إعلان

تأسست بـ 20 ألف جنيه وطائرتين.. تاريخ ومسميات مصر للطيران في عيدها الـ 90

03:23 م السبت 07 مايو 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد عبيد:

يمر اليوم 90 عامًا على تأسيس أول شركة طيران يتم إنشاؤها في الشرق الأوسط وإفريقيا، وسابع شركة طيران في العالم.. إنها "مصر للطيران"، والتي تم تأسيسها في السابع من مايو عام 1932، لتصبح جزءًا مهمًّا من تاريخ الوطن وحاملة اسم مصر في سماء العالم وداخل مختلف المطارات، وشاهدة على فترة كبيرة من التاريخ المصري الممتلئ بالأحداث، وتحتفل الشركة اليوم بذكرى تأسيسها تحت شعار "تاريخ عريق.. ومستقبل مشرق".

شركة الخطوط الهوائية المصرية

بدأت مصر للطيران بأسماء مختلفة وهي الخطوط الهوائية المصرية، "مصر إير وورك"، "الخطوط الجوية المصرية"، "الطيران العربية المتحدة"، ليصبح اسمه الآن مصر للطيران، لا تُذكر بدايات الشركة كفكرة إلا وذكر الأب الروحي والداعم الأكبر لإنشائها الاقتصادي الكبير طلعت حرب باشا، الذي حمل على عاتقه تحقيق حلم المحاولات الفردية لبعض الشباب المصري في ذلك الوقت بتكوين شركة مصرية للطيران المدني، وكان على رأس تلك المحاولات حلم كمال علوي في 1929 الذي سافر إلى باريس وتعلم فنون الطيران، واشترى طائرة كانت هي الأولى التي يتم تسجيلها في مصر، وحملت حروف التسجيل SU-AAA، وقد أهداها بعد ذلك إلى شركة "مصر للطيران".

ومع نجاح وصول محمد صدقي كأول طيار مصري يصل بطائرته "الأميرة فايزة" من برلين إلى القاهرة في 26 يناير 1930، جاءت أول خطوة حقيقة في طريق تأسيس الشركة بعدما أهدى طائرته أيضًا إلى "مصر للطيران"، حيث تعاون الثلاثة العظام كمال علوي ومحمد صدقي وطلعت حرب، لتحقيق الحلم من خلال بنك مصر الذي أسسه طلعت حرب، وأثمرت الجهود عن إصدار الملك فؤاد الأول المرسوم الملكي في 7 مايو 1932 بإنشاء مصر للطيران، وسميت الشركة باسمين أحدهما باللغة العربية وهو "شركة الخطوط الهوائية المصرية"، والآخر باللغة الإنجليزية وهو " MisrAirwork "، ونص عقد التأسيس أن يمتلك المصريون 60% على الأقل من هذه الأسهم، وتحدد رأسمال الشركة في البداية 20 ألف جنيه.

وهكذا جاءت النواة الأولى مصرية بالأسهم وبالمؤسسين، في إشارة واضحة إلى أن الشركة لن تُدار إلا بمصر وبسواعد أبنائها، ورغم أن البداية بالشركة تمثلت في التدريب والنزهات الجوية في مطار ألماظة بطرازات دي هافيلاند دراجون 60، إلا أنها سرعان ما بدأت بتكوين أول نواة لأسطولها حيث وصلت في 30 يونيو 1933 مطار الماظة أول طائرتين من طراز دي هافيلاند دراجون 84، سعة الواحدة 4 ركاب كنواة للأسطول، وكانت أولى رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسى مطروح، وبدأت الشركة فى إعداد جداول تشغيلها حيث سيرت رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسي مطروح و أسوان، وفى العام التالي إلى مدينتي اللد وحيفا بفلسطين، وقامت الشركة بتوسيع شبكة خطوطها المحلية والدولية لتشمل بورسعيد والمنيا وأسيوط، ويافا وقبرص وبغداد، وجاءت درة أعمال الشركة في تلك الفترة حين سيرت أول رحلة بين كل من جدة والمدينة المنورة في 1936، وكانت طائرات مصر للطيران أولى الطائرات في العالم التي تهبط في كل من المدينتين .

الحرب العالمية والشركة للمصريين

مع الحرب العالمية الثانية عام 1939 بدأت الشركة مرحلة جديدة في تاريخها، حيث أصبح رأسمالها مصريًّا بالكامل بعد انسحاب "إير وورك" البريطانية الشريك الأجنبي، وحل المصريون محل البريطانيين ليصبح كل شيء فيها مصريًّا، وانتهى عصر الأجانب وتحول اسمها إلى الخطوط الجوية المصرية – Misr Airlines في عام 1941، وأثبت المصريون براعتهم وكفاءتهم التي تعلو عن البريطانيين، حيث بدأت الورش الفنية في تصنيع طائرات صغيرة لتتدرب عليها أطقم المدفعية البريطانية، وتمكنوا أيضًا من تحويل طائرتين من طرازَي أفرو 19 وأنسون الحربيتَين إلى طائرات ركاب مدنية، مما اعتبر معجزة بحق أبهرت الجميع بمن فيهم مالك شركة "إير وورك" نفسه، بخلاف تحويلهم أيضًا طائرات "داكوتا" الحربية إلى طائرات ركاب مدنية بورش الشركة بألماظة، وبعد انتهاء الحرب استمرت الشركة في تطوير أسطولها وبحلول يوليو 1946 أصبح الأسطول الجوي المدني المصري يضم 18 طائرة، ثم كانت الصفقة الأهم وهي شراء 5 طائرات من طراز "فايكنج" التي تتسع لعدد 24 راكبا، حيث كانت إيذانا بالانتقال من عصر الطائرات الصغيرة إلى عصر الطائرات الكبيرة وهو ما طور أيضا من مستوى الخدمة المقدمة للركاب، وبدا لأول مرة ظهور أطقم الضيافة على متن الطائرات.

ثورة 1952

جاءت ثورة 1952 التي أولت اهتمامها بمصر للطيران، حيث أسهمت في رأس المال ليرتفع من 300 ألف جنيه إلى مليون جنيه، وتمثلت أولى ثمار هذه المساهمة في إضافة 5 طائرات فايسكاونت ذات المحركات الأربعة والمقاعد الاثنين والخمسين، كما استقدمت فيه الشركة أول جهاز محاكي لتدريب طياريها عليه لتصبح الأولى والوحيدة في ذلك المجال في هذا الوقت، وصار معهد "مصر للطيران" قبلة المتدربين والدارسين.

الستينيات وملامح التطوير

شهدت الستينات العديد من ملامح التطوير أيضًا في "مصر للطيران"، كان أولها انضمام 3 طائرات من طراز دي هافيلاند "كوميت-4C "، ثم تسيير أطول خطوط الشركة منذ نشأتها وهو خط (القاهرة/ روما/ فرانكفورت/ زيوريخ/ لندن)، وكان أهم هذه الملامح إصدار الرئيس جمال عبدالناصر بوصفه رئيس الجمهورية العربية المتحدة، القرار رقم 83 لعام 1960 بتوحيد شركة "مصر للطيران" ومؤسسة الخطوط الجوية السورية في شركة واحدة، تحت اسم "شركة الطيران العربية المتحدة"، وذلك إثر الوحدة التي قامت بين مصر وسوريا في 1958، وفي عام 1962 أعيد هيكلة الشركة لتصبح الشركة مؤسسة تحت اسم المؤسسة العربية العامة للطيران، وتضم شركات الطيران العربية المتحدة للخطوط الخارجية، و"مصر للطيران للخطوط الداخلية"، والشركة العامة للخدمات وتموين الطائرات، وشركة الكرنك للسياحة، وفي تلك الأثناء تأسست أسواق مصر للطيران الحرة في مطار القاهرة وافتتحت في 1963.

السبعينيات.. صمود ونجاح
كان لنكسة يونيو 1967 الأثر البالغ على اقتصاديات الشركة، ورغم أجوائها الصعبة؛ فإنها استطاعت مواصلة صمودها، حيث أقلع أول خط مباشر من القاهرة إلى لندن في 16 يوليو 1970 كأطول خط آنذاك، وذلك بعد عقد "مصر للطيران" أولى صفقاتها مع شركة "بوينج" العالمية لشراء 4 طائرات من طراز B707-320، وجاءت نقلة أخرى في تاريخ الشركة في 1971، وهي صدور القرار الجمهوري بإنشاء الهيئة المصرية العامة للطيران المدني، لتنتقل إليه تبعية مؤسسة مصر للطيران، ولتستعيد مرة أخرى اسمها الذي تأسست به "مصر للطيران"، كما تم إنشاء الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وهيئة ميناء القاهرة الجوي، والمعهد القومي للتدريب على أعمال الطيران.

العصر الذهبي
في عام 1980 أصبح المهندس محمد فهيم ريان، مفوضًا عامًّا لمصر للطيران، ثم تولى رئاسة مجلس إدارتها في 1981 وحتى عام 2002، شهدت خلالها الشركة عدة نجاحات، حيث زاد الأسطول بشكل لم تشهده الشركة إلا وقتها، تم شراء 8 طائرات إيرباص (A300-B4) لتغطية أسواق أوروبا والشرق الأوسط، ثم 3 طائرات بعيدة المدى من طراز بوينج 767/200، وتلاها شراء طائرتين من طراز بوينج 767/300، وبعد ذلك شراء 7 طائرات جديدة من طراز إيرباص (A320-200) وقامت الشركة بشراء 5 طائرات جديدة من طراز بوينج 737/500.
كما تم شراء 3 طائرات بوينج 777/200 و3 طائرات إيرباص (A340-200) فائقة المدى لتغطية متطلبات سوقي أمريكا الشمالية واليابان، وتلى ذلك شراء 4 طائرات إيرباص (A321-200) لخدمة سوق الطيران العارض الجديد والواعد، وفي اتجاه موازٍ طورت الشركة بنيتها التحتية في مجال التدريب تم تزويد مركز التدريب بمحاكيات طائرات البوينج 707 و737 ومحاكيات إيرباص، إضافة إلى محاكيات تدريب أطقم الضيافة على أعمال خدمة الركاب وإجراءات الطوارئ والإخلاء السريع، كما تم إنشاء مجمع هندسي مجهز فنيا بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الدعم الفني للطائرات وملحقاته من هناجر وورش، ووحدات تعمير وإصلاح واختبار المحركات، وشهدت هذه الفترة إنشاء المجمع الإداري للعاملين بالشركة ومستشفى "مصر للطيران" على أعلى مستوى خدمي.

انضمام عالمي
تم إنشاء أول وزارة للطيران المدني في عام 2002 وأصبحت مؤسسة مصر للطيران شركة قابضة، تتبع مباشرة وزارة الطيران المدني، وتم تحويل القطاعات التي كانت موجودة في السابق إلى شركات تابعة بدأت بشركة الخطوط الجوية، وشركة الصيانة والأعمال الفنية، وشركة الخدمات الأرضية، وشركة الخدمات الجوية، وشركة الشحن الجوي، وشركة السياحة الكرنك والأسواق الحرة، إضافة إلى شركة الخدمات الطبية، وتمثل أول النجاحات في الثوب الجديد في حصول الشركة على شهادة الأيوزا التي يمنحها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الإياتا) كأول شركة طيران في إفريقيا والمنطقة والسابعة عشرة في العالم تحصل على هذه الشهادة، وذلك في عام 2004، ثم أُنشأت شركتا إكسبريس للخطوط الداخلية والصناعات المكملة في عام 2006، أعقب ذلك تلقي "مصر للطيران" دعوة من تحالف ستار العالمي للانضمام إليه في عام 2007، وقد انضمت رسميًّا بالفعل في يوليو عام 2008 لتصبح العضو الحادي والعشرين في أكبر التحالفات العالمية في مجال صناعة النقل الجوي، الذي يضم حاليًّا 26 شركة طيران عالمية تصل إلى 1300 نقطة في 193 مطارًا حول العالم.

وتعاقدت الشركة على شراء 12 طائرة من طراز بوينج 737/800 وصلت خلال عامَي 2008 و2010 في إطار تطوير أسطولها بما يواكب التغيرات العالمية في مجال النقل الجوي؛ أعقب ذلك استلام "مصر للطيران" 6 طائرات في عامي 2010 و2011 من أحدث الطرازات من طراز البوينج B777-300ER، و4 طائرات من طراز الإيرباص A330-300 .

25 يناير و30 يونيو
كانت لثورة 25 يناير 2011 تبعات تأثرت بها الشركة؛ حيث انخفضت نسبة السياحة بشكل ملحوظ نظرًا لعدم استقرار الأوضاع وتعرضت الشركة إلى خسائر كبيرة، وصلت في مجملها إلى 10 مليارات جنيه في 5 سنوات؛ بسبب انخفاض التشغيل والأحداث السياسية والحروب في المنطقة العربية والتي أدت إلى إغلاق بعض الخطوط، وقامت "مصر للطيران" بإطلاق العديد من حملات الترويج السياحي لوفود بعض الدول تنشيطًا لحركة السياحة؛ في محاولة منها لاستعادة نسبة التشغيل على رحلاتها مرة أخرى، ورغم الفترة التي تلت ذلك من عدم استقرار؛ فإن الشركة بدأت تتخطى هذه المرحلة بعد ثورة 30 يونيو في 2013، حين بدأت الشركة في تطبيق خطتها لتقليل الخسائر وترشيد النفقات، والتي أتت ثمارها في العام المالي 2014-2015؛ حيث تم تخفيض حجم الخسائر بنسبة 75% عن العام السابق لها.

وفي عيد "مصر للطيران" رقم 83 تم افتتاح المرحلة الأولى من متحف الشركة بالمبنى الإداري ليخلد تاريخها ومجهود الرواد الأوائل متضمنا مجموعة نادرة من الصور التاريخية والنماذج المجسمة لأسطول مصر للطيران منذ نشأتها وصور تاريخية لأبرز الشخصيات في تاريخ الطيران المدني ومصر للطيران والمؤسسين للشركة الوطنية.

3 سنوات من الإنجاز
لعل أكبر إنجاز حققته الشركة خلال تلك الفترة هو إعلانها عن صفقة شراء 9 طائرات جديدة تنضم إلى أسطولها من أحدث طرازات البوينج وهي الـ B737-800NG . وشهدت نهاية عام 2017 تعاقد "مصر للطيران" في معرض دبي للطيران على تأجير وشراء ونية شراء 45 طائرة من أحدث الطرازات بمعدل 24 من طراز الـ CS300s لشركات بومباردييه الكندية، والتي استحوذت عليها بعد ذلك شركة إيرباص العالمية؛ لتصبح هذه الطائرات من طراز الإيرباص A220-300، والتي تسلمت الشركة منها 12 طائرة، وكذلك التعاقد على 6 طائرات من طراز البوينج دريمــــلاينر B787-9، هذا بالإضافة إلى 8 طائرات من طراز الإيرباص A320Neo . وقد تم بالفعل البدء في استلام هذه الطائرات اعتبارًا من عام 2019 حتى يوليو عام 2020 بالإضافة إلى التعاقد على 7 طائرات من طراز الإيرباص A321Neo وطائرتين من طراز بوينج دريملاينـــر B787-9 .

جائحة كورونا
مع نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 اجتاحت العالم أزمة عالمية كبيرة أثرت على معظم المجالات والصناعات وكان النصيب الأكبر في التأثير من نصيب صناعة الطيران المدني والسياحة على مستوى العالم؛ وهي ظهور فيروس جديد يعرف باسم "فيروس كورونا"، والذي يعد أكبر تحدٍّ واجهته صناعة النقل الجوي في تاريخها، حيث توقفت حركة الطيران وتم إغلاق الكثير من المطارات والمجالات الجوية في معظم دول العالم للحد من انتشار المرض؛ الأمر الذي أدي إلى تأثر صناعة الطيران بشكل كبير وإعلان عدد من شركات الطيران إفلاسها، تعرضت الشركة لفقد إيرادات كبيرة في الفترة التي توقفت فيها حركة الطيران في مصر بشكل كامل من الفترة من 19 مارس وحتي قرار عودة الطيران في 1 يوليو 2020، واستمر التأثير حتى بعد التشغيل الجزئي لحركة الطيران؛ بسبب انخفاض أعداد الركاب ووقف كثير من الدول لحركة الطيران وفرض دول أخرى قيود وإجراءات احترازية معينة لدخول أراضيها، وعلى الرغم من كل ذلك فقد حرصت "مصر للطيران" في إطار استراتيجية وزارة الطيران المدني منذ بداية الجائحة على الالتزام بتطبيق كل الإجراءات الاحترازية والوقائية في جميع مراحل السفر وعلى متن الطائرات لتوفير رحلات آمنة .

الريادة في أفريقيا
استهلت الشركة الوطنية "مصر للطيران" بداية عام 2022 بسبق جديد كعادتها بتشغيل أول رحلة بخدمات ومنتجات "صديقة للبيئة" في إطار المسؤولية المجتمعية للشركة من القاهرة إلى باريس؛ لتكون الرحلة الأولى من نوعها لشركة طيران في القارة الأفريقية، كما أعلنت الشركة عن تدشين مركز إقليمي لصيانة الطائرات بمطار أكرا بغانا، وتشغيل خطوط جديدة في إطار توسعة شبكة خطوطها الجوية؛ مثل خط "كينشاسا" بالكونغو في مارس، و"دبلن" بأيرلندا في يونيو المقبل، والانتهاء من إجراءات تشغيل خط "دكا" بنجلاديش خلال 2022 وغيرها من الخطوط الجديدة، وكذلك استئناف خط مومباي بالهند في شهر مايو ودراسة استئناف خط بانكوك في إطار خطة الشركة لاستئناف تشغيل الخطوط التي توقفت بسبب جائحة كورونا، فضلًا عن الاستمرار في خطة تحديث الأسطول حيث يشهد نهاية عام 2022 و2023 البدء في استلام أولي طائرات الإيرباص A321NEO وعددهم ٧ طائرات وطائرتين من طراز البوينج B787-9Dreamliner المتعاقد عليهم.

فيديو قد يعجبك: