إعلان

صبري سراج يكتب: الغاز والكفتة

صبري سراج

صبري سراج يكتب: الغاز والكفتة

06:27 م الإثنين 02 فبراير 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - صبري سراج:

في مصر قبل أربعة أعوامٍ قامت ثورة، آه والنعمة، طالب فيها الشباب، رحمهم الله، فيما طالبوا بوقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل. وإسرائيل في المعجم السياسي المصري الرسمي دولة صديقة، وفي القاموس الشعبي دولة معادية، وبين الموقفين الرسمي والشعبي تتأرجح النقابات بين رفض التطبيع وتصرفات أعضاءها الشخصية، وبدرجة أكبر الاتحادات الرياضية (نلاعبهم، لا مانلاعبهمش.. إسرائيل هاتشترك في البطولة.. نلعب ولا ننسحب).

نعود لمطالبة الورد اللي فتَّح في مقابر مصر بوقف تصدير الغاز الذي بدأه حسين سالم في عهد صديقه مبارك إلى إسرائيل، والذي قام ملثمٌ ملأ الدنيا لشهور طويلة بأصوات تفجير خط التصدير مراتٍ ومرات إلى أن توقف تصدير الغاز إلى إسرائيل بإرادة غير رسمية، وقررت إسرائيل مقاضاة مصر للإخلال بشروط التعاقد الذي كان من المفترض أن يستمر عشرون عامًا.

المهم أن الغاز المصري لم يعد يصل إسرائيل، وكان هذا المثلم أحن على شباب مصر من قياداتها الرسمية إذ كان أول من استجاب لمطلبٍ من مطالب الثورة.

في مصر نعاني منذ حكم الإخوان من مشكلة في الكهرباء، ولا ندري حقيقة إن كانت المشكلة في البنية التحتية حيث تهالكت المحطات دون تطوير، أو أصبحنا في حاجة لزيادة عدد المحطات، أم أن الأزمة تكمن في عدم توافر الغاز الذي نعتمد عليه في تشغيل المحطات، أم في الواد أبو عشرين جنيه اللي بيشد السكينة؟، لكن ولله الحمد تم الاستقرار في المرحلة الأخيرة على أن نقص الغاز هو السبب الرئيس في الانقطاع المتكرر للتيار صيفًا وشتاءً.

اليوم، وصل إلى مصر وفد من شركة "نوبل إنرجي" التي تدير حقلاً للغاز في إسرائيل على متن طائرة خاصة ليبحث مع مسؤولي شركة "إيجاس" تزويد مصر بالغاز الطبيعي اللازم لسد احتياجاتها، وفقًا لرويترز.

وكانت الحياة زهزهت مع إسرائيل بعد اكتشاف حقول غاز بحرية، مثل حقل تمار الذي يقدر احتياطيه بنحو 280 مليار متر مكعب، وحقل لوثيان الذي يزيد حجمه على مثلي ذلك. ما قد يحوّل إسرائيل التي كانت تعتمد من قبل على واردات الطاقة إلى بلد مُصدّر للغاز.

لذلك فبعد أن استوردت إسرائيل منّا الغاز لسنوات، وبعد أن منّ الله عليها بحقلي غاز، وبعد أن قال وزير البترول، شريف إسماعيل، إنه لو اقتضت مصلحة مصر استيراد الغاز من إسرائيل فسنفعل، قررت تل أبيب رد الجميل وإعطاءنا الغاز في شكل صباع كفتة نتغذى عليه» آه والنعمة.

ما يسترعي الانتباه حقًا هو عدم وجود رؤية محددة في التعامل مع إسرائيل، فوسائل الإعلام المصرية رسميةً كانت أو رسمية، تصدّع أدمغتنا يوميًا بالمؤامرات الصهيونية الصِرف والصهيوأميركية، التي تحاك في الظلام ضد مصر، ودائمًا ما تشير تصريحات المسؤولين المصريين إلى أن إسرائيل ليست دولةً صديقةً على الأقل، فما هي المصلحة التي تعود نفعًا على بلادنا من التعاون الاقتصادي مع كيان لا تعتبره المؤسسات الرسمية صديقًا، وتتحدث وسائل الإعلام يوميًا عن ما يدبره لخراب مصر، ويعتبره الشعب عدوًا؟.

نحن دولة تفتقد الرؤية والتخطيط في علاقاتنا مع الدول وفي كل شيء، ليس لدينا وجهة نظر محددة، ولا نمتلك أهدافًا أو خططًا مستقبلية، أزمتنا أكبر بكثير من التعاون مع إسرائيل أو غيرها، فنحن نفكر ونتصرف وننفذ كل شيء بعشوائية دون تفكير أو حساب للتأثير الحاضر والمستقبلي لما نفعل، تعلن الدولة اختراع علاج لفيروس سي في صورة "كفتة" فيطلع "بلح"، يعلن النادي تعاقده مع لاعب ثم يكتشف معاناته من إصابة مزمنة، نفتح قنوات ومشاريع ثم نتوقف عن استكمالها أو نغلقها لأننا اكتشفنا أنها لن تجدي نفعًا أو لأننا لم نحسن إدارتها ففشلت.. الخطاب الرسمي لدينا يشبه الخطاب الغرامي، والساسة ينطقون بمصطلحات العوام، والكرة لدينا كالميكانيكا محتاجة أسطى.. آه والنعمة.

ملحوظة: المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن سياسة الموقع.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان