إعلان

حيثيات سجن بطرس رؤوف غالي بـ"تهريب الآثار": خان الأمانة فكان من "شرار السلف للخلف"

07:30 م الإثنين 16 مارس 2020

بطرس غالي

كتب- محمود السعيد:

أودعت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد علي الفقي، حيثيات حُكمها بمعاقبة 4 متهمين بينهم بطرس رؤوف بطرس غالي بالسجن المشدد 15 سنة وتغريم كل منهم مليون جنيه في القضية المعروفة بـ"تهريب الآثار المصرية للخارج".

وقالت المحكمة في حيثياتها - حصل مصراوي على نسخة منها - إن النيابة العامة أسندت للمتهمين في القضية رقم 8718 لسنة 2019 بأنهم خلال الفترة من 2017 حتى 5 مايو 2017 بدائرة قسم قصر النيل، ارتكبوا:

أولًا: المتهم الأول أحمد حسين نجدي، عامل

أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص.

ثانيًا: الأول والثاني لاديسلاف أوتركر سكاكال، القنصل الفخري السابق لإيطاليا بالأقصر:

أتجرا في الآثار المصرية، بأن باع الأول إلى الثاني عددًا من القطع الأثرية تنتمي للحضار المصرية من نتاج أعمال الحفر غير المشروع.

ثالثًا: المتهم الثاني "لادي":

أتجر في الآثار المصرية بأن ابتاع من سيدة إيطالية في عمارة الأيموبيليا بالقاهرة عددًا من القطع الأثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة.

رابعًا: المتهم الثالث مدحت ميشيل، صاحب شركة شحن:

أخفى في مخزن شركته القطع الأثرية موقع الاتهامين السابقين بقصد تهريبها لإيطاليا.

خامسًا: المتهمان (لادي وميشيل):

هرَّبا إلى إيطاليا 21855 قطة آثار تنتمي للحضار المصرية القديمة موقع الاتهامين السابقين، بأن سلّمها الثاني إلى الثالثق بواسطة شحنها خلسة داخل إحدى الحاويات الخاصة بأحد أعضاء البعثة الدبلوماسية لدولة إيطاليا بالقاهرة لضمان عدم فتحها أو تفتيشها من قبل موظفي الجمارك المصرية لخضوعها لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، فشحنها الأخير داخل الحاوية التي تخص ماسيمليانو سبونزيللي ملحق الشؤون الاقتصادية والتجارية بسفارة دولة إيطاليا دون علم الأخير.

هرَّبا بضائع وهي 21855 قطعة آثار بقصد الإتجار بها بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن الضرائب الممنوعة، عن طريق تقديم بيانات ومستندات غير صحيحة لجمارك الإسكندرية بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة.

سادسًا: المتهم الرابع بطرس رؤوف غالي:

- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب الجريمة موقع الاتهام ثانيًا بأن اتفق على شراء قطع الآثار التي تحصّل عليها الأول (نجدي) من نتاج أعمال الحفر غير المشروع وساعده بأن أمده بالأموال اللازمة لذلك فتمت الجريمة بناءً على الاتفق والمساعدة.

- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع "لادي" في ارتكاب الجريمة الثالثة بأن اتفق على شراء قطع الآثار المصرية التي بحوزة السيدة الإيطالية وساعده بأن أمده بالأموال لذلك.

اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع "لادي" في ارتكاب الجريمتين موضوع الاتهام خامسًا بأن اتفق على تهريب الآثار المصرية من المتهم الأول والسيدة الإيطالية إلى إيطاليا على أن يقوم الثاني عقب ذلك بإعادة بيعها وتسليم قيمتها في الخارج إلى المتهم بطرس غالي مقابل حصوله على جزء من هذه القيمة وأمده بالأموال فتمت الجريمة بناءً على ذلك.

المستشار محمد علي الفقي

حيثيات الحُكم:

قالت المحكمة إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المححكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أن المتهم الرابع بطرس رؤوف غالي قد شارك المتهم الثاني لاديسلاف سكاكال في تكوين تشكيل إجرامي غايته شراء والإتجار في الآثار المصرية وتهريبها للخارج وإعادة بيعها واقتسام الأرباح فيما بينهم، فاستغل كل منهما أدواته ومعارفه في تشكيل عصبة من الأشرار الذين أعمتهم الأموال وتاجروا بحضارة الأوطان فخانوا الأمانة فأدمنوا الخيانة بالإتجار في آثار الأمة وحق الأجيال، ولم يوقف جمعهم ما تمتع به المتهم بطرس غالي من تاريخ لأسرة عريقة فكان من "شرار السلف للخلف".

وأضافت المحكمة أن المتهمين لم يوقفهم ما نعموا به من رغد العيش وتمتعهم بخيرات البلاد واتواءهم من ماء النيل فأورت فيهم غدرًا فكانوا سهمًا مسلّطًا لمقدرات البلاد وسقطوا في بئر الخيانة للأوطان، بأن استغل المتهم الثاني "لادي" بانتهاء معلومة انتهاء مدة عمل الملحق الثقافي الإيطالي بالقاهرة وحقه المقرر في الإعفاء الجمركي دون علمه، فاستعانوا بالمتهم "احمد نجدي" حال تواجده بالأقصر فقام بالبحث عن الآثار وتواصل مع الآخرين لتجميع الآثار وتوصيلها للمتهمين "لادي وبطرس" عن طريق الثالث مدحت ميشيل.

واتفق المتهم مدحت ميشيل مع "لادي وبطرس" بإنهاء إجراءات نقل وإعادة متعلقات الملحق الإداري الإيطالي ونقلها لإيطاليا بعدد 122 طردّا خصص منها 22 طردًا لتهريب الآثار بوضعها في الحاوية الدبلوماسية وسلمها بذات الإعفاء الجمركي وأنهى إجراءاتها على ذلك النحو بميناء الإسكندرية، بحسب المحكمة.

وأشارت إلى أن "ميشيل" أرسل رسالة إلكترونية للمسؤول الإيطالي يخبره بأن الطرود الإضافية والتي تشمل الآثار المهربة لا تخصه وتخص الإيطالي "لادي" القنصل الفخري السابق لإيطاليا، وحال وصول الحاوية ميناء ساليرنو الإيطالي في مايو 2017 كحاوية دبلوماسية قرر الدبلوماسي الإيطالي "ماسيميليانو" أن إجمالي الطرود التي كلّف بها شركة الشحن هي 57 طردًا فقط وليس 132 وهي الطرود التي عثر عليها داخل الحاوية بمعرفة السلطات الإيطالية وبينها 22 طردًا تحوي الآثار المصرية المُهرّبة.

وتحفّظت السلطات الإيطالية على الـ22 طردًا وخاطبت السفارة المصرية بإيطاليا للتأكد من أثريتها وإبلاغ النيابة العامة التي شكلت لجنة من رئيسي نيابة بالتعاون الدولي والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وأحد الخبراء الإيطاليين والتي انتهت إلى أثريتها وتمت استعادتها وحفظها بالمتحف المصري.

وذكرت أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية قِبل المتهمين والتي أفصحت عن قيام المتهم الثاني "لادي" باستئجار خزينة بأحد البنوك حفظ بها آثار مصرية وأوكل لـ"بطرس" الحق في استخدامها وفتحها وتبادل الاثنان الرسائل وتحويلات بنكية بالنفس وبالواسطة، بالإضافة لضبط آثار أخرى بفيلا ملك وإقامة بطرس غالي.

إلى ماذا استندت المحكمة في حُكمها؟

الشهود: قالت المحكمة إن الدليل اليقيني قام على ثبوت الواقعة في حق المتهمين جميعًا وصحة نسبها إليهم بشهادة الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار واللجنة المشكلة من وزارة الآثار التي انتهت لأثرية المضبوطات، ومسؤولي الجمارك والعميد حسين عبدالتواب صالح، وكيل مباحث الآثار بالإدارة العامة لشرطة السياحة، والنقيب أحمد عادل عبدالعزيز، مفتش بمباحث الآثار، وبلغ عدد الشهود 25 شاهدًا.

بالإضافة لمعاينة النيابة الإيطالية وما أسفرت عنه للقطع المضبوطة وما ثبت بإفادة شركة فودافون عن هاتف المتهم "أحمد نجدي" وما أورده تقرير إدارة أبحاث التزييف بالطب الشرعي وما أوردته الإفادة الواردة من الشركة الوطنية للمراسي وخدمات السفن ومذكرة نيابة ساليرنو الإيطالية ومعاينة النيابة لمسكن المتهم الرابع.

التحريات: قال العميد حسين عبدالتواب، وكيل مباحث الآثار إن تحرياته توصلت أن القطع الأثرية المضبوطة داخل الحاوية الدبلوماسية بمعرفة السلطات الإيطالية قام المتهم الثالث بشحنها داخل الحاوية دون علم صاحبها بالاتفاق مع الثاني "لادي" لسابع علمهما بعدم إمكانية تفتيشها وأن تلك القطع اشتراها "لادي" من "نجدي" وسيدة إيطالية، واشترك المتهم الرابع بطرس غالي مع الثاني في ارتكاب تلك الجرائم بطريق الاتفاق والمساعدة.

المتهم بطرس غالي داخل القفص

ردّ المحكمة على دفوع دفاع المتهمين:

- عدم جدية التحريات: قالت المحكمة إن الدفع بعدم جدية التحريات فمردود جديتها وصحتها من المساءل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر لمحكمة الموضوع، مضيفة أنها اطمأنت لتحريات ضباط مباحث الآثار فقد جاءات واضحة مكتملة ومتساندة مع باقي الأدلة، ولذا جاء الدفع على غير سند سليم من الواقع والقانون.

- انتفاء أركان الجرائم المسندة للمتهم الأول: قالت المحكمة إنها اطمأنت لأدلة الثبوت وتحريات المباحث التي أكدت قيامه بالحصول على القطع الأثرية من أعمال الحفر غير المشروع والتي ابتاعها الثاني "لادي"، بالإضافة للعثور على قصاصة ورقة مدون عليها اسمه داخل إحدى القطع الأثرية ورقم هاتفه الخلوي، وثبت أنها مدونة بخط يده وفق إدارة التزييف والتزوير بالطب الشرعي.

-عدم أثرية المضبوطات: ذكرت المحكمة أنه من المقرر قانونًا وقضاء انتفاء مصلحة الدفاع فيما يثيره من عدم ذكر خبراء الآثار أن المضبوطات جميعها أثرية ما دام الحُكم والتقرير المرفق أثبت أثرية بعضها لتوافر مقصد المشرع من التجريم الأمر الذي تلتف معه المحكمة عن الرد على ذلك الرد.

- طلب فضّ الأحراز جميعها بمعرفة المحكمة: المحكمة لا ترى لزومًا لذلك اطمئنانًا للإجراءات المتخذة بالتحقيقات والمعاينات بمعرفة النيابة العامة، وإن المحكمة تقدر صعوبة هذا الأمر وعدم الاحتياج إليه لطبيعة المضبوطات وأهميتها ولا ترى له موجبًا سوى تعطيل الدعوى دون بيان العلة منه.

- الدفع بأن بعض المضبوطات لدى بطرس غالي من موروثات أجداده، قالت المحكمة إن القانون رقم 117 لسنة 1983 قد الزم حائز الآثار بضرورة إخطار الهيئة العامة للآثار بحيازته حتى يثبت للهيئة تسجيل الأثر ومتابعته، وقد حدد القانون مدة 6 أشهر من تطبيقه، وقد خلت الأوراق من ذلك الإخطار من المتهم، بل أقر بالتحقيقات عدم قيامه بالإخطار، ولا يعفيه الجهل بالقانون وبذلك يكون مؤثمًا بالمادة 42 من القانون السابق.

- الطعن على إجراءات تحدد أثرية الأثر، أكدت المحكمة أنها تطمئن لأقوال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وأن اللجان المتعاقبة قد ابتعت الطرق السليمة والمعترف بها لفض الأثر وبيان أثريته.

واختتمت المحكمة حيثيات حُكمها بأن الجرائم المسندة مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة الأمر الذي وجب اعتبارها جريمة واحدة وإنزال عقوبة الجرية الأشد عملًا بمقتضى المادة 32 عقوبات.

ولذا قضت المحكمة بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد 15 عامًا وتغريم كل منهم مليون جنيه، ومصادرة المضبوطات لمصلحة المجلس الأعلى للآثار.

فيديو قد يعجبك: