إعلان

الفريق العصار.. مايسترو "مسرح الأزمات"

12:41 ص الثلاثاء 07 يوليه 2020

الفريق محمد العصار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد جمعة:

لم يكن بزوغ نجم الفريق الراحل محمد العصار (1946-2020)، وليد التحول السياسي الذي شهدته مصر بسقوط نظام الرئيس الأسبق مبارك، وتداعيات الأيام الثورية التي عاشتها البلاد في تلك الأثناء، إنما كان لاعبًا رئيسيًا في إدارة ملف العلاقات العسكرية بين القاهرة وواشنطن، وعلا صوته في شتاء ساخن عام 2010، حينما رسم "خطًا أحمرًا" أمام الأمريكان عندما ضغطوا لتعديل استراتيجية الجيش بهدف مواجهة تهديدات إقليمية جديدة.

كان العصار (مساعد وزير الدفاع وقتئذ) يتحدث بملئ فمه، بيقين ثابت، وبتماسك اعتاد عليه في مواجهة ريح عاصف لم يعتد الاحتماء منها، أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاوز الأمن القومي للبلاد، مستندًا في ذلك إلى العقيدة الراسخة لسياسة الدفاع المصرية، التي تعطي الأولوية لـ"الأرض المصرية"، والحفاظ على "جيش تقليدي قوي لمواجهة الجيوش الأخرى في المنطقة"، وفق ما نشرت رويترز نقلًا عن برقيات "ويكيليكس" ذائعة الصيت حينها.

جرت تحت الجسور مياه كثيرة، بينما "العصار" في موقعه؛ يظهر ربما للمرات الأولى مخاطبًا شعب انتفض عن بكرة أبيه ضد مبارك، وتولى بعدها المجلس العسكري دفة إدارة شؤون البلاد، قبل أن تتأرجح الأحداث صعودًا وهبوطًا. أُسند للعصار مسؤولية الحديث ومخاطبة الرأي العام. يُعقد المؤتمرات، ويناقش رؤساء تحرير الصحف في جلسات حوارية، ويظهر في البرامج المسائية مفندًا أحداث الأزمات.

مطلع أبريل 2011، عادت "جُمع التحرير" من جديد بينما حامت في الأجواء مواجهات مباشرة. كان احتدام المشهد الداخلي يُنذر بعواقب وخيمة، بينما "العصار" من خلف نظارته الطبية يقول ومعه اثنين من المجلس العسكري إن "مصر لن تكون إيران أو غزة، ولن يحكمها خميني آخر".

"هل يشك أحدًا أن المجلس العسكري يريد تسليم السلطة؟"، تساؤل طرحه العصار بينما كان في حوار تلفزيوني مع الإعلامي إبراهيم عيسى الذي أجابه أن "الكثيرين في شك من هذا"، فجاء الرد حاسمًا أن "المجلس العسكري ليس بديلًا عن الشرعية وهو مسئول عن تسليم البلد لسلطة مدنية"، ومضى في ذلك بأن القوات المسلحة ستُنهي المرحلة الانتقالية لـ"تعود إلى معسكراتها"، مرابطة لحماية البلاد والعباد، في مهمتها التي لا تحيد عنها.

لم تنقطع زيارات العصار إلى العاصمة واشنطن، تلك التي اعتاد عليها لإنهاء صفقة تسليح، أو إنجاز مهمة عسكرية. وأثناء تواجده أواخر يوليو 2011 حين كان مسئولاً عن ملف العلاقات الخارجية، انتقد دون مواربة التمويل الأجنبي للمنظمات غير المُسجلة حكومياً بمصر، واعتبرها حينها بالخطر الكبير، بالنظر إلى الأحداث التي كانت تموج بها البلاد.

من ثورة إلى ثورة، لم يغب "العصار" عن مشهد "خارطة الطريق" في 3 يوليو 2013، وكان أحد حضورها الرئيسيين. وفي ذلك يقول الكاتب الصحفي ياسر رزق، إن عشية الثورة، جاء رئيس مكتب التعاون العسكري الأمريكي في مصر بصحبة السفيرة الأمريكية إلى مكتب "العصار" لإبلاغ القيادة العسكرية المصرية رسالة رسمية من البنتاجون مفادها بأن القانون الأمريكي يحظر على الإدارة الأمريكية إعطاء مساعدات لأي دولة يجري فيها "انقلاب عسكري على سلطة شرعية منتخبة".

على الفور، بادره العصار أنه "لا توجد انقلابات، ونحن لا ندبر لها"، ناقلًا رسالة السيسي له بأن "القوات المسلحة لن تترك الشعب في مهب الريح (...) ولن نتخلى عنه ولو في مقابل 1.3 تريليون دولار".​

فيديو قد يعجبك: