أحمر وأخضر وأصفر

09:03 م الجمعة 02 فبراير 2018

فرحنا بإشارات المرور الضوئية عندما تم تركيبها في بعض الشوارع خلال العامين الآخرين. الإشارات تنظم حركة السير، وألوانها الثلاثة الشهيرة تساهم في تجميل الشوارع. مازالت شوارع كثيرة في العاصمة تدار بالطريقة التقليدية، ومازلنا في حاجة لتركيب مزيد من الإشارات الضوئية.

إعلان

الأثر الأهم للإشارات الضوئية في شوارعنا هو تقليل الضغط العصبي الذي يعانيه السائقون. لم يعد السائق يجلس في سيارته متحفزا على أهبة الاستعداد لاصطياد ثغرة يعبر من خلالها التقاطع. الإشارة الحمراء تعني الانتظار، وعداد الثواني التنازلي يشير بالضبط إلى المدة التي يمكن للسائق خلالها الاسترخاء دون التفات لحالة الشارع.

الإشارات الضوئية حدت من استخدام حارق الأعصاب وخارق طبلة الآذن المسمى الكلاكس، والذي كان السائقون يفرطون في استخدامه لحث قادة سيارات الصف الأول الواقف في الإشارة على القيام بهجوم مباغت لاقتناص حق المرور من السيارات القادمة من الاتجاه المتقاطع.

كل هذا جيد، لكن مازالت قيادة السيارات في شوارعنا بعيدة عن الانضباط والسلاسة التي نراها في مدن لا تقل ازدحاما عن القاهرة، ومازالت الفائدة التي نحصل عليها من الإشارات الضوئية أقل بكثير مما تقدمه الإشارات الضوئية في بلاد أخرى.

المشاة في شوارعنا لا يعتبرون أنفسهم مخاطبين بالإشارات الضوئية. تقف السيارات عند اللون الأحمر، وتتحرك عند اللون الأخضر، فيما المشاة يعبرون الطريق طوال الوقت. اعتاد المصريون السير في شوارع منزوعة الأرصفة، ففقدوا حاسة التعرف على الرصيف عندما يكون موجودا. عادت الأرصفة إلى شوارع وسط المدينة، لكن كثير من الناس مازالوا يفضلون السير في عرض الطريق.

الإشارات التي تم نشرها في شوارعنا تتسم بالبساطة، فلا شيء هناك سوى الألوان الثلاثة وعداد الثواني التنازلي. نظام الإشارات عندنا لا يعترف سوى بالحركة إلى الأمام، لكن ماذا عن الدوران يمينا أو يسارا؟ لا توجد إشارة تدلك، ولم يعلمنا أحد ما إذا كنا نستطيع الدوران إلى اليمين بينما الإشارة حمراء، أم أن علينا الانتظار حتى تخضر الإشارة. ولأننا لم نتفق على هذا الأمر بعد، فإنك قد تنحرف يمينا فيما الإشارة حمراء، فيشتمك السائق القادم من على يسارك لأنك كدت تصدم سيارته؛ أو قد تنتظر اخضرار الإشارة فيخرم أذنك سائق السيارة الواقفة خلفك بالكلاكس ليستعجلك المرور بينما الإشارة حمراء.

أخبرني أحد الخبثاء أن الإشارات المنصوبة في شوارعنا من النوع الرخيص، ومكتوب عليها تحذير "لا تستخدم في أوقات الذروة"، فالإشارات الضوئية عندنا تصبح عديمة الجدوى بشكل كامل في هذه الأوقات. في وقت الذروة تخضر الإشارة، لكن رجل المرور يجبر السيارات على مواصلة الانتظار لأن الشارع أمامها مازال مزدحما، ولأن تحركها إلى الأمام يغلق التقاطع تماما. يسمح رجل المرور للسيارات القادمة في الاتجاه الآخر بالمرور رغم أن إشارتهم مازالت حمراء، ولا تعرف بالضبط ما إذا كانت كاميرات المراقبة تسجل المخالفات ضد هذه السيارات، أم أن الكاميرات يجري تعطيلها في هذه الظروف؟ أو أن موضوع الكاميرات كله خدعة كبيرة بغرض التهويش.

شكرا للدور الذي يلعبه رجال المرور في أوقات الذروة. لكن ألا يمكن تحقيق نفس الغرض بطريقة تحفظ للألوان الثلاثة مصداقيتها؟ ألا يمكن إعادة ضبط زمن العبور والانتظار في التقاطعات المختلفة تبعا لدرجة الازدحام؟ ألا يمكن التحكم في كل هذا باستخدام توليفة الإشارات وكاميرات المراقبة كما يحدث في مدن العالم؟ أكيد ممكن.

إعلان