إعلان

صلاح فوزي عضو لجنة العشرة لـ مصراوي: الدستور مواده متعارضة.. وتعديله غير محظور (حوار)

06:40 م الخميس 31 يناير 2019

صلاح فوزي عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي

قال الدكتور صلاح فوزي، عضو لجنة العشرة التي وضعت المسودة الأولى لدستور 2014، وعضو لجنة الإصلاح التشريعي، إن الدستور يضم الكثير من المواد المتعارضة في نصوصها، إلى جانب مواد أخرى غير محكمة الصياغة، مطالبًا بحذف مادة العدالة الانتقالية.

وأضاف فوزي، في حوار لمصراوي، أن مواد الدستور نصت على تعديله بعكس ما يتم ترويجه بأنه لا يمكن تعديل الدستور، وهذا ينطبق على مواد انتخاب رئيس الجمهورية، لافتًا إلى أن المادة 140 غير محكمة الصياغة وتحتاج إلى التغيير، وإلى نص الحوار...

بداية.. كيف ترى دعوات تعديل الدستور رغم كونك أحد واضعيه؟

أنا بقول إن المسودة اللي عملناها في لجنة العشرة لإعداد الدستور كانت تتضمن ١٤٧ مادة ولكن تم زيادتها إلى 247 مادة بزيادة عشرات المواد عن المواد التي وضعناها في المسودة الأولية للدستور، إلى جانب تعديل مواد أخرى من التي أرسلناها، رأي لجنة العشرة في النهاية استشاري.

يمكن من منظور الواقع في الظروف اللي كانت تمر بمصر كان الدستور الحالي أفضل ما يمكن تحقيقه، ولكن في حاجات تحتاج إلى تعديل بلا شك لأنها تتعارض مع بعضها ومع التطبيق على أرض الواقع.

هل التعديل منصوص عليه في الدستور؟

التعديل أمر منصوص عليه فعلًا في الدستور، فالمادة 226 من الدستور حصرت طلب الحق في التقدم بطلب تعديل الدستور على رئيس الجمهورية أو خمس أعضاء مجلس النواب، ويحق للنواب اقتراح تعديلات على الدستور لأن هذا حق دستوري لا يمكن حظره عليهم، ومن يدعي ذلك فهو يعارض الدستور الذي وافق عليه.

ما المشكلات التي تراها في مواد الدستور؟

العالم كله يتحدث عن الاستثمار ومصر تحديدًا خاصة في ظل وضعها الحالي بما تستهدفه من جذب لرجال الأعمال والمستثمرين، لكن تجد على سبيل المثال في المادة 32 من الدستور تنص على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، وتلزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها، وأنه لا يجوز التصرف في أملاك الدولة العامة، ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية أو التزام المرافق العامة بقانون لمدة لا تزيد عن 30 عامًا، ويكون منح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة والملاحات لمدة لا تجاوز 15 عامًا.

أرى أن هذه المادة لا تتناسب وطبيعة توجه الدولة، ده جراج روكسي بنظام Bot لمدة 25 عامًا، لما نتكلم عن مشروع ضخم يتكلف مليارات إزاي حق انتفاعه يبقى 30 سنة بس، دي نقطة طاردة للاستثمارات، ما الحل إذا حدث إخلال في التوازن المالي للعقد؟ وإعادة التوازن المالي لا سبيل له إلا بزيادة مدة التعاقد وفي هذه الحالة سنصطدم بنص المادة ٣٢.

هل ترى أن مواد أخرى بحاجة للتعديل؟

في مواد فيها إفراط في الإجراءات، مثلًا لما تيجي تتكلم عن وظائف الخبراء والطب الشرعي، ورغم أهميتها لكن دي مش مكانها الدساتير ولكن مكانها في القوانين، إحنا زحمنا الدستور بمواد أخرى.

ماذا عن العدالة الانتقالية؟

مادة العدالة الانتقالية على وجه التحديد لا ينبغي تواجدها في الدستور لأن العدالة واحدة لا توجد عدالة انتقالية وغير انتقالية، إحنا في دور الانعقاد الرابع للبرلمان والدستور نص على إصدار القانون في دور الانعقاد الأول، هل هنا في مخالفة على البرلمان؟ الإجابة لا، ده مش غلط، لأنه لا توجد رقابة على الامتناع التشريعي وملائمة التشريع ووقف إصداره من إطلاقات البرلمان، تواجد المادة دي في الدستور مش مناسب، لازم اللي ارتكب إرهاب يتعاقب، ولو في ناس اتحكم علهيا إزاي هنتصالح معاها.

