إعلان

حوار- زين عبد الهادي: الإخوان يفتقرون للإبداع.. و الجيش خرج بنا من الجحيم

08:00 م الأحد 21 يوليه 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- حسين قاسم :

هو الروائي و أستاذ علم المعلومات الدكتور زين عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية سابقا، ومستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية (سابقا)، وايضا مستشار للشبكة العامة للإدارة العامة والمالية بالأمم المتحدة (سابقا)، بالإضافة إلى منصبه رئيسا لقسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة حلوان.

كان عبد الهادي على يقين بأن الثورة آتيه لاريب، لذا شارك ودعا إليها منذ بداية اندلاعها يوم 25 يناير 2011، ويرى أن انتفاضة قطاعات كبيرة من الشعب يوم 30 يونيو هي بمثابة موجه أخرى لثورة يناير التي حادت عن مسارها المتوقع، حسبما قال في حوار له مع مصراوي.

الثقافة و الأدب جزآن رئيسيان في تكوين شخصيته بل وأضاف إلى هذا المجال من خلال إبداعاته الشخصية من قصص وروايات.

في ''سقوط الإخوان''، يرى عبد الهادي أن عدم امتلاك الجماعة لكوادر مثقفة لديها حضور، وانفصالها التام عن الواقع وإقصاءهم لكل التيارات السياسية وانفرادهم بالسلطة، كان وراء ذلك السقوط بعد عام واحد في الحكم.

أما عن الأمريكان؛ فيقول عبد الهادي إنهم ''حلفاء مثاليون'' لكل من يجلس على كرسي الحكم.. ويقول أيضا في الحوار لكل من يحاول التضييق على المبدعين إن ''الإبداع مثله كمثل الهواء لا أحد يستطيع تكبيله''.

إلى نص الحوار:

بداية كيف ترى أحداث 30 يونيو؟
لقد قلت عنها وقبل أن تحدث أنها الموجة الثانية من الثورة، أو تسونامي الثورة المصرية سمها ما شأت، لأسباب متعددة نعلم جميعاً جيدا أن ثورة 25 يناير لم تحقق أهدافها، وأنه ابتداءً من يوم 28 يناير مع جمعة الغضب انقض الإخوان على الثورة ليسرقوها، ثم ما تلك الثورة التي علي أن أختار فيها بين سارق للثورة ورجل قمت بالثورة ضده، وما كانت أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وغيرها إلا موجات قصيرة، وجاء 30 يونيو لتكون الموجة الثانية العظيمة التي ساندها الجيش هذه المرة بشكل مختلف تماما، وأتمنى أن يعي الجميع أننا في هذه اللحظة لانحتاج لأعداء جدد؛ فالعدو الرئيسي معروف، والعدو السابق انتهى ولن يعود ومن سيعود، سيعود في إطار مصالحة وطنية شاملة، ولكن يجب أن يشمل ذلك التأكيد على أمرين جوهريين، الأول خارطة الطريق التي وضعت ويجب الالتزام بها، والأمر الآخر توافر الإرادة السياسية في التغيير في مصر كلها من قبل كل المؤسسات الحاكمة، نحن نريد دولة مدنية متحضرة ومتقدمة، لاعودة للوراء إطلاقا، لن نقبل ذلك.

ما الأسباب الرئيسية من وجهة نظرك التي أدت لسقوط الإخوان بهذا الشكل؟
هذا سؤال في غاية الأهمية، دعنا ننظر للمسألة من صورتها الأفقية التي يراها الجميع، الإخوان المسلمين ركزوا كل جهودهم على بناء قاعدة شعبية دون وجود كوادر مثقفة وتعي السياسة جيدا ولديها حضور علمي وفني وإبداعي، وهذا بالطبع لن يكون موجودا لأن مسألة العقيدة لديهم تجعلهم لايرون هذا الأمر، أنظر للإخوان المسلمين في تونس وتركيا، لماذا نجحوا لأنه لايوجد هامش بينهم وبين وجود طبقة مبدعة، الإخوان ليس لديهم هذه الطبقة، الأمر الثاني أن ردودهم أيديولوجية، الأيديولوجيات انتهت من العالم منذ ثلاثين عاما تقريبا، وهو خطاب لم يعد مقبولا بأي شكل من رجل الشارع العادي، الأمر الثالث أن القاعدة الشعبية للإخوان أغلبها طبقة غير متعلمة أو ذات تعليم من النوع المايكرو الذي لايمكن الحكم عليه بأي شكل من الأشكال سوى أنه تعليم لا لزوم له، الإخوان ليس لهم علاقة بالحضارة الإنسانية أو الثقافة الإنسانية مثلهم مثل أي فصيل ديني في أي مكان في العالم ، فصيل لايملك غير شوفينيته وانفصاله التام عن الواقع.

إذا نظرت للمسألة نظرة رأسية، هنا يجب أن نتحدث عن تاريخ تنظيم الإخوان ومنهجه في الحركة السياسية المصرية، لم يستطع الإخوان قبل العقد الأخير أن ينخرطوا في الحياة السياسية على الرغم من وجودهم في الشارع، لايؤمنون بأن هناك تحالفات يجب أن تتم مع النخب السياسية، بدليل هذه السذاجة السياسية التي تمتعوا بها في بداية عام حكمهم لمصر من إقصائهم لكل التيارات السياسية ظنا منهم أنهم ''احتلوا السلطة''، وهو ماكان سببا جوهريا في سقوطهم المدوي، الأمر الثاني أن مصر منذ 85 عاما أيضا وهي في خلاف مع الإخوان، يعني أن تاريخ ظهور حركة الإخوان هو تاريخ صراع وليس تاريخ اتفاق، تاريخ دموي، يظهر فيه الإخوان كأعداء لمفهوم القومية المصرية ومفهوم الدولة المدنية، وهو مالا يمكن لأي مؤسسة مصرية أن تتفهمه أو تهضمه. ودعني أخذ هذا النموذج البسيط، نحن (أنا وأنت) عدوان لما يقرب من مائة عام، وكل الورق في حجرتي يدينك، فإذا ما اتفقنا ودعوتك للإقامة في حجرتي، ألن أكون قلقاً على الورق الذي يدينك في حجرتي؟، هذا هو ماحدث، ومن هنا فإن مفهوم الأحزاب الدينية يجب أن ينتهي، ويتبقى مفهوم الحزب السياسي، ويأخذ وقته لهضم مفهوم الدولة المدنية، وأن لايتم تغيير أي شيء فيها مهما كان الحزب الذي سيحكم، هذه أول نقطة للاتفاق، إن لم نتفق فأعتقد أن الأمور ستتأزم كثيرا.

وما قولك فيمن يقول إن ما جرى كان انقلابا عسكريا وأن ''صندوق الانتخابات ألقي من النافذة، كما قالت الجارديان البريطانية؟
هناك مقولة تهكمية ساخرة قرأتها ذات مرة تقول ''بأن الحفاظ على مظهر الشرعية أهم ألف مرة من الحفاظ على الشرعية''، إن الديمقراطية ليست صندوق الانتخابات، الديمقراطية هي رضاء الأغلبية عن الحكم، والصندوق في حالته الأخيرة كان مظهراً للشرعية التي لا يجب أن تستمر، دعني أذكرك مرة أخرى بمقولة رئيس الوزراء البريطاني أثناء فترة الاحتجاجات التي حدثت في بريطانيا، حين قال فلتذهب الديمقراطية إلى الجحيم إذا ما تعارضت مع الأمن القومي، الذي قال ذلك أبرز وجه في دولة تدعي أنها أم الديمقراطية في العالم إذ يعود مجلسها النيابي للقرن الرابع عشر. الجيش هذه المرة ساند مختاراً ومدعواً من الشعب تهديداً خطيرا لهوية الدولة، ودرءً للفوضى، فلتذهب الجارديان للجحيم هي الأخرى حين يتعلق الأمر بهوية الوطن وبأمنه القومي، فلن تخرج العصابات التي تملأ سيناء متدثرة في الدين ومتمسحة فيه وتستعد لإعلانها إمارة مستقرة بتلك الكلمات المعسولة التي تسوقها صحيفة الجارديان، ألا تتذكر موقف صحيفة الجارديان في الثمانينيات حين طالبت الارجنتين بضم جزر الفوكلاند التي تحتلها بريطانيا قسراً واعتبرت بريطانيا ذلك تهديدا لأمنها القومي وحدثت حرب قصيرة انتصرت فيها بريطاني، فليغلق البريطانيون أفواههم المليئة بالهذيان.

هل تري أننا في هذه الفترة الانتقالية بصدد حكم عسكري بواجهة مدنية؟
دعنا نكون منصفين للمؤسسة العسكرية، لقد قامت بواجبها، وهاهي تواجه الاحتجاجات والمظاهرات الدموية التي يقوم بها الطرف الآخر، وقد ابتعدت تماماً عن الصورة الآن، وهاهي الحكومة قد تم اختيارها، وهي حكومة ضخمة للغاية ورغم اعتراضنا على بعض الشخصيات بها، إلا أننا في وقت ليس فيه شقاق بين الشعب وبين جيشه، وهاهو الرئيس قد ألقى خطبة العاشر من رمضان تكريما لجيشه البطل في حرب 1973، وهاهي الدولة المدنية تعود، من المؤكد أننا نرفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال الحكم العسكري، ومن المؤكد أنه لاعودة لما قبل 25 يناير، الجيش يعي ذلك، المؤسسة العسكرية تعي ذلك، لأنها في النهاية هي حامي ظهر هذا الشعب.

كل مايقال عن الحكم العسكري مردود عليه وغير حقيقي لأسباب كثيرة، أن الجيش خرج هذه المرة بدعوة من الشعب، وأن الأمن القومي المصري كان يجتاز محنة هائلة، فيما كانت الجماعات الإثنية تكفر الجميع وأصبحت هي واجهة المجتمع المصري، المجتمع الإسلامي الوسطي، الأمة المصرية التي لايجب أن يسيطر فيها فصيل ديني عليها، لأن سيطرته معناها الجحيم، و لقد خرج بنا الجيش من الجحيم.

كيف ترى أداء الإدارة الأمريكية ورد فعلها على ما جرى؟
هل اختلف موقفهم الآن عن موقفهم من حسني مبارك؟، لا. أعتقد إنهم حلفاء مثاليون للجالس على المقعد، حلفاء مثاليون للمصالح، حلفاء مثاليون لمن يمكنهم أن يجلسون معه وهو في مركز قوة، إن كل ماتعلمته من الأمريكان يقنعني دائما بأننا يجب أن نفكر بنفس الطريقة، نفس المنهج الذي وضعه كيسنجر في السبعينيات ''ليست هناك عداوات دائمة، ولا صداقات دائمة، هناك مصالح دائمة''، لا تغضب من أوباما أو الأمريكان، لقد علمنا التاريخ ذلك، هناك مصالح مشتركة فلنحافظ عليها.

ما رأيك، هل نعدل المواد المختلف عليها في الدستور، أم نكتب دستورا جديدا؟
هذا سؤال مهم آخر، لو عدلت دستور الإخوان، فسيقول التاريخ أنه كان الدستور الأفضل، وهذا ليس حقيقيا، فلدينا عشرات المواد المعترض عليها، لديك دستور 71، أعده وغير فيه ماتريد لأنه دستور أقرب للمثالية، أجمع كل دساتيرك وشكل جمعية لكتابة الدستور من خلال الدساتير الوطنية، دستور 1923 به مواد رائعة ودستور 1956 به مواد رائعة، ولديك أساتذة الدستور في العالم، دعنا نفعل كما فعلت جنوب أفريقيا، شكًل لجنة كتابة الدستور، وضع صندوقا زجاجياً في ميدان التحرير، لكل مواطن الحق في أن يضع فيه ورقة تتضمن اقتراحا بمادة في الدستور، صنّف ذلك، ونقّه ثم ابدأ كتابة الدستور، وقتها لن يعترض أحد، هذا ليس نموذجاً مثالياً، ولكن لأننا أمة ولسنا مجرد شعب يتكون من عرق واحد، فلنفعل ذلك، سيحمينا ذلك من أي إنسان يمكن أن يخرج ليدعي أن الدستور لا يمثله.

يقال أن الدكتورة إيناس عبد الدايم استبعدت من الحكومة وجيء بدلا منها بالدكتور صابر عرب، كيف تقرأ هذا المشهد، وهل هنا خبايا أخرى في هذا الشأن؟
قرأته، يمكنك أن تقول أنني عشته، فقد كنت واحدا من المعتصمين بوزارة الثقافة على مدار نحو أربعين يوماً، وأدليت بتصريحات كثيرة ضد وجود علاء عبد العزيز، لكن مسألة اختيار الوزير تحكمها اعتبارات شتى، تمنيت أن تأتي الثورة بأول وزيرة ثقافة في مصر، وقلت ذلك وأعلنته، وتمنيت أن يأتي الدكتور أحمد مجاهد وليس لي موقف شخصي من الدكتور صابر عرب، فهذه وزارته وهو حر في اختيار من يعمل معه، لكن له تجربتين سابقتين لم يحظيا بالنجاح المطلوب، دعني أسانده هذه المرة، فكما قلت لك ليس هذا وقت العداوات، إنه وقت مخصص تماما لمصر، وأعتقد أن كل خطواته حتى الآن في إعادة الأمور لمجراها الطبيعي جيدة، وقد صرح بأن الماضي كله أنتهى بكل مافيه ونحن أبناء هذه اللحظة، دعنا ننتظر ولا نحكم الآن!

كلمة الى كل من يريد تقييد الإبداع و تضييق الخناق على المثقفين؟
لن تنجح، فعمر الفن من عمر الإنسان تقريبا كما يقول عز الدين إسماعيل في كتابه الفن والإنسان، هذه المرة كان المثقفين وقود الثورة وقلبها وعقلها، قادوها في الشارع عبر أسابيع عديدة، من يريد أن يكبل الإبداع كمن يريد تكبيل الهواء... هل ينجح؟

فيديو قد يعجبك: