قراءة ضارة جداً بالصحة

09:19 م الأربعاء 02 سبتمبر 2015

محمد عبد السلام

بقلم - محمد عبد السلام:

القراءة وسيلة من وسائل الاطلاع والمعرفة تكاد تكون الأهم والأعم ونظراً لأهميتها ستجد أن أول آية نزلت في القرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق" سورة العلق، وإذا أردت معرفة أهمية القراءة ستجد مئات الكتب والمقالات التي تتكلم في هذا الشأن.

إعلان

بقراءتك في موضوع ما ستحصل بجانب الاستزادة المعرفية على طاقة متولدة من شعورك بالجهل و كطبيعة في الأنسان السوى رفض الجهل ستعمل جاهداً لترفع عن كاهلك هذا الجهل لينطبق عليك قانون الطاقة لنيوتن "الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من عدم" عدم استحداث الطاقة من العدم حدث بالفعل لتولدها من القراءة ويبقى الشق الأخر من القانون، وهو أن الطاقة لا تفنى وهنا يكمن لبَ الموضوع.

وبما أن الطاقة المتولدة من القراءة لها طبيعة خاصة بها من وجهة نظري ستدفعك لكى تفقد الطاقة عن طريق نفس المسبب لها وستقرأ المزيد و تتراكم لديك المعرفة و الجهل في آنً واحد و كلما زاد المعرفة زاد شعورك بالجهل و ستدور العجلة ومع كل طاقة مكتسبة تزيد سرعة دورانُها وكأي إلكترون عند اكتسابه للطاقة طبقا لقوانين فيزياء الكم سيقفز الإلكترون لمستوى طاقة أعلى إلى أن يفقد هذه الطاقة و يستقر ولو قمنا بتبسيط المثال لنتكلم عن معدن مثل الحديد فبتسخين الحديد يكتسب الطاقة وعند وصول درجة حرارة المعدن ل 1538 درجة سيليزية سينصهر المعدن ويفقد حالته الصلبة، وفي حالتنا اليوم سيفقد الإنسان قدرته على الصمود نظراً لتراكم المعرفة لديه، وعدم القدرة على الاستفادة بها وفهمك للأمور سيصيبك بالفتور وينطلق لسانك مُرددا جملة سعد باشا زغلول الشهيرة "ما فيش فايدة".

فعند صعودك أي حافلة من حافلات النقل العام و تتذكر حالتها عندما رأيتها في بداية دخولها الخدمة وما طرأ عليها نتيجة تسابق المواطنين في الانتقام منها واغتصاب أساسها ولزق منشورات تكبير الصدر والأرداف وسرعة القذف عن طريق الحبوب الأمريكية مضمونة التأثير والإهمال الواضح من جانب الهيئات المعنية في الإصلاح الدوري لها ومعاقبة كل من تسول له نفسه النيل منها و أن حل مثل هذه المعضلة هو فقط النظر لها بعين الاعتبار.

ولو قادك عقلك لكى تقرأ في التاريخ وتجد هذا الكم من الأثار الفرعونية والمسيحية والإسلامية والرومانية والقصور الملكية وتجد ما أصابها من تدمير وإهمال وسرقة ونهب وتنظر إلى كم الأثار المسروقة والمهداة إلى بلاد أجنبية وكيفية استثمار هذه التحف ففى المتحف البريطاني ستجد مائة الف قطعة، وفي متحف برلين ثمانون الف قطعة واللوفر خمسون الف قطعة وبترى للأثار المصرية ثمانون الف قطعة وقائمة المتاحف يطول ذكرها فهناك ما يقرب من أربعين متحف زاخر بالقطع الأثرية المصرية وكيف يتم التعامل مع هذه القطع فحتما لم ولن تجد من يلزق ذقن توت عنخ آمون بصمغ ولن تجد من يقوم بمحارة معبد ما أو مسجد أثرى قديم، وستلعن عندها القراءة والمعرفة وكل شيء قادك لمعرفة هذا.

قراءتك في الاقتصاد وما يفعله العالم الخارجي في ذلك المجال خاصةً العملاق الصيني صاحب ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد اقتصاد الولايات المتحدة والبادئ حقيقةً سنة 1978 منذ بدء سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج لتجده الأن بدلاً من أن يجتهد لرفع قيمة اليوان يبذل جهوده لتخفيضه ليتمكن من إغراق الأسواق العالمية بالمنتجات الصينية وهنا اتذكر مشهد من فيلم الجزيرة تأليف الكاتب محمد دياب حين تكلم محمود يس و قال "احنا من سنين علمناهم كيف يعتمدوا علينا بنبيع لهم الفدان أرخص من زرعهم وكلها موسم و لا تنين وأرضهم تبجى بور وسعيتها نبيع بالسعر اللى حنا عايزينه".

وإذا أصابتك لعنة القراءة فلا تدعها تنفرد بك لتضيق عليك الأرض بما رحبت وإنما تخلص من الطاقة الزائدة والمسببة في عدم استقرارك في مدارك الطبيعي، والتي قد تصيبك بالانصهار و الاكتئاب عن طريق العمل فالعمل على تطبيق المعرفة المكتسبة هو طريقك الوحيد للنجاة من هذه اللعنة فنجد في الحديث الشريف "اللهم ان اعوذ بك من علم لا ينفع" ونجد لأبى حامد الغزالي في كتاب أيها الولد "أيها الولد لا تكن من الأعمال مفلسا ولا من الأحوال خاليا وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ بالي"، ثم نجده في جملة أخرى يؤكد على اقتران العلم والعمل لينعت العلم بدون العمل بالجنون والعمل بغير علم بانه من المحال "أيها الولد العلم بلا عمل جنون والعمل بغير علم لا يكون"، فالعلم نتيجة حتمية للقراءة و خير تطبيق للقراءة هو العمل بها لكى تنزل من برجها العاجي إلى أرض الواقع لتغيره وتأخذ بيده لما يصلح البلاد والعباد ومسك الختام قول الأمام على "الْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ الْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلاَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ".. كتاب نهج البلاغة.

إعلان