إعلان

أحمد كمال أبوالمجد.. رحيل شاهد عصور الثورات -"بروفايل"

12:36 ص الخميس 04 أبريل 2019

المفكر أحمد كمال أبوالمجد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد قاسم:
عن عمر ناهز 89 عامًا، رحل المفكر أحمد كمال أبوالمجد تاركًا ورائه إرثًا من المؤلفات القانونية والإسلامية والمواقف السياسية بعدما تعاقب على المناصب الرسمية والأكاديمية والمهنية منذ ستينات القرن الماضي، ليصبح شاهدًا على عصور الثورات المصرية منذ 23 يوليو 1952 حتى 30 يونيو 2013.

ولد أبوالمجد في 28 يونيو 1930 بمحافظة أسيوط، حصل على ليسانس الحقوق بجامعة القاهرة عام 1950 وحصل على الدكتوراه عام 1958، وماجستير في القانون المقارن من جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1959، وكان أحد رواد التنظيم الطليعي الذي أنشائه الرئيس جمال عبدالناصر لإخراج كوادر سياسية بالبلاد.

بدأ نجم "أبوالمجد" يظهر مع دخوله عالم السياسة والمناصب الرسمية منتصف ستينيات القرن الماضي بعد تعيينه مستشارًا ثقافيًا لمصر في العاصمة الأمريكية واشنطن، وتصادف أن المنصب جاء بعد فترة وجيزة من دخوله السجن الحربي شهرًا بوشاية.

في مقالة كتبها ديسمبر 2015، حكي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية سعد الدين إبراهيم وقت أن كان رئيسًا للطلبة المصريين (1963/1964)، ثم رئيساً للطلبة العرب فى الولايات المتحدة وكندا (1965/1966)، أن أبوالمجد قال له إنه "ألقي القبض عليه وحُبس لعدة شهور، وتم التحقيق معه بتهمة أنه من جماعة الإخوان، ثم أفرج عنه، وتم تعيينه مستشاراً ثقافياً فى واشنطن. وهو لا يعلم يقيناً من تسبب فى القبض عليه، ولا يعلم يقيناً لماذا تم اختياره وتعيينه مستشاراً ثقافياً!".

ووصفه إبراهيم، بأنه "من القلائل الذين جمعوا بين العلم الغزير بالتراث الفقهى الإسلامي، والعلم الاجتماعي الحديث بأوسع معانيه. فكان بذلك نموذجاً حياً للأصالة والمُعاصرة".

في واشنطن، تلقى أبوالمجد اتصالا من مكتب الرئيس الراحل أنور السادات بترشيحه أمينا للشباب بالحزب الاشتراكي عام 1971 إلى أن تولى منصب وزير الشباب في عام 1973، ليصبح أصغر وزيرًا بالحكومة، ثم عين وزيرًا للإعلام والثقافة في أبريل 1974 وحتى أغسطس 1975.

وقال أبوالمجد -في حوار سابق بقناة دريم- إنه لم تكن هناك علاقة مباشرة ربطته بالرئيس عبدالناصر، لكن علاقة إنسانية جمعته بالرئيس السابق محمد أنور السادات، انتهت بتعيينه وزيرا.

هاله مشهد اغتيال السادات في 1981، ووصفه بـ"المشهد العبثي والذين اغتالوه ندموا وفكرة القتل غريبة على طبيعة الشعب المصرى والذين ارتكبوه وقعوا فى حماقة وفى جهل".

بينما قال عن الرئيس الأسبق حسني مبارك: "رجل نظامي منضبط، لا أظن أنه خارق في غير اختصاصه، وبالتالي رؤيته نظامية أكثر منها لجان وأظن لازم أسجل له وعليه، الجزء الأول أو السنوات الأولي من حكمه تصرف كضابط نظامي منضبط وطني".

أما عن الرئيس الإخواني محمد مرسي، قال في حوار صحفي سابق: "مرسي لم يكن يتمتع بمواصفات الرئيس، وأنا أرى أن أداء الإخوان سلبى منذ عام 1948 ويرغبون فى التكويش على كل شىء، وكانت غلطة حسن البنا الكبرى تأسيس تنظيم سري".

في أكتوبر 2013 عقب سقوط جماعة الإخوان في ثورة 30 يونيو، طرح "أبوالمجد" مبادرة للمصالحة بين الإخوان والدولة أثارت جدلاً واسعًا لكن لم تلق استجابة من أحد.

دافع أبو المجد عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسي بأنه "رجل دولة وصاحب كاريزما، ويملك قدرًا محمودًا من الشجاعة وصاحب خبرة فى جهاز المخابرات الحربية وإدارته لوزارة الدفاع جيدة".

كتب أبوالمجد مقدمة أول طبعة رسمية لرواية الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ الشهيرة "أولاد حارتنا" التي ظلت ممنوعة عن الجمهور نحو نصف قرن منذ نشر فصول منها في جريدة الأهرام.

وقال في المقدمة إن "الرواية أحدثت في حياتنا الثقافية دويًا ظلت أصداؤه تتردد سنوات طويلة أساء البعض فهمها. وكان المغزى الكبير الذي توجت به أحداثها، أن الناس حين تخلوا عن الدين ممثلاً في (الجبلاوي)، وتصوروا أنهم يستطيعون بالعلم وحده ممثلاً في "عرفة" أن يديروا حياتهم على أرضهم التي هي حارتنا، واكتشفوا أن العلم بغير الدين تحول إلى أداة شر، وأنه قد أسلمهم إلى استبداد الحاكم وسلبهم حريتهم، فعادوا من جديد يبحثون عن (الجبلاوي)".

كان أبوالمجد أحد أشهر المحامين والقانونيين في مصر والوطن العربي وظل أستاذًا متفرغًا بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وسبق أن عمل لسنوات مستشارًا لأمير الكويت في مرحلة بناء الدولة الوليدة، كما أحد قضاة البنك الدولي في فض المنازعات.

للمفكر الراحل العديد من المؤلفات العلمية، في مقدمتها الرقابة على دستورية القوانين في الولايات المتحدة ومصر، القاهرة، عام 1960،/ الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، القاهرة، عام 1964، النظام الدستورى لدولة الإمارات العربية المتحدة، القاهرة، عام 1978، دراسات في المجتمع العربى، القاهرة، عام 1962، حوار لا مواجهة، القاهرة، عام 1988، رؤية إسلامية معاصرة، القاهرة، عام 1991.

حتى وفاته كان عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية، ونعاه الأزهر الشريف مشيدًا بما عرف عن "أبوالمجد" من سماحة الفكر وسعة الأفق وغزارة الإنتاج الفكري والقانوني، حيث قدم للمكتبة العربية والإسلامية العديد من المؤلفات القيمة في مجالات عدة.

فيديو قد يعجبك: