كشفتها بصمة وسكين بارد.. أسرار وأخطاء الفراعنة في مقبرة "خوي" (صور)

08:46 ص الإثنين 15 أبريل 2019

كتب- محمد عاطف:

تزخر مقبرة "خوي" أحد نبلاء الأسرة الخامسة، والتي ترجع لعصر الملك جدكارع، التي افتتحها الدكتور خالد العناني وزير الآثار، بالكثير من الأسرار والحكايات المجهولة التي نستعرضها خلال السطور التالية.

إعلان

وتعد المقبرة من المقابر النادرة التي وقع فيها الفنان المصري القديم الذي نقش المقبرة، في خطأين واضحين كشفهما لـ"مصراوي"؛ الدكتور مصطفى وزيري أمين المجلس الأعلى للآثار.

أول خطأ يتمثل في وجود بصمة لكف الفنان المصري القديم الذي نقش المقبرة، وهو أمر يرجعه "وزيري" إلى حدوث خطأ ما أثناء تلوينها، مرجحًا أن يكون الفنان قد تعب أثناء النقش والتلوين فاستند بيده على جدار المقبرة حتى لا يسقط على الأرض بينما كانت الألوان لم تجف بعد وهو ما أدى إلى ظهور هذه البصمات بشكل واضح في جانب من الغرفة الملونة بالمقبرة.

الخطأ الثاني يتمثل في أن الفنان المصري القديم رسم مركبًا عليه 4 من البحارة ونسى أن يلون أحدهم في الرسمة التالية، ويعلق "وزيري" على هذه الأمور قائلًا: "هذه المؤشرات النادرة التي تتميز بها هذه المقبرة دليل على أن المصري القديم كان يسعى للكمال في عمله إلا أن الفعل البشري لابد أن يناله النقصان مهما سعى البشر لإتقان عملهم، مشيرا إلى أن الفراعنة كانوا بشرًا يخطئون ويصيبون".

وأكد "وزيري"، أن أحد الأمور اللافتة للنظر في النقوش الموجودة على جدران المقبرة تتمثل في خطوان ذبح القربان، حيث يجسد الفنان المصري القديم دقة ما حدث بأن السكين الذي ذبح به القربان كان حادًا مع بداية الذبح إلا أن الذابح نسى أن يسن السكين فإذا بالسكين غير قادر على الذبح، في آخر النقوش التي جاءت على الجدار، وهذا ما جسده الفنان بكل دقة.

ومن أهم التفاصيل التي حرص المصري القديم على أن يسجلها بكل دقة في هذه المقبرة كانت نثر دماء القربان الذي يسيل من أثر السكين أثناء عملية الذبح التي تتم، وحرص على أن تأتي بشكل عشوائي تمامًا كما تنفجر من شرايين الذبيحة بالضبط، وهو ما نراه مسجلًا على الجدران خلال الصور والنقوش.

ومن الأشياء المثيرة في المقبرة أيضًا، أنها تحتوي على أربعة من الأواني الكانوبية التي كان المصري القديم يصنعها من قديم الأزل ليحتفظ خلالها بالأحشاء مثل الكبد والطحال والأمعاء والرئتين، والجديد أن غطاء هذه الأواني الكانوبية مازالت تحفظ بالكتان وبقايا مواد التحنيط وخاصة مادة الراتينج، التي استخدمها الفراعنة لتحنيط مومياء "خوي"، وتظهر بوضوح في غطاء هذه الأوعية الأربعة.

والمقبرة تم اكتشافها خلال موسم الحفائر الحالي أثناء قيام البعثة المصرية برئاسة الدكتور محمد مجاهد، وهي فريدة من نوعها لشخص يدعى خوي كان يشغل منصب النبيل لدى الملك، آواخر عصر الأسرة الخامسة من الدولة القديمة.

تتكون المقبرة من بناء علوي عبارة عن مقصورة قرابين شيدت على شكل حرف L. ومن الواضح أن أحجار المقصورة قد تم انتزاعها خلال العصور المصرية القديمة واعيد استخدامها في أماكن أخري، حيث لم تعثر البعثة سوي علي بقايا الجدران السفلية والتي شيدت من الحجر الجيري الأبيض.

كما عثرت البعثة أيضا بالجدار الشمالي من المقبرة علي مدخل البناء السفلي للمقبرة والذي يحاكي تصميمه أهرامات الأسرة الخامسة، وهو التصميم الذي يتم الكشف عنه لأول مرة داخل مقابر للأفراد وليس ملوك تلك الفترة.

يبدأ هذا الجزء من المقبرة بممر هابط يؤدي إلى ردهة صغيرة ومنها إلى حجرة أمامية منقوش عليها مناظر تصور صاحب المقبرة جالس أمام مائدة القرابين، وعلى قائمة قرابين ومنظر لواجهة القصر.

كما كشفت البعثة عن حجرة ثانية غير منقوشة استخدمت كحجرة للدفن بها بقايا تابوت من الحجر الجيري الأبيض مهشم تماماً، ويعد هذا الكشف استكمال لإظهار أهمية فترة الملك جدكارع بصفة خاصة ونهاية الأسرة الخامسة بصفة عامة، حيث نجحت البعثة أيضًا خلال موسم حفائرها الماضي في الكشف عن اسم زوجة الملك لأول مرة، والتي كانت تدعى الملكة "ست إيب حور"، محفورًا على عامود من الجرانيت كان ملقى بالجانب الجنوبي من معبدها.

وتعتبر المجموعة الهرمية للملكة ست إيب حور، والموجوده شمال شرق هرم زوجها، أحد أضخم المجموعات الهرمية التي شُيدت لملكة خلال عصر الدولة القديمة، وواحدة من أوائل الأهرامات التي شيدت بجنوب سقارة خلال نهاية الأسرة الخامسة.

وتقوم البعثة باستكمال أعمال الترميم والتسجيل الأثري للمجموعة الهرمية للملك جدكارع وزوجته ست إيب حور لاكتشاف المزيد من معلومات عن تاريخ نهاية الأسرة الخامسة وبداية الأسرة السادسة والذي شهد تحول جذري في الفكر والعقيدة المصرية القديمة من خلال ظهور نصوص الأهرامات لأول مرة داخل هرم الملك أوناس وريث عرش الملك جدكارع، وكذلك التوقف عن تشييد معابد الشمس التي شيدها جميع ملوك الأسرة الخامسة قبل جدكارع.​​

إعلان