إعلان

آخر شركة حكومية للحديد.. كيف أنقذ التطوير "الدلتا للصلب" من التصفية؟ (فيديو)

04:01 م السبت 20 فبراير 2021

الدلتا للصلب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت– شيماء حفظي:

على بعد خطوات من ألسنة لهب الأفران، يتطلع عمال الدلتا للصلب، إلى مستقبل جديد للشركة بعد انتهاء المرحلة الأولى من تطويرها، والتي جاءت "مُنقذًا" من مصير مظلم قد يؤدي بها إلى التصفية.

في معايشة "مصراوي" بالمصنع الكائن بمنطقة مسطرد وجدنا نسخة جديدة للشركة التي تأسست في 1946 كأولى شركات صناعة الصلب بمصر، لكن جزءا من مصنع المسبوكات لا يزال شاهدًا على الفرق بين التطوير والمعدات القديمة.

ويروي عمال الشركة كيف كانت الدلتا للصلب واحدة من 4 شركات في القطاع الحكومي - لكن أصابها ما أصاب شركات القطاع العام عبر السنوات من تقادم التكنولوجيا وسحب البساط منها، وعدم قدرتها على منافسة القطاع الخاص.

وبينما كانت الدلتا للصلب تصارع من أجل تحقيق أرباح ولو قليلة شهد قطاع الأعمال العام تصفية الشركة الأهلية للصناعات المعدنية "مازالت تحت التصفية"، وأوقفت شركة النحاس المصرية لنشاط الصلب، ومؤخرا صدر قرار تصفية الحديد والصلب المصرية يناير2021، لتصبح الدلتا آخر ما تملكه الشركة القابضة للصناعات المعدنية في صناعة الصلب.

ووفقا لما قاله المهندس محمود الفقي العضو المنتدب للشركة في حواره لمصراوي؛ فإنه رغم عراقة الدلتا للصلب لكن أحوالها لم تكن جيدة.

كان الفقي شاهدا على مراحل ازدهار الشركة التي يعمل بها منذ أربعين عاما، لكنه عاصر أيضا كيف انخفضت أرباحها في الفترة منذ بدايات الألفية الجديدة حتى تحولت للخسارة بداية من 2011 وعلى مدى أكثر من 10 سنوات بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وتآكل الحصة السوقية للشركة في سوق الحديد والصلب، حتى وصلت الخسائر المتراكمة إلى نحو ربع مليار جنيه في العام المالي 2018-2019.

لكن دراسة أعدتها إدارة الدلتا للصلب، كانت نافذة ضوء على إمكانية تطوير الشركة، خاصة في وقت أشارت فيه الدراسات إلى صعوبة إنقاذ شركة الحديد والصلب التي صدر قرار من جمعيتها العامة بتصفية المصنع وفصل مناجمها في شركة مستقلة.

ويرى الفقي أنه "إذا لم يكن لدى الشركة خطة واضحة للتطوير وفقا لدراسة سوقية حقيقية كانت ستلاقي مصيرها أيضا نحو التصفية".

أصبحت خطة تطوير الدلتا للصلب، واقعًا بداية من 2019، مع وقف أنشطة التصنيع غير المجدية اقتصاديا "حديد التسليح"، واختيار منتج يتمتع بطلب في السوق المحلي وهو البيليت والاكتفاء بالوقوف عند منطقة المنتج الوسيط لا التام.

ووفقا للخطة التي شرحها العضو المنتدب فهي تتضمن ثلاث مراحل، منفصلة لكنها متكاملة، بأن تنتج الشركة البيليت من خلال تكنولوجيا جديدة "صينية" بطاقة إنتاجية 10 أضعاف أقصى الإنتاج الذي وصلت إليه، إلى جانب تطوير صناعة المسبوكات التي تتم حتى الآن بشكل يدوي وبمعدات منذ عام 1980.

انتهت شركة الدلتا من المرحلة الأولى من رفع إنتاجها وضاعفته 5 مرات، بدأت منذ يناير الماضي، لتصل بنهاية العام الجاري إلى طاقة إنتاجية 250 ألف طن سنويًا، ضخت فيها استثمارات بنحو 250 مليون جنيه فيما تنتظر تنفيذ مرحلة ثانية للتطوير تصل بالإنتاج إلى 500 ألف طن سنويا من البيليت.

وتعتمد شركة الدلتا للصلب على إنتاج البيليت من الخردة، فيما تبيع منتجاتها من قطاع مسبوكات لمصانع مجمع الألومنيوم بحلوان، أو قطارات هيئة السكك الحديدية.

وتقع مصانع الدلتا للصلب على مساحة نحو 50 فدانا، بعدما استقطع منها أكثر من 30 فدانا يتم استغلالها عقاريا لتمويل تكلفة التطوير؛ تضم أسوار الشركة داخلها 4 مصانع وورش تصنيع وساحات تخزين للخردة، لكنك لا تصادف زحامًا من العاملين، حيث يبلغ عددهم نحو 700 عامل، في كافة القطاعات.

يقول أحمد السيد، العامل في المصنع منذ 35 سنة وبدأ رحلته في الشركة عاملا على الأفران ثم انتقل مع تقدم عمره إلى أعمال مساعدة في الإنتاج، إن تطوير الشركة أنقذها وكان ضروريا حتى لا ينتهي بها الحال إلى التصفية.

وعلى الرغم من ارتفاع الطاقة الإنتاحية مع التطوير، لكن العمالة أقل كثيرًا، ليس فقط مقارنة بباقي شركات القطاع العام، لكن مقارنة أيضًا بسنوات سابقة في الشركة.

يرى السيد أن سبب انخفاض عدد العمالة التي كانت بالآلاف هو وقف التعيينات وزيادة معدل المعاشات في الشركة، لكنه يرى أيضا أن العدد الحالي كافٍ للتشغيل خاصة بعد تطوير الشركة وإضافة معدات أحدث.

تحويل الحديد إلى خام حديد

تمر عملية إنتاج البيليت بعدد من المراحل لكنها بالأساس عملية تحويل "الحديد إلى خام حديد" فالنقطة الأولى للتصنيع هي "تسييح الخردة" حيث يتم توريد كميات كبيرة من الخردة "أي حديد قديم" يتم تقطيعه إلى أطوال مختلفة وتلقيمه للأفران.

يقول أحد عمال التقطيع، إن الخردة هي المكون الأساسي للإنتاج في المصنع الذي يتضمن 4 أفران، وأن تقطيع الخردة لا يتم عشوائيًا ويكون بين 60 و70 سنتيمترا للقطعة، فهو يخضع لعوامل تتعلق بـ"المكنة الخردة" وبالفرن الذي يتم استخدامه لإذابتها.

ويشير إلى أن الخردة يمكن شراؤها من تجار الخردة بالسوق المحلي أو استيرادها، إلى جانب ما يتم تخريده من معدات أو ماكينات في الشركة، وهي مكون استراتيجي يتطلب وجود احتياطيات لفترات طويلة لضمان استمرار الإنتاج.

بعد تقطيع الخردة، يتم نقلها إلى المصنع، ليتم رفعها إلى الفرن الذي يعمل عند درجة حرارة تصل إلى 1400 إلى 1600 درجة حرارية، ويتم تسييحها تمامًا، بفعل مجال مغناطيسي وتيارات دوامية تولد حرارة في الأفران لتسييح الحديد، ثم يمكن أن يتم نقل البوتقة إلى وحدة معالجة وتسخين ليتم صهر الخامات مرة أخرى على درجة حرارة أعلى تصل إلى 1700 درجة، وهي مرحلة توفر الوقت في الأفران.

يقول المهندس أسامة مملوك، رئيس قطاع الصلب - الذي يعمل منذ 33 عاما بالشركة – إن التطوير غيّر مستوى نشاط الشركة بشكل كبير، سواء من حيث الطاقة الإنتاجية أو طريقة التشغيل.

غيّرت الشركة في مرحلة التطوير، أفرانها من التكنولوجيا الروسي للأفران التي بدأت الإنتاج في السبعينات ووصلت إلى مراحل متهالكة وزيادة الأعطال وتراجع حجم الطاقة الإنتاجية وأصبحت مرحلة تطوير المعدات الروسية مكلفة فلجأنا في التطوير إلى تحديث التكنولوجيا وشراء ماكينات صينية، بحسب مملوك.

ووفقا لرئيس قطاع الصلب، يستهلك المصنع ألف طن خردة يوميًا لإنتاج 32 صبة بما يعادل 700 طن بيليت يوميًا، من خلال تشغيل المصنع بكامل طاقته الإنتاجية في 3 ورديات عمل يوميًا، لإنتاج 250 ألف طن بيليت سنويا.

بعد تجهيز الخامة المنصهرة يتم إضافة باقي مكونات إنتاج البيليت مثل الفحم والمنجنيز والكربون، ويتم إخضاعها لتحليل عينة، لمعرفة معدل كل مكون من المكونات، لتكون موافقة للمواصفات، وبعد التأكد من هذه المعدلات، يتم نقل الخامات السائلة إلى ماكينة الصب المستمر لإنتاج الألواح.

تمر ألواح البيليت المنتجة من عملية الصب بعد تشكيلها في نماذج معدة وفقا لطلب العميل، على مرحلة تبريد بالمياه لتخرج منها متماسكة، ثم يتم تقطيعها وفقًا لطلب العملاء.

تستخدم في عملية صهر الخردة أفران يتم تغييرها بعد عدد مرات تشغيل، حيث تتآكل بطانة البوتقة ويتم إعادة بنائها من جديد داخل الشركة.

يقول سعيد عبود أبو الحسن، وهو عامل بناء بوتقات في الشركة، إنه يبني البوتقة لتستخدم في إنتاج 70 صبة، ويستخدم فيها طوبا مستوردا من مادة المجناتيت، لتتحمل الحرارة المرتفعة لإذابة الخامات.

"أبني بوتقة كل يومين، يوم أبني فيه ويوم أهدم بوتقة لتجديدها وتاني يوم أبنيها تاني" بحسب أبو الحسن.

المسبك ينتظر التطوير

في الوقت الذي بدأ عمال الأفران وإنتاج البيليت الإنتاج بالمعدات الجديدة، ينتظر عمال مصنع المسبوكات تطوير مصنعهم، ليصبح أكبر مصنع مسبوكات في الشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 10 آلاف طن سنويا مقارنة بـ 1200 طن سنويا للإنتاج حالي.

في مصنع المسبوكات الحالي – وعلى وضعه المتوارث منذ الثمانينيات – وبآلات يدوية، ينتج عمال المسبك منتجات ربط عربات القطارات، من خلال صب الحديد السائل في تصميم للمنتج متفق عليه، وهذه هي الطريقة التي يعتمد عليها المصنع في كافة المنتجات.

وبينما تتم عملية التصنيع يدويا، تجري الشركة تنفيذ خطة التطوير، والتي من المقرر أن تستمر 18 شهرًا، بالتعاون مع شركة هولندية، ويتوقع أن يبدأ تشغيل المسبك الجديد نهاية 2022.

اقرأ أيضًا:

العضو المنتدب للدلتا للصلب: رفعنا إنتاج الشركة 5 أضعاف وسنحقق أرباحًا العام المقبل (حوار)

فيديو قد يعجبك: