إعلان

رأس توت عنخ آمون ليست الأولى.. التاريخ الأسود لصالات مزادات بيع الآثار المصرية

04:47 ص الخميس 04 يوليه 2019

رأس توت عنخ آمون

كتب - محمد عاطف:

لا تتوقف الأنباء التي ترد إلينا من عواصم الدول الغربية عن عرض عدد من القطع الأثرية المصرية للبيع عبر صالات المزادات العالمية، ما يمنح هذه الصالات شهرة واسعة ليس بين عشاق الآثار ومحبي التحف الفنية واللوحات التشكيلية فقط، ولكن لدى الجمهور العادي.

وقد فرضت أخبار هذه الصالات نفسها على الجمهور في كل مكان، خاصة مع تزايد الجدل حول بعض المعروضات في الآونة الأخيرة وعلى رأسها تمثال توت عنخ آمون الذي يعرض للبيع في صالة كريستيز للبيع بعد ساعات قليلة من الآن، وسط استنكار تام من الجانب المصري، وهو أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام حول دور بعض هذه الصالات في غسيل سمعة مهربي الآثار وتقنين موقف مقتني هذه القطع الأثرية النادرة.

ومن أشهر دور المزادات وصالات العرض، التي تستهدف بيع القطع الأثرية المصرية؛ كريستى، و سوثبى، و بيدون، وبونهامز، أما عن محلات البيع المباشر للقطع الصغيرة فيوجد جاليرى سمر قند الأشهر، وديفيد فى العاصمة الفرنسية باريس، فضلاً عن موقع آي باي التجاري على الإنترنت، وتتمثل الأزمة الحقيقية في أن مشتري هذه القطع الأثرية في أحد هذه الصالات يكتسب وثيقة ملكية تمكنه من تصديرها إلى أي بلد في العالم، وقد لوحظ أن أغلب المشترين أشخاص مجهولى الهوية يرفضون الكشف عن أسمائهم أو هوياتهم.

وما سبق لا ينفي أن بعض هذه الصالات تستجيب للحكومة المصرية في بعض الوقائع التي تثبت فيها وزارة الثقافة أو الآثار المصرية سرقة القطع المعروضة من مخازن أو متاحف الوزارة، كما حدث مع عدد من الآثار والمخطوطات التي استعادتها مصر ورفضت دور العرض استكمال المزاد عليها.

وفي بيان شديد اللهجة، انتقدت وزارتا الخارجية والآثار المزاد الذى أقيم اليوم 3 يوليو في لندن بصالة مزادات كريستيز، وشهد بيع عدد من القطع الأثرية المصرية، دون الاستماع للمطالب المصرية المشروعة على مدار الأسابيع الماضية والخطوات التي اتخذتها الوزارتان ومنظمة اليونسكو مع صالة كريستيز ووزارة الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى المساعدة القضائية التي طلبتها السلطات المصرية من جهات الاختصاص البريطانية.

ووصف البيان ما حدث بأنه أمر يتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة؛ حيث إن صالة المزادات لم تقدم للجانب المصرى حتى تاريخه المستندات الخاصة بالقطع الأثرية.

وشدد السفير طارق عادل سفير مصر لدى بريطانيا أن إقامة المزاد وعدم تأجيله جاء رغم الاعتراضات والملاحظات القانونية التي أثارتها مصر بشأن شرعية تداول القطع المصرية المعروضة بالصالة، وأبلغتها السفارة بشكل واضح لصالة المزادات والسلطات البريطانية من خلال قنوات مختلفة، وأنه يؤسف السفارة أن الصالة تعتزم المضي قدمًا في إقامة مزاد ثان غدًا لعرض مزيد من القطع الأثرية المصرية، بما في ذلك رأس تمثال مصري أثرى صغيرة للملك توت عنخ آمون، للبيع رغم المطالبة بتأجيله لإتاحة الوقت للتدقيق والتأكد من شرعية تداول هذه القطع وصحة وثائقها وإثباتات خروجها الشرعي من مصر، ويعزز من تلك المطالبات الشكوك التي أثيرت حول صحة تداول بعض القطع في تقارير ومقالات متخصصة.

وخلال السطور التالية نستعرض أشهر هذه الصالات وأشهر القضايا التي نالت شهرة إعلامية وأثارت الجدل مؤخرًا:

صالة كريستيز

وعلى الرغم من علامات الاستفهام الكبيرة التي يطرحها تعامل صالة كريستيز مع مزاد تمثال توت عنخ آمون، والتعنت الذي تمارسه الدار تجاه المطالب المشروعة من الجانب المصري وعدم استجابتها لطلبات مصر في إيقاف المزاد، زعمًا منها أنها اطلعت على أوراق ملكية التمثال واقتنعت بأن التمثال لم يخرج من مصر بشكل غير شرعي، إلا أنها تعد أهم وأكبر صالة مزادات متخصصة في الفنون الرائدة في العالم، فقد تم تأسيسها عام 1766 على يدِ جيمس كريستي، بينما بلغت حصيلة مزاداتها عام 2015، حوالي 7.4 مليار دولار أمريكي.

إصرار دار كريستيز للمزادات، على إتمام المزاد ليس الأول من نوعه فقد سبقه واقعة شهيرة تتمثل في يوليو عام 2014، تتمثل في بيع تمثال سخم كا بمبلغ مالى قدره 15.8 مليون جنيه إسترلينى، من قبل مشتر مجهول، وهو رقم قياسى فى بيع التماثيل المصرية القديمة، فقد أصرت الدار على إتمام صفقة بيعه رغم كل الجهود التي بذلها الجانب المصري في سبيل إثبات ملكية التمثال وخروجه من مصر بشكل غير شرعي.

ورغم محاولات الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار الأسبق، لاستعادة التمثال إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، بعدما دعا المصريين الأثرياء لشراء التمثال وإعادته لمصر، فلم يتم التبرع بأى مبلغ لتلك الحملة، كما أعلنت وقف التعامل مع متحف نورث هامبتون ببريطانيا فى أى مجال يخص الآثار والمتاحف، نظرًا لبيعه التمثال في 2014 بما يخالف الأخلاق المتحفية في العالم.

وتنظّم كريستيز سنويًا قرابة 350 مزادًا على امتداد أكثر من ثمانين فئة مختلفة، منها الفنون الجميلة والزخرفية والمجوهرات والصور الفوتوغرافية والمقتنيات وغيرها الكثير.

ويقترن اسم كريستيز منذ عهد بعيد بتنظيم أهم المزادات الخاصة في العالم لنخبة من عملائها على امتداد الفئات المختلفة، لاسيما ما يتصل بالأعمال الفنية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية والأعمال الفنية المعاصرة والانطباعية والحديثة، وأعمال الفنانين الأوروبيين من القرن الرابع عشر إلى بداية القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى المجوهرات.

ووطَّدت كريستيز حضورها حول العالم على مدار الأعوام وتملك اليومَ 54 مكتبًا في 32 بلدًا، وتملك أيضًا 12 صالة في أشهر مدن العالم لاستضافة مزاداتها تشمل لندن ونيويورك وباريس وجنيف وميلان وأمستردام ودبي وزيوريخ وهونغ كونغ وشنغهاي ومومباي. وكانت كريستيز سباقة عندما وسعت نطاق مبادراتها مؤخراً في الأسواق الواعدة، مثل روسيا والصين والهند ودولة الإمارات العربية المتحدة، وباتت تنظّم مزادات ومعارض ناجحة في بكين ومومباي ودبي.

ومازال الأمل قائما في أن تستجيب الدار لمطالب مصر المشروعة في الحفاظ على الآثار المصرية التي تعد ملكًا للأجيال القادمة، كما أكد الدكتور خالد العناني في كلمة وجهها إلى سفراء دول العالم في مصر مؤخرًا، مطالبًا بضرورة تغيير القوانين التي تسمح في الاتجار بالآثار.

صالة سوثبي

إذا ذكرت صالة سوثبي ذكرت عدد من الوقائع سيئة السمعة التي طالت الاتجار في بعض الآثار المصرية الهامة، ففى يوم 8 ديسمبر 2015، عرضت بيع عدد كبير من الآثار المصرية، ومن أبرز هذه الأعمال، تمثال نصفى من البازلت للملك تحتمس الثالث ويقدر من 200 ألف إلى 300 ألف دولار، إلى جانب تمثال شمعى مجزأ الرأس من الجرانيت الأحمر للملك أمنحتب الثالث نحت فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه، إضافة إلى تمثال ضخم من الجرانيت للاله سخمت، وكانت هذه الممتلكات ضمن مجموعة جون لينون رئيس المزاد السابق، وحققت رقم قياسى عالمى للفن المصرى عند بيعها لأول مرة فى دار سوثبى للمزادات فى نيويورك عام 1986.

وتعد دار سوذبي للمزادات هي رابع أقدم دار مزاد في العالم لها 90 موقعًا في 40 بلدًا، تم تأسيسها عام 1744 في لندن، بينما أصبح مقرها الأساسي اليوم في مدينة نيو يورك.

وتعتبر الدار من أكبر سماسرة الفنون الجميلة والزخرفية، المجوهرات والعقار والمقتنيات، وتقسم استثماراتها لثلاثة أجزاء: مزادات، تمويل وبيع. وتتراوح خدمات الشركة من الخدمات الفنية للمبيعات الخاصة، وهي من أكبر مراكز الأعمال الفنية في العالم مع مبيعات عالمية بلغت 5.8 مليار دولار في عام 2011.

تأسست دار سوثبي للمزادات في 11 مارس 1744 في لندن، وتأسست الشركة القابضة الأمريكية في البداية في أغسطس 1983 في ولاية ميشيجان، وفي يونيو 2006، انتقلت شركة سوثبي القابضة في ولاية ديلاوير وتم تغيير اسمها دار سوثبي للمزادات.​

فيديو قد يعجبك: