إعلان

مدير "التغيرات المناخية": كفرالشيخ الأكثر تهديدًا بالتملح.. وننتظر ظواهر أكثر تطرفًا (حوار)

09:00 ص الإثنين 23 سبتمبر 2019

الطقس - أرشيفية

حوار- محمد نصار:

حذّر صابر عثمان مدير إدارة التغيرات المناخية بوزارة البيئة، من الأضرار الكارثية والدمار بسبب التغيرات المناخية التي تهدد العالم كله، موضحا أن المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية بالنسبة لمصر تتمثل في 3 قطاعات وهي (الزراعة - السواحل - الموارد المائية).

ويوضح عثمان، في حواره لمصراوي، أن أخطر ما يهدد الدولة المصرية، هو التغيرات المناخية المتطرفة أو العنيفة والتي تؤثر على مختلف الظواهر السابقة، مؤكدًا ارتفاع منسوب الملوحة في أراضي الدلتا وخاصة محافظة كفر الشيخ، والتي يجري بحث الاستفادة من أراضيها في إنشاء مزارع سمكية أو تحويل الزراعة إلى محاصيل جديدة تكون قادرة على تحمل الملوحة.

وإلى نص الحوار..

- بداية.. ما هي القطاعات التي تتأثر بالتغيرات المناخية؟

وفقًا للدراسات الموجودة لدينا فإن التغيرات المناخية تؤثر على 3 قطاعات رئيسية هي (الزراعة - السواحل - الموارد المائية لنهر النيل)، ولكن طبقًا لأحدث دراسات تم إعدادها والتي لم تنشر بعد، يعتبر التهديد الرئيسي هو التغيرات المناخية المتطرفة، وهي الأكثر خطورة من التأثيرات السابقة وتؤثر عليهم جميعا.

- لماذا تعد هذه الأحداث الجوية العنيفة أو المتطرفة التهديد الأخطر؟

لأنها لا تراعي عنصر الزمن فعندما نتحدث عن ارتفاع سطح البحر نسبيًا فهو أمر متعلق بشكل رئيسي بالزمن ويمكن أن يستغرق فترات طويلة حتى 100 سنة، حيث سجل أقصى ارتفاع في أكبر منطقة على سطح الأرض حوالي 89 سم ولا يمكن أن يكون هذا الارتفاع موحد في كل المناطق، وبالنسبة لمصر تشير القياسات إلى ارتفاع المياه بمقدار 59 سم خلال المائة عام الماضية، ومرشحين على نهاية القرن الحالي للوصول إلى متر واحد.

- هل خطة الوزارة والحكومة تضع هذه الأحداث المتطرفة في أولوية متقدمة؟

غيرنا خططنا وأصبحنا نضع هذه الظواهر الجوية المتطرفة في المرتبة الأولى من حيث ترتيب الأولويات، وفقًا لدرجة خطورتها وذلك لأن هذه التغيرات يمكن أن تحدث على فترات سريعة وبوتيرة أعنف من المتوقع ومن ذلك حصلت على اسمها "ظواهر جوية متطرفة".

- ما هي أنواع الأحداث المناخية التي يمكن أن تؤثر علينا بشكل أعنف؟

السيول هي أكثر ما يمكنه التأثير على مصر بشكل عنيف خاصة على مرتفعات سيناء وجبال البحر الأحمر، والأمطار الكثيفة على الساحل الشمالي في الإسكندرية وبورسعيد، والعواصف الترابية والرملية التي تؤدي إلى أمراض صدرية وتآكل المساحات المنزرعة وغيرها وذلك بسبب اتساع مساحة الصحراء في مصر.

- إلى أي حد تؤثر التغيرات المناخية على تدفق مياه النيل لمصر؟

تدفق مياه النيل مرتبط بظاهرة هطول الأمطار على الجنوب والتي بدورها تكون مرتبطة بظاهرة تتكرر كل 4 سنوات في المحيط الهادئ تسمى ظاهرة النينو، وتغير المناخ عبارة عن خلل في الظروف الجوية على مستوى العالم كله، ووفقًا للدراسات يمكن لهذا التغير المناخي أن يؤثر على ظاهرة النينو التي تؤدي إلى هطول الأمطار على حوض النيل، وتم إجراء دراسات مختلفة باستخدام نماذج رياضية عالمية لمعرفة مستقبل مياه النيل وتأثرها بالتغيرات المناخية، وكل نموذج مبني وفقًا لمعادلات معينة أظهرت نتائج مختلفة، ولدينا ما يقرب من 30 سيناريو عالمي منها ما يتوقع انخفاض المياه وبعضها يتوقع زيادتها.

- ما هي ظاهرة "النينو"؟

يوجد ما يسمى ظاهرة النينو والتي يتعرض فيها سطح البحر لدرجات حرارة أبرد من المعتاد في المحيط الهادي، وهي أنماط طقس معقدة ناجمة عن الاختلافات في درجات الحرارة عبر المحيط الهادئ، وتتسبب في الطقس المتطرف في جميع أنحاء العالم.

- ما دور مصر للحد من تأثيرات أزمة التغيرات المناخية؟

بدأنا العمل على نموذج خاص بمصر وذلك بالتعاون مع القوات المسلحة، من أجل إعداد خريطة كاملة للتهديدات التي تحيط بالدولة المصرية، وجزء منها متعلق بالموارد المائية على حوض نهر النيل، وحينما ننتهى من هذا النموذج سنتمكن من تحديد مدى تأثر مياه النيل بالتغيرات المناخية، وهذا النموذج سيستغرق عامين حتى الاكتمال، وسيكون عبارة عن خريطة بنظام الـGIS يمكنها حساب تأثر منسوب مياه البحر أو مياه النيل بشكل مستمر، وما هي المناطق الأكثر خطورة وتأثرًا بما يسهل علينا وضع خطط محكمة للتعامل مع هذه المخاطر، كما ستمكنا هذه الخريطة من تحديد أماكن الظواهر الجوية العنيفة.

- ما أوجه الاستفادة من وضع هذه الخريطة المناخية؟

يمكن الاستفادة منها على عدة محاور منها تحديد الأنشطة الزراعية المناسبة في كل منطقة من مناطق الدولة وفقًا لطبيعة المناخ في هذه المنطقة، أو زراعة الغابات والحواجز الشجرية كصدادات للأتربة، أو تصميم البنية الأساسية بما يتناسب مع التغيرات المحتمل حدوثها، ونجري دراسات مع مركز البحوث الزراعية من أجل تطوير واستنباط محاصيل أكثر تحملًا للحرارة والملوحة.

- هل يوجد بناء مؤسسي موحد مختص بالمناخ في مصر؟

بالطبع تم إنشاء المجلس الوطني لتغير المناخ برئاسة رئيس مجلس الوزراء وصدر قراره بتاريخ 7 مايو الماضي ويضم رئيس الوزراء ووزراء (الخارجية - البيئة - الري - الزراعة - التعاون الدولي - المالية - ممثل مجموعات الخدمات) لضمان أن يراعي التمويل المستقبلي كيفية تغير المناخ ويعطي أولوية لإجراءات معينة.

- هل هذا سبب توجه الدولة نحو الاعتماد على سيارات الغاز الطبيعي والكهرباء؟

لدينا برامج في هذا الإطار ومنها أول برنامج للتاكسي الأبيض الذي يعمل بالغاز الطبيعي، ويوجد برنامج جديد لتحويل سيارات الميكروباص، ويوجد برنامج موسع مع وزارة النقل يعتمد على سيارات النقل الجماعي التي تعمل بالكهرباء ونشر ثقافة ركوب الدراجات ومشروعات المترو وجميعها تهدف إلى الحد من الانبعاثات.

- ما مصير المتضررين من تأثيرات التغيرات المناخية؟

نجري بعض الإجراءات الداعمة لهذا القطاع، منها دور قطاع التأمين وكيفية التأمين ضد مخاطر التغير المناخي، سواء مع هيئة الرقابة المالية من خلال التأمين ضد مخاطر الكوارث.

- هل يدفع تأثر قطاع الزراعة في مصر إلى التوجه لزيادة الاستراد؟

التغيرات المناخية تحدث على مستوى العالم ولن تعاني منها دولة بمفردها، ولكن ستعاني كل الدول بنسب ومعدلات مختلفة، فعلى سبيل المثال إذا تضررت مصر في قطاع الزراعة وفي نفس الوقت تضررت الدول التي تعتمد عليها مصر في الاستيراد وخاصة المحاصل الاستراتيجية ستكون هناك مشكلة كبيرة لمصر وارتفاعات كبيرة في الأسعار حال التمكن من توفير المنتجات، حتى وإن لم تتعرض مصر لخسائر مباشرة جراء التغيرات المناخية، ونحاول وضع سياسات تجعلنا أكثر مرونة لأي تأثير حتى إذا وقع خارج مصر.

- ما هي أكثر المحاصيل المعرضة للضرر؟

الدراسات تشير إلى انخفاض إنتاجية معظم المحاصيل ما عدا محصول القطن الذي يشهد ازدهارًا في ظل هذه الظروف وحال حدوث موجات حرارية عنيفة، وهو ما يجعل الدولة تفكر في إعادة زراعته على نطاق موسع، الخطة الحكومية للتكيف مع تغير المناخ سيبدأ وضعها نهاية العام الحالي، على أن تنتهي بشكل كامل وتكون قابلة للتنفيذ في خلال 3 سنوات، وحصلنا على تمويل 3 ملايين دولار من الصندوق الأخضر للمناخ.

- ما هي أكثر المناطق الزراعية المعرضة للضرر؟

أكبر الأماكن المعرضة للضرر نتيجة الموجات الحارة هي المناطق الجنوبية، وأكثر مناطق معرضة للضرر نتيجة تملح التربة هي منطقة الدلتا، "الإجراءات في كتير بتتعمل بعضها في مناطق مش هينفع نحميها من التملح"، وبدأ التفكير إنها تستخدم كمزارع سمكية وكفر الشيخ هي المحافظة الأعلى في نسب التملح أو يمكن الاستفادة منها في زراعة الأرز، ونطور بعض أنواع المحاصيل القادرة على تحمل ملوحة التربة المرتفعة.

- وماذا عن نشاط السكان في هذه المناطق؟

هذه التغيرات ستؤثر على النشاط الزراعي نتيجة لعدم صلاحية التربة للزراعة بشكل واضح ولذلك نقوم بإقامة مشروعات بديلة لهؤلاء السكان أو تغيير النشاط الزراعي باللجوء لمحاصيل جديدة، ويوجد مشروع كبير في الصعيد بموازنة 7 ملايين دولار بالتعاون مع وزارة الزراعة وبرنامج الغذاء العالمي في الأقصر وسوهاج وأسيوط وأسوان هدفه مساعدة الفلاحين على التأقلم مع تغيرات المناخ، يتضمن التعاون مع الأرصاد لإطلاعهم على التغيرات المناخية المحتملة، ويتم منح قروض للسيدات في شكل عيني ويتم سداد القروض بنفس الشكل، كما يتم اللجوء لزراعة الأسطح، ونظام الري بالطاقة الشمسية لتقليل تكاليف استخدام المازوت.

- هل يمكن للتغيرات المناخية أن تغير خريطة الزراعة جغرافيًا في مصر؟

بالطبع أماكن الراعة تخضع لأشياء كثيرة وفي الماضي كان الأمر يسير وفق الدورة الزراعة التي انتهت وأصبح الأمر متروكًا للفلاحين، لكن وفقًا لاستراتيجية الدولة 2030 سيتم إعادة العمل بنظام الدورة الزراعية من جديد.

- هل سنشهد استمرار أو زيادة في وتيرة عنف الظواهر الجوية نتيجة التغيرات المناخية؟

طبعًا وهذا هو السبب الذي يجعلنا نعمل على إعداد خريطة التغيرات المناخية ليكون لدينا رؤية كاملة لما يمكن أن نتعرض له من تغيرات مناخية وتأثيراتها على مدار 100 عام مقبلة وبالتالي نضع خطط التحرك المناسبة للتعامل مع أي أزمة.

وعقب انتهاء الخريطة الخاصة بالتغيرات المناخية في مصر سيكون من السهولة توقع تقلبات الطقس وتغيرات المناخ، وفقًا لاحتمالات بزيادة معدلات الحرارة في مناطق بعينها حتى يتم التعامل الأمثل مع هذا التهديد.

- هل تحدث التغيرات المناخية على مستوى العالم بشكل منظم أم فوضوي؟

التغيرات المناخية على مستوى العالم تحدث بشكل فوضوي لأن التغيرات المناخية تعتمد على 3 مبادئ الحدة والشدة والتكرارية، فإذا كانت كمية معينة من المياه تسقط على مدار فصل الشتاء كاملًا يمكن للتغيراتن المناخية المتطرفة أن تجلعها تسقط في أسبوع واحد أو تركزها على مناطق بعينها دون غيرها وبذلك سيكون الضرر أكثر حدة ولا يمكن للبنية التحتية أن تتحمله وبالتالي ستحدث مزيد من الكوارث.

- هل طبيعة المناخ في مصر يمكنها أن تكون سببًا في مضاعفة التأثيرات المناخية؟

طبقًا للدراسات لا يوجد تحديد واضح لما سيحدث، وقمنا بالمقارنة بين 40 نموذجًا عالميًا وبناء على هذه المقارنات بدأنا نستخدم أفضل نموذج من أجل الاسترشاد به في بناء خريطة التغيرات المناخية المصرية، لكن لدينا ظواهر ثابتة منها السيول والأمطار الكثيفة والموجات الحرارية المتطرفة زيادة أو نقصًا والعواصف الترابية.

فيديو قد يعجبك: