إعلان

"كلاكيت ثاني مرة".. مشروعات قوانين وزير التعليم الأكثر رفضًا في النواب والشيوخ

10:44 م السبت 12 فبراير 2022

مجلس النواب

(مصراوي):

أصبحت وزارة التربية والتعليم بقيادة الوزير الدكتور طارق شوقي، أكثر الوزارات التي تعرضت لرفض برلماني بغرفتي النواب والشيوخ فيما يتعلق بمشروعات القوانين، على مدار الفترة النيابية الأخيرة؛ خصوصًا الفصل التشريعي الأول بالنسبة إلى الشيوخ، والثاني بالنسبة إلى النواب، .

أعلن مجلس الشيوخ رسميًّا، خلال دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الأول، وتحديدًا في الجلسة المنعقدة بتاريخ 19 أبريل 2021، رفضه مشروع قانون مقدم من الحكومة، وبحضور وزير التربية والتعليم، بتعديل قانون التعليم بشأن نظام الثانوية العامة.

وجاء رفض مجلس الشيوخ عقب مناقشة تقرير لجنة التعليم والبحث العلمي بالمجلس بشأن مشروع قانون بتعديل قانون التعليم المقدم من الحكومة، بشأن نظام الثانوية العامة التراكمي، ووافق أغلبية النواب على تقرير اللجنة الذي أوصى برفض مشروع القانون.

وشهدت الجلسة العامة حينها أزمة بين أعضاء المجلس ووزير التربية والتعليم، بسبب مشروع القانون؛ حيث وجه وقتها الأخير اللوم إلى المجلس بسبب رفضه مشروع القانون.

وقال وزير التربية التعليم، حينها، جملته الشهيرة التي وضعته في موقف محرج مع المجلس حينما قال إن مجلس الشيوخ بموقفه هذا يقف عائقًا أمام سياسة الدولة لتطوير التعليم؛ وهو الأمر الذي أثار النواب، وحثهم على مقاطعته.

وتدخل رئيس المجلس المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، موجهًا حديثه إلى الوزير: "ليست هكذا تدار الأمور أو تطلق العبارات، مجلس الشيوخ لم يكن عائقًا في يوم من الأيام لسياسة الدولة".

وأضاف عبدالرازق: "ليس معنى أن هناك آراء رافضة لمشروع القانون أن ذلك يعني رفض التطوير، المسألة لازم تكون في حدود الأمر المعروض فقط".

وعادت وزارة التربية والتعليم لتضع الحكومة مرة أخرى في مواجهة -قبل مرور عام على هذه الأزمة والموقف- ولكن هذه المرة مع الغرفة الأولى للبرلمان مجلس النواب، وتحديدًا في الجلسة العامة الثلاثاء الماضي، 8 فبراير الجاري، أي بعد قرابة 10 أشهر من أزمة "الشيوخ".

ورفض مجلس النواب مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، والذي يقضي باستبدال نص جديد للمادة (۲۱) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (۱۳۹) لسنة ۱۹۸۱ مفادها "يُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمئة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه والد الطفل أو المتولي أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه في المادة من هذا القانون (۱۹)، وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولي أمره".

ويبدو أن وزير التربية والتعليم كان يعلم برفض مشروع القانون في الجلسة العامة؛ خصوصًا وقد أعلن أن لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب قد رفضت مشروع القانون، وعليه لم يحضر الوزير طارق شوقي.

واستظهرت اللجنة أنه في ضوء المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية، لا يجوز لأي من السلطتَين التشريعية أو التنفيذية مباشرة اختصاصاتها التشريعية بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها الدستور للحقوق جميعها، ومن المستقر عليه أيضًا قضاءً أن الخدمة المرفقية يتعين أن تكون ميسرة للجميع ومهيأة بشروط رسمها القانون، ويتعين المساواة بين المواطنين إزاء الانتفاع بالمرافق العامة ممن يتساوى في الأحوال والظروف؛ وأن التفرقة بينهما تنطوي على إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دون تمييز.

واستقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن النص العقابي وما يقرره من عقوبات يتعين أن تكون متناسبة مع الفعل المجرم وأن الجزاء الجنائي يتعين يكون بعيدًا عن الغلو أو التفريط بما يفقد القواعد التي تدار العدالة الجنائية على ضوئها فعاليتها. يتعين بالتالي أن يكون الجزاء الجنائي محيطاً بهذه العوامل جميعها وأن يُصاغ على ضوئها.

وباستقراء مشروع القانون المعروض تبين الآتي:

- أنه يتضمن حكماً مفاده تغليظ عقوبة الغرامة المقررة في المادة (21) من قانون التعليم والموقعة على ولي الأمر حال تخلفه أو انقطاعه عن الحضور إلى المدرسة دون عذر مقبول خلال أسبوع من تسلم كتاب بالإنذار من الغياب، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة؛ خصوصًا مع تفشي وباء فيروس كورونا، كما تضمن التعديل تعدد العقوبة بتكرار المخالفة.

- تضمن مشروع القانون المعروض حكماً مفاده جواز تعليق استفادة ولي الأمر من الخدمات المطلوب حصوله عليها بمناسبة ممارسة نشاطه المهني التي تقدمها الجهات الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات ومرافق عامة، كلها أو بعضها، حتى عودة الطفل إلى المدرسة، على أن تحدد هذه الخدمات وقواعد وإجراءات تعليقها وإنهائها بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير التعليم.

- وبناءً عليه فقد استبان وجود مغايرة في التنظيم -حسب الظاهر- بين الحكم الوارد في نص المادة (293) من قانون العقوبات المُشار إليه والنص المقترح في مشروع القانون سواء من حيث العلة من النص والهدف المرجو حمايته وتنظيم مسألة التأقيت وغيرها.. وبالتالي لا يجوز القياس بين دين النفقة الذي يعد من الديون الممتازة التي أولاها المشرع -وفقًا للمستقر عليه دستوريًّا- حماية خاصة وبين الغرامة الواردة في النص الماثل.

وكان النواب أعضاء اللجنة العديد من التحفظات والملاحظات على مشروع القانون على النحو الآتي:

- عدم وضوح فلسفة التعديل المطلوب في ظل الظروف الاجتماعية التي تمر بها البلاد في ظل انتشار جائحة كورونا؛ خصوصاً أنه كانت هناك قرارات وزارية سابقة باعتبار حضور الطلبة إلى المدارس اختياريًّا، وأن هناك تصريحًا أيضاً من وزير التعليم بأن نسبة الحضور بلغت 98% للطلاب بالمدارس.

- أن أركان نظام التعليم الأساسية مدرسة ومعلم وطالب والمادة العلمية تعاني خللاً واضحًا لأسباب متعددة؛ أفصح الوزير عن بعض منها، وبالتالي فمن غير الملائم أن يخرج قانون يستهدف أحد أركان المنظومة دون معالجة حقيقية لباقي المنظومة، وأهمها حل مشكلة المعلمين ووجودهم بالمدارس ومعالجة الدروس الخصوصية والسناتر وغيرها من المشكلات.

ارتأى أعضاء اللجنة وجود شبهة جدية بعدم الدستورية في مشروع القانون من عدة نواحٍ؛ منها المخالفة للالتزام الدستوري بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، فالنص المقترح يتضمن تعليق أو منع استفادة المحكوم عليه مؤقتًا من خدمات المرافق العامة التي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام المرتبطة بنشاطه المهني؛ إذ يتعين المساواة بين جميع المواطنين إزاء الانتفاع بالمرافق العامة ممن يتساوى في الأحوال والظروف وأن التفرقة بينهما تنطوي على إخلال بمبدأ المساواة، وأنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية مباشرة اختصاصاتها التشريعية بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها الدستور للحقوق جميعها. وأنه من ناحية أُخرى لا يجوز للسلطة التشريعية التفويض في اختصاصاتها بمنح وزير العدل بتحديد الخدمات التي يجوز حرمان المحكوم عليه من الاستفادة منها والتي من بينها خدمات المرافق العامة والتي لا يجوز للسلطة التشريعية التفويض فيها وفقًا للمستقر عليه قضاءً على النحو المُشار إليه.

- ومن المطاعن التي ارتأتها اللجنة أيضًا تكرار العقوبة (من 500 جنيه إلى 1000 جنيه) بما يُعد غلوًا في توقيع الجزاء بالمخالفة للمستقر عليه دستوريًا من وجوب التناسب بين الفعل المؤثم والعقوبة، فضلًا عن أن تكرار العقوبة كلما تعدد الانقطاع على النحو المقترح فيه إجحاف لأولياء الأمور، ولا يتحمله ولا يرتضيه المواطن المصري.

وترى اللجنة، بناء على ما تقدم، أن مشروع القانون المعروض محاط بشبهات عدم الدستورية، وأنه لا يعالج ظاهرة الغياب من المدرسة بل قد تؤدي إلى زيادتها؛ لأن العقوبات الواردة بها (وتكرارها) غير مناسبة ومبالغ فيها ولا تعالج بصورة فاعلة الأسباب الحقيقية لظاهرة الغياب؛ خصوصًا في ما يتعلق بقطع أو حرمان ولي الأمر من حقه في الاستفادة من المرافق العامة التي هي حق من الحقوق الأساسية للمواطن،

كما أن الأثر المترتب على هذه العقوبات قد يمتد إلى الأسرة بالكامل ويعوقها عن إشباع الاحتياجات الأساسية للطفل، ولذلك رأت اللجنة المشتركة بالإجماع رفض مشروع القانون.

فيديو قد يعجبك: