إعلان

عن الحب.. وديالا سماح السيوي أتحدث

عن الحب.. وديالا سماح السيوي أتحدث

د. أمل الجمل
09:00 م الإثنين 23 يوليه 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لما رجل وامرأة بيتفقوا على الارتباط سراً أو بشكل غير معلن للملأ، سواء بدافع الحب أو الرغبة، أو حتي المصلحة، وأياً كان الدافع وراء هذا الارتباط حتي لو كان خليطاً من الأشياء، فهذا الاتفاق عقد موقع من الطرفين، والعقد شريعة المتعاقدين حتى لو كان عقداً شفهياً، نطقت به الألسن فقط دون كتابة، بل يعتبره البعض عهداً لا يحتاج أبدا لورق مكتوب أو شهود. الورق المكتوب في أمور الزواج الرسمي أصله تسيير أمور حياتيه في علاقة الفرد بالدولة، وفي الزواج العرفي أو غير المعلن أساسه حماية المرأة والرجل- على حد سواء- من المجتمع ومن قانون المجتمع الذي لا يكفيه أن يقتل الحب ويبذر الكراهية بين الناس بشتي صنوف الخلاف والاختلاف، لكنه يحاسبهم على علاقات الحب، فيمكنه أن يجرجرهم في أنصاف الليالي بتهمة الزنى ويُشغل ماكينته الإعلامية لتشويه سمعتهم بسبب ارتكاب فعل الحب، رغم أن ذلك المجتمع لا يتوقف الشعراء فيه عن كتابة قصائد العشق والغرام، ويردد أفراده ليلاً ونهاراً أغنيات للحب، وُينتج سماسرته عشرات المسلسلات والأفلام الرومانسية، فقط للإلهاء.

أعترف أنني غير قادرة على تخيل اثنين يربط بينهما الحب، وتُصر المرأة على كتابة ورقة لحماية نفسها أو حقها من هذا الرجل. غير قادرة على تفهم هذا، لأن ذلك الإصرار في معناه المباشر أن المرأة واحدة من اثنتين؛ إما أن لديها أغراضا ونوايا غير معلنة، وإما أنها لا تثق بمن اختارته حبيباً، ليكون لها سنداً وحضناً تحتمي به من العالم. هنا، أتحدث عن الحب الحقيقي المنزه عن الأغراض، حتى لو اضطرتهما الظروف أن يُبقياه غير معلن.

فالسرية، أو عدم الإشهار في مثل تلك الحالات- شرط أساسي بين الطرفين- وإن كانت أسبابها تختلف، كل وفق ظروفه. هناك رجل يريد أن يحافظ علي عائلته؛ فربما تكون زوجته شخصية عامة، وأمر الطلاق أوالانفصال قد يكون جارحاً لها خصوصا إذا كانت على علاقة عدائية مع كثير من أطياف المجتمع، وربما يكون الرجل متزوجاً من أجنبية ويمنعه قانون بلدها من تعدد الزوجات، وهو في نفس الوقت في مأزق، لأنه يريد أن يستمتع بحياته ويحافظ على حيويته وشبابه من دون أن يخسر الزوجة الأولى خصوصاً إذا كانت سندا قوياً له في حياته العملية، وساهمت في تدعيم أركان ملكه على مدار سنوات، أي أن الرجل في تلك الحالة يريد أن يتعامل بحكمة وروية مع سيف المعز وذهبه، وربما يكون لديه أولاد وبنات يخشي أن يجرح مشاعرهم، وزوجة لا يريد أن يهجرها لأي سبب كان خصوصاً في العمر الكبير، وربما يكون رجلا يتشبه بزوربا في منهجه الحياتي بأن الكذب الذي يُسعد الآخرين مباح وليس منه ضرر، ربما يريد أن يعيش في سلام وهدوء من دون مشاكل أو منغصات- خصوصاً إذا كان فيه ميراث وأموال وأطيان ستظهر الوجه القبيح للبشر- ففي رأي البعض طالما أن الرجل قادر على تحقيق العدالة بين الجميع وإسعادهم فلا توجد مشكلة كبيرة في الإخفاء.

لن أحاسب أحد أخلاقياً، فكل مسؤول عن تصرفاته، وعليه أن يتحمل تبعاتها. ما يهمني فيما يخص الحديث عن السرية، أو عدم الإشهار الذي اتفق عليه الطرفان أنه تم برضا كل منهما، السرية هذه تعني ضمناً، وتصريحاً عدم الإنجاب، لأن الحمل يستلزم الإشهار والعلن، الحمل له توابع تهدم معها ذلك الاتفاق، تهدم الثقة بين الطرفين، فالحمل معناه بوضوح أن أحد الطرفين أخل بالعقد، أحد الطرفين قرر أن يتخد قراراً منفرداً رغم أنف الطرف الآخر، معناه أن أحد الطرفين قرر أن يغتصب حقاً من الطرف الثاني دون إرادته. والسؤال هنا طالما أن الاتفاق عُقد برضا الاثنين معاً، فأي قرار تالٍ يخص الطرفين لا بد أن يشارك في اتخاذه الطرفان معاً. هذه أصول الديمقراطية، وأصول التعاقد. فإذا اكتشفت المرأة فجأة أنها تريد المزيد، أو أن الاتفاق غير عادل لها، وأنها مظلومة فليس عليها سوي أن تناقش ذلك مع شريكها، صراحة ودون مواربة، وتضع شروطها الجديدة لاستمرار التعاقد، فإن وافق كان بها، وإن رفض فالانفصال بإحسان. الانفصال في هدوء ودون تشهير حل مثالي، دون إرغام طرف من الاثنين علي فعل شيء يدينه أو يشينه، أو يسبب له مشاكل في المجتمع ومع أسرته. حتي لو كان أحد الأطراف أنانياً، لكن طالما قبل الطرف الأول بهذه الأنانية، وبهذا الوضع منذ البداية فهذه مشكلته ولا يجب أن يُعاقب الرجل- الطرف الثاني- علي ذلك، بل إن تصرف المرأة، أي امرأة، بما يُورط الرجل بالإنجاب- خروجا على العقد الموقع بينهما- أراه عملا دنيئا انتهازيا وغير أخلاقي.

هذا رأيي بشكل عام في مثل تلك القضايا. لذلك لم، ولن أتعاطف- أبداً - مع أي قضية نسب ترفعها امرأة ضد رجل أقامت معه علاقة وحاولت- بالمكر والدهاء- إرغامه على إشهار الزواج، والإنجاب منه. ولن أتجاوب ولن أصدق أي حكايات عن الحمل الخطأ، وعدم القصدية، خصوصاً في ظل التقدم الطبي الرهيب، وفي ظل تنوع وسائل منع الحمل، وفي ظل إمكانية الإجهاض، حتى ولو من أجل إثبات حسن النوايا، وصدق مشاعر الحب. أتفهم بالطبع غريزة الأمومة، ورغبة البعض في الإنجاب، لكن هذه ليست مشكلة الرجل، وعلى من ترغب في الإنجاب أن تبحث عن وسيلة أخرى عوضاً من اختيار رجال تقوم بتوريطهم في ذلك.

أما فيما يخص قضية ديالا سماح السيوي، فبالطبع ليس لدينا معرفة بشروط العقد وتفاصيل الاتفاق بين الاثنين، وحدهما- سماح والسيوي- أدرى بكافة تفاصيل حكايتهما.

لكن، ورغم ذلك، فأعتقد أنها لن تخرج كثيراً عن الحالات سابقة الذكر أعلاه. لذلك أتفهم جيداً، تعاطف البعض- وإلى درجات متفاوته - مع السيوي، رغم أنه لجأ إلى المراوغة، والخداع، وعدم قول الحقيقة التي كان يمكن أن تكون المنقذ له ولسمعته، وتقطع الطريق على أعدائه الذين تصيدوا له الواقعة، وأخذوا يلوثون سمعته.

أخطأ الفنان عادل السيوي عندما أنكر معرفته بالسيدة سماح والدة ابنته، رغم أن عددا من المثقفين نشروا عدة حوارات صحفية كانت سماح قد أجرتها معه، ورغم الشبه الواضح بين الطفلة البريئة والأب. وهو فعل يمكن وسمه بعدم الشهامة، أو بالنذالة، لأن الرجولة تتطلب أن تتحمل نتيجة الخطأ الذي وقعت فيه حتى لو تم التغرير بك بأي أشكال المكر والخداع. الإنكار لا يُفيد في كثير من الحالات. أخطأ السيوي أيضاً عندما رفض استكمال تحليل (الدي إن إيه).

وأخيرا، لديّ سؤال جارح للفنان الكبير: عمرك كام سنة الآن؟ هل هتعيش أد اللي عشته؟ هل هتاخد حاجة من ثروتك معاك وأنت رايح؟ مين اللي هيستمتع بالفلوس دي كلها من بعدك؟ إيه اللي هيفضل من ذكرك بعد غيابك الأخير؟ هتستفيد إيه لما تسيب وراك طفلة من صلبك ستظل تلعنك للأبد، وربما ستلعن أمها مليون مرة، مستقبلاً، لأنها وضعتها في مثل هذا الوضع، وسمحت بأن تتاجر بها، وتبتزك بها، وتبتز تعاطف ودموع الناس بصورها، وتجعلها فرجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل أناني، وتحت مسمي الحصول على حقها.

هذه الطفلة البريئة المسكينة التي ستدفع الثمن غالياً عندما تُصبح شابة، وستكون تلك الأيام، وهذه الحرب بينك وبين والدتها هي نقطة ضعفها التي ستجرحها دوما في مجتمع قبيح له مفاهيم متناقضة حول الشرف والسمعة. هل يفتينا أحد الأطباء النفسيين عن مصير هذه الطفلة مستقبلاً؟!

أعلم أنك متزوج من أجنبية، وصحيح أن القانون الأجنبي يجرم تعدد الزوجات، لكنه لا يعترض علي تعدد العلاقات، أثق أيضا- بعد السؤال وبعد الاستشهاد بتجارب في سويسرا- أن القانون الأجنبي لا يمنع أن تُنسب ديالا إليك، فماذا تخشي إذن؟ اذهب للخارج واكتبها باسمك لتتفادى مشاكل القانون المصري طالما أنك لا تريد العقد علي أمها، ولن ألومك طالما هي بدأت بخيانة العقد المبرم بينكما.

أتمني أن تكف عن العناد، وأذية نفسك وابنتك، فأنت وأمها أجرمتما في حقها، وصدقاً لا أرى أي فعل بطولي فيما تفعله الأم باسم هذه الطفلة البريئة.

إعلان