إعلان

هل تدخل البنك المركزي لحماية الجنيه مع هبوط عملات الأسواق الناشئة؟

03:55 م الأحد 09 سبتمبر 2018

الجنيه المصري مقابل الدولار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - مصطفى عيد:

حافظ الجنيه المصري على استقراره أمام الدولار خلال الفترة الأخيرة، في ظل الضغوظ التي تشهدها الأسواق الناشئة والتي أدت إلى تراجع معظم عملاتها أمام الدولار، وعلى رأسها الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني.

وعدد محللون وبنوك استثمار أسباب استقرار سعر الجنيه المصري أمام الدولار خلال الشهور الأخيرة، رغم خروج جزء كبير من استثمارات الأجانب من محافظ الأوراق المالية من الأسواق الناشئة ومنها مصر.

وبحسب بيانات البنك المركزي، ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه حوالي 3.5 قروش منذ بداية شهر أغسطس وحتى الآن، ليدور حاليا حول مستوى 17.85 جنيه للشراء و17.95 جنيه للبيع.

وبينما يرى بنك الاستثمار كابيتال إيكونوميكس، في تقرير أصدره مؤخرا، أن تدخل البنك المركزي على ما يبدو هو السبب وراء استقرار سعر الجنيه، طوال الاضطرابات المالية الأخيرة في الأسواق الناشئة، والتي انخفضت خلالها عملات هذه الدول بنسبة تتراوح بين 5 و10%، عدا الأرجنتين وتركيا، اللتين كانتا الأكثر انخفاضًا بتأثير من مشكلات اقتصادية خاصة بالبلدين.

وقال البنك إنه "يشك في أن البنك المركزي تدخل في سوق الصرف وهو ما خفف الضغوط على الجنيه"، متوقعًا أن يحدث تراجعًا في الاحتياطي من النقد الأجنبي بنهاية أغسطس وهو ما أظهرت بيانات البنك المركزي أنه لم يحدث.

وبحسب ما أعلن المركزي مؤخرا، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بنحو 104 ملايين دولار خلال أغسطس الماضي، ليسجل بنهاية الشهر نحو 44.419 مليار دولار، مواصلا ارتفاعه للشهر الـ22 على التوالي.

ولكن حسين رفاعي رئيس بنك قناة السويس، يرى أن العرض والطلب على العملة المحلية، وهو العامل الذي يحدد سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى، بحسب ما قاله في تقرير لموقع "سي إن إن بالعربية".

وهو ما أكدت عليه الخبيرة الاقتصادية ريهام الدسوقي، حيث قالت لمصراوي، إن خروج استثمارات الأجانب من استثمارات المحافظ انعكس بشكل محدود على الجنيه مقارنة بعملات الأسواق الناشئة الأخرى نتيجة لأن التأثير الأغلب الذي يخضع له سعر العملة بمصر هو العرض والطلب عليها محليًا.

وقال حسين رفاعي، إن مؤسسات التصنيف الائتماني رفعت نظرتها المستقبلية لمصر في حين خفضت تقييماتها لاقتصادات أخرى قريبة منها، وهو ما يدعم الجنيه المصري، والأهم حاليًا من سعر العملة هو توافر الدولار.

ورفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لإصدارات الحكومة المصرية من السندات السيادية طويلة الأجل من مستقرة إلى إيجابية، مع التأكيد على تصنيف مصر الائتماني عند درجة "B3"، بحسب بيان من الوكالة الأربعاء قبل الماضي.

وقالت منى بدير محللة الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار برايم، إن البنك المركزي استطاع حتى الآن تحجيم الآثار السلبية لضغوط خروج المستثمرين الأجانب على الجنيه واحتياطي النقد الأجنبي في الفترة الأخيرة.

وأضافت منى بدير لمصراوي، أن خروج جزء كبير من استثمارات الأجانب في محافظ الأوراق المالية بمصر عبر الآلية المخصصة من البنك المركزي لهذا الغرض ساهمت في تجنب جزء كبير من الضغوط على العملة والاحتياطي.

ويجنب البنك المركزي الاستثمارات الأجنبية في الأوراق المالية، ولا يدخلها ضمن الاحتياطي النقدي، حتى لا تحدث ضغوط على سعر الصرف في حال خروجها، وفقا لمنى بدير.

واتفقت ريهام الدسوقي مع منى، حيث قالت إن ضغط خروج الأجانب من أذون وسندات الخزانة في الفترة الأخيرة، لا يعتبر كبيرًا على العملة، لأن جزءًا منه ممول من المبالغ التي يجنبها البنك المركزي من آلية تحويل المستثمرين، والجزء الثاني كان من خلال خروج بعض هذه الاستثمارات عبر البنوك خلال الشهور الأخيرة فقط بشكل تدريجي.

وتعتبر منى بدير "آلية المركزي نوعا من أنواع التدخل غير المباشر في سعر الصرف ولكنها الأداة الوحيدة التي يتدخل بها المركزي حتى الآن في سوق الصرف".

ورغم التأكيد المستمر من طارق عامر محافظ البنك المركزي في العديد من المناسبات على عدم تدخل البنك المركزي في سوق الصرف منذ التعويم، فإنه لم يستبعد خلال تصريحات الشهر الماضي إمكانية التدخل في حالة تطلب الأمر ذلك من وجهة نظر البنك المركزي.

ومع التقليل من انعكاس خروج استثمارات الأجانب عبر البنوك على سعر العملة والاحتياطي، فإن منى بدير أشارت إلى أن هذا الخروج انعكس بشكل ملحوظ على الأصول الأجنبية للبنوك، لدرجة تسجيل رقم سالب لصافي الأصول الأجنبية للبنوك في نهاية يوليو بما يعادل 1.2 مليار دولار.

وأظهرت بيانات البنك المركزي أن صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك سجل نحو -21.5 مليار جنيه بنهاية يوليو الماضي، وهو أول رقم سالب منذ أبريل 2017، لكن صافي هذه الأصول لدى البنك المركزي ارتفع إلى 303.5 مليار جنيه بنهاية يوليو.

وقال كابيتال إيكونوميكس، إن هناك دلائل على تعرض الأصول المصرية في الفترة الأخيرة للضغوط ضمن موجة بيع الاستثمارات في الأسواق الناشئة، حيث سجل المستثمرون الأجانب صافي بيع بالبورصة المصرية في الشهور القليلة الماضية كما خفضوا من استثماراتهم من أدوات الدين الحكومية وهو ما ساهم في زيادة جديدة بعوائدها.

وهو ما أكدت عليه منى بدير، حيث أشارت إلى تأثير خروج الاستثمارات الأجنبية على عوائد أذون الخزانة التي استمرت في الارتفاع منذ أواخر أبريل وحتى نهاية يوليو.

ولكن منى قالت إن "هذه العوائد بدأت تنخفض قليلا في أغسطس وهو ما قد يشير إلى أن سرعة خروج الاستثمارات الأجنبية تراجعت في الشهر الأخير، أو أن تدفقات هذه الاستثمارات عادت إلى الزيادة".

ويتوقع كابيتال إيكونوميكس أن ينخفض سعر الجنيه أمام الدولار 10% خلال العامين المقبلين، ليصل سعر الدولار إلى 19 جنيهًا العام المقبل ثم إلى 20 جنيهًا بنهاية 2020، وذلك مع توقعه بتخفيف السلطات "تدخلها" - في رأيه - لدعم الجنيه خلال الفترة المقبلة، بضغط من صندوق النقد الدولي.

ولكن منى بدير تتوقع أن يواصل احتياطي النقد الأجنبي ارتفاعه خلال الفترة المقبلة بدعم من القروض المتوقع أن تحصل عليها مصر، إلى جانب تحسن مساهمة قطاعي السياحة وتحويلات المصريبين بالخارج في تمويل الاحتياطي.

وكان تقرير كابيتال إيكونوميكس أشار إلى أن الوضع الخارجي لمصر أصبح أكثر قوة، حيث انخفض عجز الحساب الجاري من 6% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة التي سبقت التعويم إلى 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي حاليا، كما أصبح هذا العجز مغطى بالكامل من خلال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المستقرة نسبيًا.

فيديو قد يعجبك: