إعلان

ما توقعات التضخم في مصر في الربع الأخير من 2021 وكيف ستتأثر بالأسعار العالمية؟

04:11 م الإثنين 18 أكتوبر 2021

ما توقعات التضخم في مصر؟


كتب- مصطفى عيد:

تراوحت توقعات محللين ببنوك استثمار لمتوسط معدلات التضخم خلال الربع الأخير من العام الجاري بين 5.5 و7.5% وذلك رغم مخاطر الضغوط التضخمية العالمية التي قد تنعكس بشكل ما على الأسعار في مصر.

وتوقعت عالية ممدوح كبيرة الاقتصاديين ببنك استثمار بلتون أن يصل متوسط معدل التضخم السنوي في المدن إلى 6.6% خلال الربع الأخير من العام الجاري 2021، أخذا في الاعتبار ارتفاع الأسعار عالميا.

وقالت عالية لمصراوي: "نتوقع استمرار ارتفاع التضخم في الربع الرابع من 2021، مع ارتفاع التضخم الشهري بنسبة 1.6% في أكتوبر متأثراً بالإنفاق الموسمي فضلا عن الأسعار الجديدة للوقود".

وأضافت: "مع ذلك، ستستمر القراءات الإيجابية في أشهر المقارنة في استيعاب معدلات التضخم السنوية المعتدلة ضمن نطاق مستهدف البنك المركزي للتضخم عند 7% (±2%) في المتوسط بحلول الربع الرابع من 2022".

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن في بيان له الأحد قبل الماضي، ارتفاع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في سبتمبر إلى 8% مقابل 6.4% في أغسطس الماضي.

وارتفع معدل التضخم العام السنوي في المدن إلى 6.6% خلال سبتمبر مقابل 5.7% في أغسطس.

كما سجل معدل التضخم العام الشهري خلال سبتمبر 1.6% لإجمالي الجمهورية مقابل معدل سالب 0.1% خلال أغسطس، وفقا للإحصاء، وبلغ المعدل في المدن 1.1% مقابل 0.1% في أغسطس.

ويستهدف البنك المركزي أن يصل متوسط معدل التضخم السنوي في المدن إلى 7% بزيادة أو نقصان 2% خلال الربع الأخير من عام 2022.

وقال نعمان خالد المحلل ومساعد مدير ببنك استثمار أرقام كابيتال، لمصراوي، إنه من المتوقع ارتفاع معدلات التضخم إلى بين 8 و8.5% خلال ديسمبر في حالة استمرار الوضع الحالي للأسعار العالمية مع نهاية الربع الجاري ليصل متوسط معدل التضخم السنوي خلال الربع الأخير من 2021 إلى بين 7 و7.5%.

وأضاف نعمان خالد أن هناك زيادة في هذه التوقعات بنسبة من 1 إلى 1.5% فوق ما كان متوقعا من قبل، وذلك بسبب الزيادات الجديدة في أسعار العديد من السلع العالمية.

ولكنه أكد أن هذه المعدلات في النهاية ستخضع في النهاية لمستهدفات البنك المركزي وبالتالي لن تمثل أزمة غير معتادة تحتاج إلى إجراءات إضافية للتعامل معها.

وتوقعت منى بدير كبيرة الاقتصاديين بإدارة البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، وصول معدل التضخم السنوي في شهر أكتوبر الجاري إلى حدود 6% مع رفع أسعار البنزين وموسم المدارس واستمرار تأثر السلع المحلية بارتفاع أسعار العديد من السلع عالميا.

وقالت منى بدير، لمصراوي، إنه رغم هذه العوامل فمن المتوقع أن يسجل معدل التضخم بهذه التقديرات في أكتوبر مستوى أقل مما كان عليه في سبتمبر بسبب تأثير فترة الأساس المواتي وهو ما يضمن بقاء معدلات التضخم دون نقطة المنتصف لمستهدف البنك المركزي.

وذكرت أنه في كل الأحوال لن يتجاوز معدل التضخم السنوي نطاق مستهدف البنك المركزي عند 7% خلال الربع الأخير من العام الجاري إلا في حالة حدوث تأثير كبير من ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا على مصر وهو أمر غير متوقع بهذا الشكل.

وتوقعت منى بدير أن يصل متوسط التضخم السنوية إلى حدود 5.9% خلال الربع الأخير من العام الحالي. ولكن المخاطر تنبع من احتمالية استمرار أزمة الأسعار العالمية فترة أطول أو أن يصاحبها تأثير أشد مما يحدث حاليا.

ماذا يحدث في العالم؟

سجلت أسعار الطاقة والغاز ارتفاعات هائلة مع زيادة الطلب على السلع والبضائع في الفترة الماضية حيث وصل سعر برميل خام البترول برنت فوق مستوى 85 دولارا للبرميل، ولكن الزيادة في الطلب تحولت إلى نقص في الإمدادات مسببة أزمة طاقة.

كما واصل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" لأسعار الأغذية ارتفاعه في سبتمبر وذلك بنسبة 32.8% على أساس سنوي و1.2% على أساس شهري، وهو ما عكس الارتفاع المفاجئ في الزيوت النباتية والحبوب والسكر.

وسيستمر تأثير هذا التسارع على أسعار الأغذية العالمية في إضافة المزيد من الضغوط إلى توقعات التضخم، نظرا للزيادة المستمرة في تكلفة الشحن أيضا.

كما تواصل أسعار الشحن ارتفاعها مع زيادة أزمة الاختناق والتكدُّس في الموانئ العالمية تدهوراً، مع تفاقم أزمة العرض الناجمة عن انتشار جائحة كورونا.

وواصلت أسعار المعادن الأساسية ارتفاعها خلال الأيام الأخيرة، إذ تواصل أزمة نقص الطاقة العالمية تأثيرها السلبي في المعروض منها، مما يعزز الضغوط على كاهل الشركات الصناعية ويغذي المخاوف من استمرار ارتفاع معدل التضخم، وفقا لوكالة بلومبرج.

وصعد مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال سبتمبر الماضي بنسبة 0.4% عن أغسطس، وفقاً لبيانات وزارة العمل الأمريكية الصادرة يوم الأربعاء الماصي، وعلى أساس سنوي، ازداد المؤشر (معدل التضخم السنوي) بنسبة 5.4%، وهو أعلى مستوى للتضخم السنوي الأمريكي منذ عام 2008.

وفي آخر المؤشرات السلبية العالمية، نما الاقتصاد الصيني في الربع الثالث من العام الحالي، بأبطأ وتيرة خلال عام، حيث جاء النمو أقل من توقُّعات المحللين، ليصل إلى 4.9% في مقابل معدلات نمو بلغت 18.3% و7.9% في الربعين الأول والثاني من العام الجاري على الترتيب، ومقارنة مع التوقعات البالغة 5%.

ما المخاطر العالمية التي تهدد التضخم في مصر؟

ترى منى بدير أنه رغم التوقعات بعدم خروج معدلات التضخم عن مستهدفات البنك المركزي فإنه لا يزال هناك مخاطر من تكون ضغوط تضخمية تتعلق بالظروف العالمية.

وأشارت إلى أن أبرز هذه المخاطر تتعلق بحالة عدم اليقين التي تسود الأوساط الاقتصادية بشأن الفترة التي ستستمر فيها صدمة الأسعار العالمية.

وأوضحت منى بدير أن هناك بعض العوامل التي تم رصدتها في الفترة الأخيرة والتي قد تنعكس على تزايد الضغوط العالمية على مصر بشكل ما منها إلغاء مصر مزايدة لشراء القمح مؤخرا بسبب ارتفاع الأسعار، في حين أن الرؤية المستقبلية لأسعار القمح تشير إلى أنها قابلة للمزيد من الارتفاع بسبب مشكلات المناخ التي تؤثر على المخزونات والإنتاجية في عدد من الدول.

ويأتي ذلك بالإضافة إلى رفع روسيا الضرائب على صادراتها من القمح والتي تعتبر مصدر لحوالي 55% من القمح الذي تستورده مصر من الخارج، وفقا لمنى بدير.

كما أن أحد هذه المخاطر استمرار التقلبات المناخية في التأثير على أسعار السلع الغذائية التي تستوردها مصر والتي تصل إلى نحو 20% من الواردات المصرية من الخارج وهو ما يغذي الضغوط التضخمية أيضا، بحسب منى بدير.

وقالت منى بدير إن ارتفاع أسعار الذرة والأعلاف عالميا قد يؤثر على أسعار الدواجن واللحوم في مصر، إلى جانب استمرار أزمة ارتفاع تكلفة الشحن والمتوقع استمرارها حتى منتصف عام 2022 على الأقل.

وأضافت أن أحد المخاطر التي ينظر إليها أيضا احتمالية الضغط على أسعار الصرف في الأجل الطويل مع ارتفاع عجز الميزان الجاري لمصر وزيادة تكلفة الاستيراد، إلى جانب التضييق المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية ورفع أسعار الفائدة هناك، وهو ما قد يغذي الضغوط التضخمية أيضا.

عوامل تدعم السيطرة على التضخم في مصر

في المقابل أشارت منى بدير إلى أن مصر لديها مساحة لامتصاص هذه الموجة التضخمية العالمية لعدة أسباب منها المخزونات الاستراتيجية للسلع الأساسية مثل القمح والسكر وغيرها، حيث عملت الحكومة على بناء احتياطي استراتيجي من هذه السلع مع بداية فترة أزمة جائحة كورونا وهو ما انعكس إيجابيا في هذه الظروف.

وأوضحت أن من بين هذه العوامل أيضا تراجع واردات مصر من المنتجات البترولية والاعتماد على الإنتاج المحلي منها ومن الغاز الطبيعي، وبالتالي قلل ذلك من حدة الطلب، إلى جانب زيادة أسعار البنزين في مصر بنسبة طفيفة مقارنة بالارتفاعات التي تشهدها أسعار البترول حاليا.

وذكرت منى بدير أنه ما قد يحد من حدوث تقلبات كبيرة في أسعار الصرف توفر احتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي قادر على خفض تأثير صدمات نقص المعروض وزيادة الطلب على العملات الأجنبية على أسعار الصرف، مثلما حدث في بداية أزمة جائحة كورونا.

وأكدت أن البنك المركزي أيضا لن ينتظر حتى يتجاوز معدل التضخم مستوى الـ 9% الحد الأقصى من مستهدفه، ولكنه سيتحرك بشكل استباقي إذا تعدى نقطة المستهدف وذلك من خلال أدوات السياسة النقدية المتوفرة لديه ومن ضمنها رفع أسعار الفائدة.

واستبعدت منى بدير حدوث ركود تضخمي على مستوى العالم حيث لا يزال هناك مساحات كبيرة للنمو ولزيادة الطلب، إلى جانب أن أحد أسباب الأزمة الحالية أن الطلب أكبر من العرض، فما يحدث من تضخم قد يؤثر على سرعة التعافي ولكنه لن يخفض الإنتاج أو يحدث ركودا تضخميا.

فيديو قد يعجبك: