مرصد الإفتاء: القضاء على داعش يتطلب محاربته على شبكات "الإنترنت المظلم"

11:53 ص السبت 29 أغسطس 2015

دار الإفتاء

كتب ــ محمود على:

حذر مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء من خطورة استغلال الجماعات التكفيرية والمتطرفة لما يسمى بـ"الانترنت المظلم"، والذي يعد الآن ساحة مظلمة وسرية مفتوحة أمام جماعات العنف والتكفير لممارسة كافة أنشطتها غير المشروعة بعيدًا عن الملاحقات الأمنية.

إعلان

وأضاف المرصد في تقريره التاسع والعشرين تحت عنوان "الانترنت المظلم .. الساحة الآمنة لجماعات الإرهاب"، أن الانترنت المظلم يُعد وسيلة لعدم الكشف عن الهوية على الانترنت. فهو مصطلح يشير إلى مواقع الويب التي تحجب عناوين الـ IP عن الخوادم التي تنشر من خلالها، مما يجعل من المستحيل معرفة هوية المواقع أو القائم عليه. حيث لا يظهر على محركات البحث، وطبقا لصحيفة لجارديان، فإن محركات البحث مثل جوجل لا تستطيع الدخول سوى على أقل من 0.03٪ من المعلومات على الإنترنت! بينما تقطن بقية المعلومات في شبكة مجهولة، يستخدمها أشخاص مجهولين، ولا يمكن لأحد الدخول على تلك الشبكات.

وتابع التقرير أن "الانترنت المظلم" يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه جهود مكافحة ومواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرفة، وقد نشر أحد مراكز الأبحاث تقريراً يشير إلى أن تنظيم داعش يقوم بالفعل بجمع الأموال وتجنيد الأفراد عبر "المواقع المظلمة" وأوضح التقرير أنه في عام 2014، تم العثور على حاسب آلي محمول تابع لأحد أعضاء تنظيم "داعش"، وهو تونسي ويدعى أبو محمد، يحتوي على العديد من الخطب والأناشيد الجهادية، وآلاف الوثائق الجهادية التي نشرها صاحبها، ومعظمها على الانترنت المظلم، وتشير العديد من التقارير التي وصدها مرصد الإفتاء إلى أن "الشبكة المظلمة" تحتوي على ما يزيد عن 50 الف موقع و300 منتدى لمنظمات إرهابية وذلك حسب أحد التقارير الصادرة في عام 2011 لأحد المراكز البحثية الأمريكية.

وأشار التقرير إلى أن استخدام "الانترنت المظلم" لدى الجماعات الإرهابية يتمثل في الإعداد للعمليات الإرهابية، وتوفير الموارد المالية اللازمة للتنظيم، والحصول على صفقات السلاح مع الجهات المشبوهة، بالإضافة إلى الحصول على الوثائق السرية والحكومية، وهي كلها مواد متوافرة بكثرة على مواقع "الانترنت المظلم".

وأوضح التقرير، أنه قد عُثر على وثيقة لأحد مناصري تنظيم "داعش" بعنوان "بيتكوين وصدقة الجهاد"، من تأليف "تقي الدين المنذر"، حدد فيها الأحكام الشرعية لاستعمال "البيتكوين" – وهي عملة رقمية إلكترونية يتم تداولها عبر الانترنت المظلم - مشددا على ضرورة استعمالها لتمويل الأنشطة الجهادية، وعلى عكس العملات التي تصدرها الحكومات، فإن الميزة الأقوى لعملة البيتكوين هي أنها مجهولة. فنظامها الشبكي اللامركزي يجعل من الصعوبة بمكان تتبع عمليات الشراء والبيع التي تتم عبرها.

وتابع التقرير أَن تنظيم "داعش" الإرهابي أعلن مؤخراً عن إنشاء وزارة مختصة بالآثار، للتنقيب عن الآثار وبيعها، وهي تجارة مربحة توفر للتنظيم مصادر دخل مرتفعة وتسهم في تعزيز قدراته وإمكاناته، ويمكن تسويق الآثار والمواد المراد بيعها عبر الانترنت المظلم، بشكل يجعل من الصعوبة بمكانة ملاحقة جهات الأمن لتلك العمليات على الشبكة المظلمة.

وأوصي التقرير بضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التنظيمات التكفيرية في الفضاء المظلم "الانترنت المظلم"، كي تستطيع تجفيف منابعها الفكرية ومواردها المالية وعلاقاتها التجارية، حيث أكدت الدراسة على أهمية مشاركة الشركات الرائدة في مجالات التكنولوجيا، حيث يقع على عاتقها دور كبير في تتبع ورصد المواد التكفيرية والإرهابية المنتشرة على مواقع الانترنت، خاصة ما يتعلق بتطوير وتحديث أدوات جديدة لمراقبة "الانترنت المظلم" والتعرف على المواد المنشورة به، والتعرف على مستخدميه والمواقع المنتشرة به، وخاصة أن عملية السيطرة عليه والتعرف على مستخدميه تعد مسألة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة.

وشدد مرصد الإفتاء علي ضرورة تطوير برامج وتقنيات حديثة تمكن من الكشف عن مستخدمي شبكة "الانترنت المظلم"، خاصة أن متصفح "تور" – أحد متصفحات الانترنت المظلم - يحجب بيانات المستخدمين ومواقعهم وكافة البيانات المتعلقة بهم.

ودعا التقرير إلى تجريم ومنع الدخول إلى مواقع "الانترنت المظلم"، وتضيق فرص تواجد تلك المواقع وإمكانية الوصول لها، وذلك عبر تشريعات دولية وداخلية ملزمة لأطراف المجتمع الدولي بهدف مكافحة هذه المواقع والمحتوى المنتشر بها.

وأكد التقرير على أن المواجهة العسكرية مع التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تؤتي ثمارها طالما ظلت الساحات الإفتراضية المظلمة آمنة ومتاحة لتلك التنظيمات، فمواقع "الانترنت المظلم" توفر مساحة آمنة وسهلة وبعيدة عن أعين الجهات الأمنية بالإضافة إلى أنها تتيح تجنيد الأفراد ونشر الأفكار والمناهج المتطرفة، والحصول على الدعم المادي وشراء كافة أنواع الأسلحة والمعدات اللازمة لتنفيد العمليات الإرهابية التي تنال من أمن واستقرار الدول والشعوب، وبالتالي فإن المواجهة العسكرية لتلك التنظيمات لابد أن تتزامن مع مواجهة أخرى تكنولوجية في ساحات "الانترنت المظلم" بمظلة دولية وإقليمية.

إعلان