ضريبة البورصة "حلم الحكومة المؤجل".. كيف ساهمت في خسائر السوق الأخيرة؟

06:10 م الأحد 22 يناير 2017

البورصة المصرية

كتبت - إيمان منصور:

تعرضت البورصة المصرية لخسائر كبيرة خلال جلستي الأربعاء والخميس الماضيين وصلت إلى أكثر من 25 مليار جنيه، وسط تراجع قوي للمؤشرات في جلسة الخميس، تزامنًا مع الكشف عن بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، والذي يشمل تطبيق ضرائب على تعاملات البورصة.

ورغم تأكيد وزارة المالية وإدارة البورصة صباح الخميس على أنه لن يتم تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على أرباح البورصة، وأن هناك التزامًا بقرار المجلس الأعلى للاستثمار بتأجيل تطبيق هذه الضريبة لمدة 3 سنوات جديدة بدءًا من مايو المقبل إلا أن الحكومة لم تحسم الأمر بشأن إمكانية تطبيق ضريبة الدمغة على التعاملات.

لكن عددًا من خبراء سوق المال، يرون أن ما حدث لم يكن هو السبب الوحيد لتعرض البورصة لهذه الخسائر، وأنها تشمل أيضًا اقتراب ذكرى 25 يناير ومخاوف حدوث اضطرابات جديدة، بسبب وجود بعض السخط بالشارع بعد حكم جزر تيران وصنافير الأخير، بالإضافة إلى عمليات التصحيح التي لم يقم بها السوق منذ فترة.

من جانبه، قال محمد سعيد رئيس شركة "أي دي تي" للاستشارات المالية، إن هناك 3 أسباب دفعت للهبوط العنيف الذي سجله سوق المال خلال جلسة الخميس الماضي وبداية جلسة اليوم، ومنها المخاوف التي حدثت على أثر كشف صندوق النقد الدولي عن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية أو ضريبة الدمغة مع نهاية العام المالي الحالي.

وأضاف سعيد لمصراوي، أن من هذه الأسباب أيضاً اقتراب 25 يناير والتخوف من اضطرابات أمنية في الشارع خاصة بعد تداعيات حكم رفض طعن الحكومة ضد بطلان اتفاقية رسم الحدود بين مصر والسعودية، وسيادة الأولى على جزيرتي تيران وصنافير، وهذا على الأقل يدفع المستثمرين نوعاً ما إلى خفض حجم القوى الشرائية.

وأوضح أن السبب الثالث هو قيام السوق بعملية تصحيح لمساره بعد أن استمر على الصعود لفترة طويلة دون هبوط، موضحاً أنه طبقًا للتحليل الفني لابد أن يقوم السوق بعملية تصحيح لمساره، حيث أنه يسير بشكل مقارب من "أسنان المنشار" صعوداً وهبوطاً.

وتابع: "على سبيل المثال إذا صعد السوق نحو 500 نقطة لابد أن يعاود الهبوط بنحو 200 نقطة لأي أسباب، وإذا لم يكن هناك أسباب ينخفض السوق طبيعياً تاثراً بارتفاع الأسعار".

وتوقع سعيد أن يتحرك السوق بشكل هادئ خلال جلسات الأسبوع حتى يمر يوم 25 يناير ثم يعاود الصعود مرة أخرى مع بداية الأسبوع المقبل، خاصة أنه يقترب من 14 ألف نقطة التي كان من المستهدف أن يصل لها خلال الربع الأول من عام 2017.

والأرباح الرأسمالية هي المكاسب التي يحققها المستثمر من بيع وشراء أسهم في البورصة، وتحسب الضريبة في حالة تطبيقها على صافي ربح المستثمر بعد خصم أي خسارة تكبدها المتعامل خلال العام الضريبي.

ولفت سعيد إلى أنه فيما يخص تأثير ما تردد بشأن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بشكل خاص على التعاملات، فإن المتعاملين في السوق شبه متأكدين من عدم تطبيق هذه الضريبة وفقًا لتصريحات نائب وزير المالية، والتي نفت تطبيق الضريبة، كما أن تأجيلها جاء بعد الاتفاق مع صندوق النقد، بالإضافة إلى أن الاتفاق مع الصندوق ينص على توصيات وليس إلزام، والسوق أقرب لتصديق الحكومة.

وتعود بداية أزمة ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة إلى قرار الحكومة بفرضها في يوليو 2014، إلا أن تعاملات البورصة تأثرت وتراجع حجم التداول بها مما دفع الحكومة لإعلان تأجيل تطبيق الضريبة لمدة عامين بداية من مايو 2015، إلا أنها أبقت على ضريبة على توزيعات الأرباح النقدية من الشركات على المساهمين.

وتأتي محاولات الحكومة في السنوات الأخيرة لفرض ضرائب على تعاملات البورصة في إطار تدعيم إيرادات الدولة، ولكن المناخ العام للاستثمار مع تدهور الأوضاع الاقتصادية كان يدفع الحكومة للتراجع انتظارًا للوقت المناسب مع تحسن الأوضاع، ولكن البرنامج الجديد قد يدفعها لفرض ضريبة الدمغة قريبًا.

وقد تكون ضريبة الدمغة المرشحة للتطبيق في إطار برنامج الإصلاح تعويضًا مؤقتًا للحكومة عن ضريبة الأرباح الرأسمالية، وكانت ضريبة الدمغة قد تم فرضها في مايو 2013، حتى توقف العمل بها في يوليو 2014 مع قرار تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية وعلى توزيعات الأرباح.

من ناحيته، قال الدكتور وائل النحاس خبير أسواق المال، إن ما حدث في السوق خلال جلسة الخميس الماضي هو عملية تصحيح للسوق بعد صعوده لفترة طويلة دون ارتداد، كما أنه شهد حالة من اختفاء الطلبات في هذه الجلسة، ولكن هذا الارتداد يعد طبيعيًا في هذه الحالات، متوقعاً أن يستمر السوق في حركة تذبذب صعودًا وهبوطًا لمدة أسبوعين.

وأوضح النحاس لمصراوي، أن تصريحات صندوق النقد حول الخطأ في سعر صرف الجنيه كانت لها أثر على المستثمرين يفوق ما تم الكشف عنه بخصوص تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، حيث جاءت هذه التصريحات مخيبة لآمال المستثمرين حول تقديم مصر لبيانات صحيحة، ومخاوف بشأن مدى التزامها بتطبيق إجراءات سليمة فيما بعد.

وأضاف أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تطبق في حالة تحقيق المستثمر للمكاسب فقط، وليس عند المستثمرين مانع لدفع نحو 10 بالمئة من هذه الأرباح بعد ثلاث سنوات، بينما المخاوف من هذه الضريبة يكون بالنسبة لوجود ملفات ضريبية لأصحاب ملاءة مالية لم يكونوا يريدون الظهور في هذه الجهات.

وطالب بأن تكون كافة الإجراءات والبيانات والتصريحات واضحة خلال شهر فبراير المقبل قبل موعد المراجعة الدورية لصندوق النقد حتى يشعر المستثمرون بالطمأنينة تجاه الحكومة، خاصة بعد قرارات التحفظ على أموال بعض رجال الأعمال والمشاهير مثل صفوان ثابت، وأبو تريكة وغيرهم.

من جانبه، يرى إيهاب سعيد العضو المنتدب للفروع بشركة أصول للأوراق المالية، والخبير المالي، خلال تقرير له، أن ما تردد عن فرض ضريبة على تعاملات البورصة يومي الأربعاء والخميس زاد من حدة عملية جني الأرباح التي حدثت، حيث أن المتعاملين كانوا مهيئين نفسيًا لحركة تصحيح بعد الارتفاعات الأخيرة.

وقال سعيد، "إن المؤشر الرئيسي للبورصة نجح خلال الأسبوع الماضي فى مواصلة صعوده فى اتجاه هدفه قرب 13400 - 13600 نقطة وتحديدًا عند مستوى 13544 نقطة والذى يعد أعلى مستوى له منذ التدشين، ولكنه فشل في الثبات أعلاه بفعل عمليات جني الأرباح القوية التي تعرضت لها بعض الأسهم القيادية لاسيما بجلستي الأربعاء والخميس".

وأضاف أن ما زاد من حدة جني الأرباح هو ما تردد بعض الأقاويل عن عودة ضريبة الأرباح الرأسمالية أو إعادة ضريبة الدمغة بقيمة 1 بالمئة "تنفيذًا لتوصيات صندوق النقد الدولي" على الرغم من قرار المجلس الأعلى للاستثمار بتأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية لثلاث سنوات وهو ما أكدته البورصة ووزارة المالية فيما بعد.

وتابع إيهاب سعيد: "وإن بقي الحديث عن إعادة ضريبة الدمغة دون نفي حتى الآن"، ولفت إلى أنه بطبيعة الحال تسببت تلك الأقاويل في زيادة حدة العمليات البيعية لاسيما وأن المتعاملين كانوا شبه مهيئين نفسيًا لحركه تصحيحية بعد الارتفاعات القوية الأخيرة في أعقاب تحرير سعر الصرف.

وذكر: "ولذا ومع أول إشارة لعمليات جني الأرباح تسارع الأفراد والمؤسسات المحلية على الخلاص مما في حوزتهم من أسهم، في الوقت الذي تواصلت فيه العمليات الشرائية المكثفة من قبل المستثمرين الأجانب".

إعلان

إعلان