إعلان

 ثبات وكفاءة وتوازن...عن ليفربول أتحدث

د. جمال عبدالجواد

ثبات وكفاءة وتوازن...عن ليفربول أتحدث

د. جمال عبد الجواد
09:04 م الخميس 12 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إنه فريق رائع بالفعل. هذا هو ليفربول. الحقيقة هي أنني اكتشفت ليفربول بالصدفة. فلولا انتقال محمد صلاح لهذا الفريق لما اهتممت به أو بالدوري الإنجليزي كله؛ فسعادتي بالنجاح الذي حققه ابن بلدي في كل مكان ذهب إليه هي ما أغراني بمتابعة صلاح في فيورنتينا وروما، ثم أخيرا في ليفربول. في البداية كنت أذهب انتقائيا لمشاهدة مباريات ليفربول في النادي أو في المقهى، فلما زاد الاهتمام، وأصبح من الصعب إيجاد مقعد مناسب بالقرب من الشاشة في المباريات المهمة، وجدتني أشترك عن طيب خاطر في شبكة القنوات الرياضية إياها؛ وظني أن لصلاح نصيبًا مستحقًا من أرباح هذه الشبكة، أو على الأقل أن له نصيبًا من كل اشتراك جديد دفعه مواطن مصري بعد صعود نجم صلاح وليفربول معا في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

مر زمن طويل منذ كنت أتابع كرة القدم باهتمام. كانت مباريات الكرة تقام كلها يوم الجمعة، وكان من المستحيل معرفة نتيجة كل هذه المباريات إلا بالاستماع لتلخيص الأستاذ فهمي عمر في الإذاعة لمجريات مباريات اليوم ونتائجها. صغيرًا قرأت بانتظام تعليقات نجيب المستكاوي على المباريات في الأهرام، واستمتعت بالدرجات التي كان يمنحها للاعبين، وبالأسماء التي كان يطلقها على الفرق، فهذا فريق الدراويش، وهؤلاء هم الشواكيش، فيما الزمالك هم العتاولة، والأهلي هم التلامذة، بعد أن اعتزل لاعبو الأهلي المخضرمون فجأة؛ ليصبح الفريق وكأنه فريق أشبال.

مرت مياه كروية كثيرة تحت الجسر منذ ذلك الوقت، حتى جاء صلاح في ليفربول ليوقظ الاهتمام القديم. في البداية كنت أتابع صلاح، وأفرح بشدة عندما يسجل هدفًا، حتى لو لم يوفق فريقه؛ لتحقيق الفوز. تدريجيًا انتقل حبي لصلاح إلى ليفربول. كان ليفربول يكسب، لكنه لم يكن يبهرني كثيرًا، مثل فرق إنجليزية أخرى، منها مان سيتي وتشيلسي ومان يونايتد. لقد تطلب الأمر مني موسمًا كاملاً؛ لكي أكتشف عبقرية وروعة أداء ليفربول. لاعبو ليفربول رائعون، لكن يوجد مثلهم كثيرون في الأندية الأخرى. عبقرية ليفربول ليست في مهارات لاعبيه، ولكنها في الهارموني الذي يلعب به اللاعبون معًا. واحد زائد واحد يساوي اثنين، ولكن الأمر ليس كذلك في ليفربول. فمجموع الأحد عشر لاعبا الذين يلعبون باسم الفريق على البساط الأخضر أكثر كثيرًا من أحد عشر، ربما خمسة عشر أو حتى عشرين، وهذه هي روعة الأداء الجماعي الممتاز الذي يميز هذا الفريق.

ثبات وتوازن وكفاءة، ثلاث كلمات تلخص – في نظري – صيغة النجاح في ليفربول. إنه فريق يكسب باستمرار، ليس مثل فرق أخرى تكسب مرة، وتخسر مرة؛ تبهرك مرة، وتجعلك تكره الكرة في المرة التالية. إنه فريق يأتي دائمًا في الموعد، فلا داعي للقدوم المبكر، وهو بالتأكيد لا يأتي متأخرًا.

ليفربول فريق يلعب بكفاءة، فهو يفوز بنقاط أكثر بأهداف أقل. ليفربول لا يقيم حفلات تهديف، لكنه يسجل فقط ما يكفي للفوز بالنقاط. إنه فريق يلعب بطريقة اقتصادية، فحتى الجولة الخامسة عشرة من الدوري، دفع، أقصد سجل، فريق ليفربول 0.86 هدف ثمنًا لكل نقطة أحرزها، فيما دفع فريق ليستر ثمنا أغلى، فكان عليه أن يسجل هدفا كاملا أمام كل نقطة يفوز بها، بينما دفع مان سيتي 1.3 هدف ثمنًا لكل نقطة فاز بها.

لا يوجد في فريق ليفربول في هذا الموسم هدافون كبارٌ، لكنه فريق يبدو كل لاعب فيه قادر على التهديف. الهدافون في ليفربول ليسوا أكثر اللاعبين تهديفًا في الدوري الإنجليزي، لكن بالمقابل فإن أي لاعب في هذا الفريق يبدو قادرًا على تسجيل الأهداف. هذا فريق حقيقي، وليس مجرد نجم يسانده عشرة لاعبين لكي يحرز الأهداف. حتى الجولة الخامسة عشرة نجح 14 لاعبا من ليفربول في تسجيل الأهداف، في مقابل عشرة لاعبين في فريق ليستر، و11 لاعبا في مان سيتي؛ وبمتوسط قدره 2.6 هدف لكل لاعب هداف في ليفربول، في مقابل 3.5 هدف لكل هداف في ليستر، 3.9 هدف لكل لاعب هداف في مان سيتي. عدد أكبر من اللاعبون الهدافين، حتى لو كان كل منهم يسجل عددا أقل من الأهداف. هذه هي عبقرية ليفربول هذا الموسم.

لا أظن أن ليفربول يحتاج إلى شهادتي، وهو الفريق الأفضل في العالم، خاصة وأنني لم أكتب كلمة واحدة من قبل عن كرة القدم؛ ولكن لم لا، فأداء ليفربول هذا الموسم قادر على إنطاق الحجر.

إعلان