إعلان

برلماني يكشف ملاحظاته على تعديلات الحكومة بتغليظ عقوبة الامتناع عن سداد النفقة

06:08 ص الخميس 17 أكتوبر 2019

الدكتور محمد فؤاد عضو مجلس النواب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - ميرا إبراهيم:

يناقش مجلس النواب، خلال جلسته العامة يوم الأحد المقبل برئاسة الدكتور علي عبد العال، تقرير اللجنة المشتركة من الشؤون الدستورية والتشريعية ولجنة التضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937.

حصل "مصراوي" على مذكرة ملاحظات للنائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب وأحد مقدمي مشروعات قوانين الأحوال الشخصية على مشروع القانون بتعديل المادة 293 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والمقدم من جانب الحكومة.

تضمن التقرير ملاحظات حول الفقرة الثانية من المادة (293) من المشروع، والتي نصت على "يترتب على الحكم الصادر بالإدانة تعلق إستفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتى أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال".

وقال فؤاد، في نص ملاحظاته: "حيث أنه من المقرر دستوريًا أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائي على أوجه السلوك التي تضر بمصلحه اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامع مع من يعتدي عليها، ذلك أن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بينهم بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداه لحملهم علي إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يمكن أن يحدد من منظور اجتماعي ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم بما مؤداه أن الجزاء لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مخالفًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية".

وتابع بأن "النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد علي ضوء عدة ضمانات يأتي على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون موقعها، وهي ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية علي بينه من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها".

وأضاف أن "الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، ولذا فإن تقرير استثناء من هذا الأصل أيا كانت الأغراض التي يتوخاها مؤداه التسليم بأن ظروف الجناة قد تماثلت بما يقتضي توحيد ما يحقق بهم من جزاء، وهو الأمر الذي يخل بتناسب العقوبة مع قدر الجريمة وملابساتها وسمات الجاني الشخصية، وإذا كانت أهم عناصر مشروعية العقوبة من الناحية الدستورية أن يباشر كل قاض سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها في الحدود المقررة قانونا، فإنه لا مجال لحجب القاضي عن ممارسة هذه السلطة التقديرية وحرمانه من مباشرة حقه في الحكم بالبدائل العقابية التي يرى ملائمتها لكل حالة على حدى".

وتابع: "إذا كان المشرع قد حجب القاضي عن مباشرة سلطاته والأخص منها سلطة القاضي التقديرية فإنه بذلك يكون قد أخل بأهم خصائص الوظيفة القضائية وهي تقدير العقوبة التي تناسب الجريمة محل الدعوى الجنائية".

وأشار إلى أنه "لا يجوز للدولة في مجال مباشرة سلطاتها في فرض العقوبة صونًا لنظامها الاجتماعي أن تنال من الحد الأدنى لحق المتهم في محاكمة قانونية يطمئن خلالها إلى توافر الضمانات المقررة بالمادة (96) من الدستور، ومن بينها شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة وارتباطها بشخص الجاني ونيته والضرر الناجم عنها، حتي يرد الجزاء موافقًا لما اقترفه، وكان تقدير هذه العناصر جميعها يتولاه القاضي منفردًا بمقتضى سلطته في مجال تفريد العقوبة، فإن حرمانه من ذلك يخل بالضمانات المشار إليها ويؤدي بالغاية من النصوص العقابية".

واستكمل أن "نص الفقرة موضوع المشروع المقدم يكون قد أهدر من خلال إلغاء سلطة القاضي في توقيع العقاب وتفريد العقوبة جوهر الوظيفة القضائية، وجاءت منطوية على التدخل في صميم شئونها، ونائية عن ضوابط المحاكمة المنصفة فتردي مخالفة أحكام المواد ( 186، 184، 96، 92، 54) من الدستور، على نحو ما سوف يرد في المنطوق".

وقال إنه لما كان ذلك وكان نص المشروع المقدم في مادته 293 من قانون العقوبات قد نظم العقوبة التي رأى المشرع تقريرها جزاء اقتراف الفعل الذي آثمه، وهو الامتناع عن دفع دين النفقة مع قدرته عليه مده ثلاث شهور وبعد التنبيه عليه بالدفع، وهي عقوبة الحبس الذي يقدره القاضي بين حدين الأدنى منها يوم واحد وأقصاها سنة واحدة، وأجاز هذا النص اقتران الحبس بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين وعلي الرغم من أن الفعل المؤثم الذي نظم عقابه مشروع القانون المقدم قد سمح ببديل التصالح بين طرفي الخصومة، وكان المشرع بذلك توخى بالعقاب وبغير تنفيذ العقاب حماية مصلحة معتبره قانونًا الا أن المشروع المقدم قد أقر عقابًا تكميليًا آخر مضافًا للمادة (239) وعن نفس الجريمة وبغير تبرير وهي تعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتى أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي على حسب الأحوال وهو ما نراه نصًا تعميميًا بغير ضرورة بل هو استثناء على الأصل حيث وجه النص توقيع عقاب تكميلي بغير قاض خرقا لمبدأ شرعية العقوبة وإخلال بأهم خصائص الوظيفة القضائية، حيث هي أدوات التشريع يتساند اليها القاضي بحسب ظروف كل دعوى تحقيقا لمبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففي الأحوال التي يمتنع عليه إعمال إحدي هذه الأدوات المنصوص عليها في القانون وسلبها منه، أو الانتقاص من صلاحياته بشأنها، فإن الاختصاص المنوط به تفريد العقوبة يكون قد انتقص منه بما يفتئت على استقلاله وحريته في تقدير العقوبة وينطوي على تدخل محظور في شأن العدالة".

واستكمل: "حيث أنه متى كان ما تقدم فإن المشروع المقدم يكون قد أهدر من خلال الإنتقاص من سلطة القاضي في تفريد العقوبة جانبًا جوهريًا من الوظيفة القضائية، وجاء منطويًا كذلك على تدخل في شؤون العدالة، مقيدًا للحرية الشخصية في غير ضرورة، بما يمسها في أصلها وجوهرها، ونائيًا من ثم عن ضوابط المحاكمة المنصفة، ومخلاً بمبدأ خضوع الدولة للقانون وواقعًا في حمأة مخالفة أحكام المواد (96، 92، 54، 186، 184) من الدستور".

وأضاف: "لما كان الهدف من أي تشريع تحقيق العدالة يستوجب الأمر أن ننظر إلى النصوص التشريعية بشكل يحقق العدالة بين بين الأطراف التي يفصل بينهم القانون، إلا أننا نجد أن كافة التشريعات التي تستحدث على مر الزمن بشأن الأحوال الشخصية تأتي دومًا لتنصف طرفًا بعينه دون الطرف الآخر، ففي الوقت الذي يعرض فيه أمام البرلمان عددا من القوانين بشأن تحقيق مبدأ العدالة في قوانين الأحوال الشخصية نرى تجنب المناقشة بشأنهم والاهتمام بتعديلات بعينها فقط تنصف أطرافًا محددة".

وقال إننا "نجد تضارب في المجتمع المدني في نظرته حول تلك القوانين فنتابع بتعجب أن الكيانات التي عارضت بشدة مشروع قانون مقدم من النائبة سهير الحادي لتعديل مادة في قانون الأحوال الشخصية لإقرار الاستضافة مستندين أن هذا تفصيل للقانون والأحرى أن يتم تعديل القانون بالكامل، وعند تقديم مشروع قانون كامل عورض بشدة أيضًا، فهي ذاتها الكيانات التي تسعد الآن بشدة علي موافقة مجلس الوزراء علي تعديل مادة في قانون العقوبات تعديلاً تفصيلاً لحبس الممتنع عن دفع النفقات وأضاف دون وجه حق أن يحرم من الخدمات المطلوب الحصول عليها والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتي أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال".

جدير بالذكر أن النائب محمد فؤاد تقدم في أبريل 2017 بمشروع قانون متكامل للأحوال الشخصية والمعروف إعلاميًا "بقانون فؤاد للاحوال الشخصية" وشارك في العديد من جلسات الحوار المجتمعي في كثير من المحافظات ومع عدد من النقابات، واستخدم "فؤاد" على مدار أدوار الانعقاد الماضية الكثير من الأدوات الرقابية والتشريعية لسرعة طرح مشروع القانون للحوار المجتمعي، وتم الإعلان عن طرحه للحوار المجتمعي في أبريل 2018 وأخرى في يناير 2019 وتم تأجيله في المرة الأخيرة لعدم ورود تعليقات جهات الأخذ بالرأي كالأزهر الشريف والمجلس القومي للمرأة.​

فيديو قد يعجبك: