إعلان

دبلوماسية المماحكة: لا سلم ولا حرب !

محمد حسن الألفي

دبلوماسية المماحكة: لا سلم ولا حرب !

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 30 يوليو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

محمد حسن الألفي

يمكن بالفعل اختزال الموقف الدرامي الممل في مياه الخليج العربي وفي بؤرة مضيق هرمز على وجه أخص بأنه أسلوب الشوارع المفتوحة، يلجأ فيه الخصمان للتهديد والوعيد دون أن يبلغا نهاية الطريق وحائط السد .

كلاهما يتمنى ألا يتطور السباب إلى اشتباك بالأيدي والعصيّ والسكاكين. ورغم رداءة هذا اللون الممل من دراما الصراع بين الدول، فالعالم مضطر للمتابعة، فقد يصاب أحد الأطراف باللوثة إياها، ويركب دماغه، ويتخيل أنه ليس فقط بقادر على بدء حرب، بل لديه القدرة أيضا على إنهائها وحسمها لصالحه.

ما صورة الموقف الدرامي حاليا فوق مياه الخليج، وعبر مياه الأطلنطي، في أوروبا وفي واشنطن؟

توجد في مياه الخليج كل ألوان السفن التجارية، وبوارج حربية بريطانية وأمريكية غالبا ثم سفن حربية إيطالية. وفرنسا تراوح في مكانها نظرا لعلاقات دافئة مؤقتة مع إيران، لكنها ستنضم للقوة البحرية الغربية وكذلك ألمانيا .

وتوجد ناقلة بترول إيرانية محتجزة في قبضة بريطانيا، في مستعمرة جبل طارق تحت الحكم البريطاني. حجة بريطانيا في احتجاز الناقلة أنها تحمل بترولًا إلى سوريا، وفي ذلك انتهاك للقرارات الدولية بمعاقبة سوريا.

وفسرت السلطات البريطانية التفاف الناقلة عبر رأس الرجاء الصالح، دخولا في الأطلنطي فمرورا بجبل طارق دخولا إلى المتوسط ذهابا إلى السواحل السورية بأنه لتفادى المرور في قناة السويس، وهي ممنوعة لأنها معاقبة.

منذ احتجاز بريطانيا الناقلة الإيرانية وتهديدات الحرس الثوري لم تنقطع، بل نفذها بالفعل واستولى على ناقلة بريطانية، وأنزل عنها العلم البريطاني، بل أنزل قوات من مروحية حلقت فوق سطح السفينة في مشهد مهين للبحرية الملكية البريطانية المهيبة عبر القرنين الماضيين !

توجد، إذن، ناقلة في مقابل ناقلة .

هذه الصيغة: سيب وأنا أسيب، سلمني أسلمك. حاولت طهران تسويقها قبل ثلاثة أيام بادعاء أن يوسف بن علوى، وزير خارجية سلطنة عمان، وعمان تشارك إيران أساسا في شواطئ مضيق هرمز، جاء إليها حاملا رسالة من الحكومة البريطانية تحمل صيغة ناقلة مقابل ناقلة وينفرج الموقف. ولم تكن مرت ٤٨ ساعة على تولى بوريس جونسون السلطة في ١٠ داوننج ستريت بلندن .

تأخر نفى الحكومة البريطانية إلى ٤٨ ساعة لاحقة، وزادت على النفي بأنها لن تفرج عن الناقلة الإيرانية، وستواصل احتجازها، وعلى إيران فك قيد الناقلة التجارية البريطانية، لأنها لم تخالف القانون الدولي، على العكس من الناقلة الإيرانية !

بدورها حذرت طهران من عواقب الرد البريطاني، ولا يزال الاثنان ممسكين بخناق بعضهما البعض. والمماحكة مستمرة. والضرب مؤجل .

ماذا في الموقف أيضا من مماحكات؟

أغربها وأدعاها للضحك، أو التمحك حتى في الضحك، تغريدة عجيبة لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بوق ترامب الأمين.

فقد طلب أن تسمح له السلطات الإيرانية بالحضور إلى طهران والتقاء وسائل الإعلام الإيرانية ومخاطبتها وتنويرها عن الكوارث والمآسي التي تتسبب لهم فيها حكامه من المرشد والحكومة !

لما رفضت طهران طلب الزيارة بأهدافها المعلنة هذه، غرد بومبيو بأن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانية، يمكنه دخول الولايات المتحدة ومخاطبة الشعب الأمريكي فيما يريد ولن يمنعه أحد، إذا وافقت إيران على زيارته ومخاطبة إعلامها رأسا. وزاد بأن حكومة إران رفضت دعوته لأن عندها ما تخشى من كشفه وفضحه أمام شعبها .

ناقلة مقابل ناقلة، وزيارة مكاشفة وفضح الآخر مقابل زيارة مكاشفة وفضح الآخر !

أما حسم الأمر بعيدا عن هذا الحوار الممل المتكرر، أما الذهاب إلى حرب فلن يحدث، لأن الطرفين أقسما أن أحدهما لن يكون أول من يشعل النار!

يمكن توصيف الموقف بأنه، إذن، حالة جديدة من "اللا حرب واللا سلم". عاشته مصر طويلا ومريرا منذ قبلت وقف النار، وأنهته بحرب أكتوبر .

لماذا الطرفان يخشيان الحرب؟ لماذا لا يريدها الغرب وهو الأقوى؟

سؤال إجابته الأسبوع القادم .

إعلان