إعلان

الإرهاب ليس "اشتغالة".. ولكنه تهديد حقيقي

الإرهاب ليس "اشتغالة".. ولكنه تهديد حقيقي

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 05 مارس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عند مناقشة موضوع التطرف والإرهاب في دوائر متعددة خلال الفترة الماضية، لفت انتباهي وجود بعض الآراء التي ترى أن "الإرهاب هو اشتغالة"، ولعل مثل هذا الرأي صادم لي؛ ليس بحكم عملي فقط، وإنما بسبب فقداني عدداً من الأصدقاء والمعارف؛ لأنهم استشهدوا أثناء مكافحتهم الإرهاب في شمال سيناء، فضلاً عن فقدان العديد ممن أعرف ابنه أو والده أو أخاه لذات السبب.

وجزء ممن يتبنون هذا الموقف يرون أن ما يحدث هو "جهاد"، وليس إرهاباً، بينما يرى بعضهم الآخر أن ما يحدث هو "تعبير عن المعارضة بأسلوب مسلح"، وهو "رد فعل" على "أوضاع غير مقبولة"، كما أن منهم من يتمادى في هذا الرأي، ويتحدث عن أن بعض العمليات الإرهابية التي وقعت في الفترة الماضية كانت "مفبركة ومقصودة".

ربما الأهم من رصد هذه الآراء التي حرصت على أن أقتبسها كما قيلت، هو تغير مواقف بعض أصحابها بعد مشاهدتهم بعض الإصدارات المرئية التي نشرها تنظيم أنصار بيت المقدس، والتي صورت العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم وعناصره في شمال سيناء ضد المدنيين، وضد قوات إنفاذ القانون بصورة بشعة، مثل فيديو حماة الشريعة وفيديو ملة إبراهيم.

وهذه المواقف والآراء تتردد في دوائر أخرى بعبارات مختلفة، ومنها مثلاً استخدام مسمى "الجماعات الإسلامية"، أو "قوى الإسلام السياسي" لتوصيف الجماعات التي تمارس التطرف والإرهاب، وهي كلها مسميات تشكك في علاقة هذه القوى، وتلك الجماعات بالإرهاب الذي أصبح يتهدد ليس الأمن القومي للدولة المصرية فقط، وإنما أمن المواطن العادي، ولا أدل على ذلك التهديد بلغة الأرقام من عدد العمليات التي شهدتها مصر طوال السنوات الماضية، وعدد الضحايا الذين سقطوا بسببها، إما قتلى أو مصابين، على نحو يجعل ترتيب مصر في المؤشر العالمي للإرهاب مثلاً ضمن فئة الدول الأكثر تأثراً بالإرهاب.

ولا يخفى أن من أسباب انتشار هذه الآراء هو تراجع مهنية الإعلام في التعامل مع قضية الإرهاب، وعدم توفيره مناقشة جادة لكيفية تأثيره على أمن المواطن العادي، وهو أمر بحاجة لمراجعة جادة.

قد يرفض البعض مناقشة مثل هذه المواقف والآراء، إما لأنه يرى أن أصحابها "غير وطنيين"، أو أنهم متأثرون بالعمليات النفسية التي تمارسها العناصر الإرهابية وجماعة الإخوان، ولكني أرى أنه من المهم التعامل مع هذه الآراء بجدية، لأنها منتشرة بين قطاعات مهمة ليس في داخل بعض المؤسسات المعنية بالمشاركة في مكافحة الإرهاب والتطرف فقط، ولكن أيضاً بين قطاعات متنوعة من الشباب، خاصة طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.

فهذا النوع من المواقف والآراء هو ما يشوه أي حديث عن أهمية إشراك المواطن في جهود مكافحة التطرف والإرهاب، كما أنه هو الذي يقلل من أهمية أي تقدم تحققه سياسات المكافحة التي تتبعها الدولة سواء في شمال سيناء أو في محافظات الوادي.

إعلان