قلت إنه توجد مواد متناقضة مع بعضها، ما هي؟

المواد 107 و 210 بهما تناقض واضح، مثلا المادة 107 حددت أن تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب "تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل في الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ وروده إليها، وفي حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم" وهنا الطعن على العضوية يكون أمام محكمة النقض.

بينما أعطت المادة 210 المحكمة الإدارية العليا الاختصاص بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية بما في ذلك المتعلقة بالنتيجة ولا شك ان الطعن علي صحة العضوية هو طعن علي النتيجة.

هل الدستور محصن ضد التعيدل؟

الكلام ده غلط، وأقول لمن يقول ذلك عليك أن تقرأ الدستور جيدًا، لا توجد دساتير ممنوعة من اجراء تعديلات عليها ويؤخذ في الاعتبار الاجراءات المنصوص عليها لإجراء التعديل، فالمادة 226 بينت طريقة تعديل الدستور، ويمكن تعديل مدة الولاية اذا ارادت هيئة الولاية "الناخبين" ذلك، وما لا يعرفه الناس أن المادة 226 نصت على التعديلات.

ماذا عن الفقرة الأخيرة من هذه المادة؟

الفقرة الأخيرة من المادة 226 والتي تنص على أنه "في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات" لا يمكن قراءتها إلا مع المادة 140 من الدستور والتي تنص على أنه "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يومًا على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

هاتان المادتان معًا تشكلان الفهم الصحيح لمسألة تعديل المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، وهنا تم حظر التعديل بالنسبة لعدد المدد الرئاسية، ولكن لم يتم حظر التعديل بالنسبة لعدد سنوات المدة الواحدة، كما أنه لم يتضح هل الفترتان متتاليتان أم منفصلتنان.

أما الولاية يمكن تعديل مددها إذا أرادت في الهيئة التأسيسية للدستور "الناخبين" لو الشعب مش موافق عليها، ولا يجوز لجيل مضى أن يفرض رأيه باستمرار على الأجيال المقبلة.

هل يوجد دليل أو أمثلة على كلامك؟

في دستور عام 1930 المادة الأخيرة نصت على أنه لا يجوز تعديل الدستور خلال ال١٠ سنوات التالية لتطبيقه ولكن تمت الإطاحة به عام 1935 رغم الحظر، ودستور عام 1923 حظر تغيير النظام الملكي والنظام اتغير فعلًا وأصبحنا جمهورية.

لكن في حاجات بديهية مثلًا المادة 89 من الدستور الفرنسي حظرت تغيير الشكل الجمهوري للدولة، دي مش محتاجة مادة تنص عليها مثلها في ذلك المادة التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية الدولة ومن غير المتصور أن نعدل هذه المادة.

هل يوجد تغول في الصلاحيات لسلطة على حساب أخرى في مواد الدستور؟

يوجد 3 أنواع من الأنظمة السياسية في دول العالم، يوجد نظام برلماني رئيس الدولة يكون له سلطات شرفية مثل بريطانيا، ويوجد نظام رئاسي، يكون الرئيس قابضًا على السلطة مثل الولايات المتحدة والتي لا يوجد فيها مجلس وزراء، ونظام مجلسي يكون البرلمان صاحب السلطة.

ويوجد نظام شبه رئاسي يعطي الرئيس سلطات كثيرة، أونظام شبه برلماني يعطي مجلس النواب سلطات موسعة.

ماذا يمكن أن نطلق على النظام المصري؟

أرى أن النظام المصري 3 أقسام، بعد عام 1952 تأسست ٣ جمهوريات، الجمهورية الأولى، النظام فيها يكاد يكون رئاسي، والجمهورية الثانية بعد دستور عام 1971 والنظام المصري كان شبه رئاسي، الرئيس له صلاحيات لكن ليست بحجم النظام الرئاسي، وما بعد دستور 2014، النظام الحالي شبه برلماني، يعود الرئيس للبرلمان في أمور كثيرة جدًا.

لو تطلب الامر إقامة المسئولية السياسية لوزير وتعيين غيره يلزم الأمر الرجوع البرلمان وإذا كان في أجازة يجتمع بشكل طارئ، ويلزم موافقة المجلس بأغلبيته المطلقة وبما لا يقل عن ثلث عدد الأعضاء، وقانون الطوارئ لكي يتم تطبيقه لابد من الرجوع إلى مجلس النواب وأخذ موافقته، ويتم تحديد مدة زمنية للتطبيق، الأمر ده مع وجود الإرهاب الذي نتعرض له غير مناسب.

هل تعترض على النظام شبه البرلماني؟

أنا من أنصار أن النظام شبه البرلماني غير ملائم للواقع المصري، وأرى أن السلطة التنفيذية تاخد قدر من الاختصاصات الأخرى لكي تتمكن من ممارسة مهامها الدستورية وتنفيذ مشروعاتها التنموية القومية، وهذا ليس تغولًا على السلطات لطرف على حساب الآخر بقدر ما هو توازن بين السلطات للنظام السياسي.

هل يوجد مواد فوق دستورية؟

الدساتير كل موادها بذات القيمة والدرجة، ولا يوجد ما يسمى مواد فوق دستورية وسمعت هذا كثيرًا، وكتبنا حاجة في لجنة العشرة لإعداد الدستور مهمة جدًا، قولنا في المادة 227 "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلًا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة" ودي كانت مقصودة مننا وقتها، وبذلك يشكل الدستور بديباجته "مقدمته" وجميع نصوصه نسيجًا واحدًا مترابطًا، والحديث عن وجود مواد محصنة وغير محصنة أمر غير صحيح وغير قانوني.

هل يوجد أزمة قانونية فيما يتعلق بالتعديل بعد مضي 5 سنوات فقط؟

مضى 5 سنوات فترة ملائمة لإدخال تعديلات على مواد الدستور، ولذلك لأنه لا يوجد حظر زمني محدد على التعديلات، وفي تطبيقات عالمية كتيرة، مثلًا دستور 1958 في فرنسا تم تعديله أكثر من مرة أولها كان بعد إقراره بعامين فقط، في النهاية لازم تكون مصلحة المواطن هي الأهم.

هل ترى أن النواب سيتمكنون من طرح تعديلات على الدستور؟

أرجو إذا تم طرح التعديلات من قبل النواب، ألا يتعرضوا للانتقاد أو التشهير أو التخوين وذلك لأن هذا سيكون بمثابة مخالفة للدستور ومصادرة لحق صريح أعطاه لهم الدستور الذي وافق عليه الشعب، ولابد للناس أن تفهم وتدرس كافة المواد التي يتم المطالبة بتعديلها إذا حدث طرح تعديلات فعلًا، وإذا كان اقتراح التعديل يمثل أحد الحقوق الدستورية للنواب أحيانا يعد واجبا دستوريا أيضا حالما يكون هناك احتياج للتعديل.

هل ترى أن 4 سنوات للرئاسة كافية أم قليلة؟

أرى أن أقل مدة رئاسة في العالم كله هي 4 سنوات فقط، وهذه المدة قليلة، وللعلم الفقه الدستوري في أمريكا نفسها ينتقد هذه المدة، بيكون الرئيس في السنة الأولى لسه جديد، وفي السنة الأخيرة في انتخابات وإجراءات كتير، يعني مدة الممارسة الفعلية بتكون قليلة جدًا في ظل وجود خطط يستغرق تنفيذها سنوات عديدة، وهذا أمر يتعارض مع الاستقرار والاستمرارية، ومن الطبيعي أن تكون أطول لإتاحة فرصة زمنية كافية لتحقيق الاستقرار.

وبالعودة للمادة 226 من الدستور التي حظرت التعديل في كل الأحوال إلا لتحقيق مزيد من الضمانات، أرى أن إطالة مدة الرئاسة ضمانة كما نص الدستور لأنها تحقق الاستقرار المجتمعي كما يجب أن يكون.

لكن.. ماذا عن المادة 140؟

المادة 140 أيضًا من المواد ذات الصياغة غير المحكمة، لأنها نصت على أنه لا يجوز إعادة انتخاب الرئيس إلا لمدة واحدة، ولم تحدد هل هذه المدة متصلة بالأولى أم منفصلة عنها، والدستور التونسي حدد هذا الأمر بخلاف الدستور المصري، هذه المادة بحاجة إلى إحكام في الصياغة، وبالجملة إن اقتراح تعديل على الدستور هو أمر له مبرراته وطالما أن الهدف هو مصلحة الدولة ومصلحة المواطن بالتبعية فيلزم له أن يكون يكون.​

فيديو قد يعجبك: