنه يحمل دلالات ثقافية وإنسانية وحضارية مصرية في منتهى الأهمية؛ فالإلهة "إيزيس" شخصية مصرية دينية وتاريخية مهمة؛ فهي الزوجة الوفية التي جمعت أشلاء زوجها الإله الحاكم "أوزوريس"، وأعادته إلى الحياة من جديد، بعد أن قتله أخوه "ست" إله الشر والعنف والفوضى، طمعًا في الحكم والسلطة، وقطع جسده إلى قطع صغيرة، وفرقها على أنحاء مصر.

وهي كذلك أم الإله الملك الحامي "حورس" الساحق لأعدائه، وصاحب العين اليقظة الحامية، والذي رمز له المصريون بصورة "الصقر"، وكان عندهم رمزا للخير والعدل والقوة والنظام والصرامة.

مع ضرورة أن نضع في اعتبارنا أن حضور "إيزيس" في ميراثنا الديني والثقافي والحضاري، لا يقتصر فقط على دور الزوجة الوفية التي أعادت زوجها للحياة؛ فقد كانت شريكة زوجها في الحكم، وهي التي علمته الفلسفة والطب والزراعة والكتابة والفنون. كما كانت رمزًا للعمل والعقل والخلق، وإلهة للحكمة والمعرفة. وهي أيضًا التي اكتشفت الزراعة وعلَّمتها للمصريين، كما علمتهم الكتابة وصناعة الخبز من الحنطة والشعير.

وبالتالي، فإن المرأة "إيزيس التي لا تُقهر" هي أفضل تعبير عن "روح مصر التي لا تُقهر"، وعن قدرتها على الخلق والإحياء وتجاوز كل لحظات ضعفها وهزيمتها. ولعل تسمية العاصمة الإدارية الجديدة باسمها، يكون نقطة البداية لإعادة الحياة والروح والدور والمكانة لمصر وشعبها، ورمزًا على تجاوز مصر لكل التحديات والمخاطر والمؤامرات التي استهدفتها في العقد الأخير.

إعلان