إعلان

هل تغاضى اثنان من الباباوات عن فضائح أسقف أمريكي؟

07:58 م الأربعاء 11 نوفمبر 2020

بابا الفاتيكان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن - (بي بي سي)

كشف تقرير صدر عن الفاتيكان أن اثنين من الباباوات ومسؤولين من الكنيسة تجاهلوا التهم الموجهة لكاردينال أمريكي، أدين لاحقاً بالاعتداء الجنسي.

وكان ثيودور ماكاريك، وهو أسقف سابق في العاصمة الأمريكية واشنطن، قد جرّد من رُتَبه الكهنوتية، بعدما أنهى الفاتيكان التحقيق بالتهم الموجهة إليه العام الماضي.

وتعهّد البابا فرانسيس في تصريح له "بتخليص الكنيسة الكاثوليكية من الاعتداء الجنسي"، في ختام لقائه الأسبوعي العام بالجمهور، مجدداً "التزام الكنيسة بالقضاء على هذا الشر".

ويوضح التقرير الجديد كيفيّة اعتلاء ماكاريك سلّم المناصب الكنسيّة، بالرغم من أنّ الشكوك حول سلوكه بدأت منذ عقود، ويشير إلى أنّ الأدلّة الكافية لإدانته لم تظهر إلا في عام 2017.

يومها، طلب البابا الحالي، فرانسيس، إجراء تحقيق خلص العام الماضي إلى إدانة ماكاريك، الذي يبلغ حالياً من العمر 90 عاماً، بالاعتداء الجنسي على مراهق في السبعينيات من القرن الماضي.

ويرجّح أنّ الانتهاكات التي ارتكبها ماكاريك حدثت قبل زمن طويل، ما يمنع الادعاء عليه أمام محكمة، بسبب قوانين التقادم في الولايات المتحدة.

ماذا تضمّن التقرير؟

يتألّف التقرير الصادر عن الفاتيكان بتاريخ 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، من 450 صفحة، تتضمّن شهادات وعشرات الرسائل والسجلات من الفاتيكان ومن أرشيف الكنيسة في الولايات المتحدة.

مضمون التقرير هو خلاصة عامين من التحقيقات، ومقابلات مع أكثر من 90 شاهداً، بعضها امتدّ لثلاثين ساعة، بحسب مراسل بي بي سي في روما مارك لوين.

وكانت نتيجتها الكشف عن سلسلة من التستر الكنسي والتواطؤ في تجاهل "سرّ معلن" عن انتهاكات ثيودور ماكاريك الجنسية، بحسب لوين.

خدم ماكاريك كرئيس لأساقفة واشنطن بين عامي 2001 و2006.

ويكشف التقرير أنّ البابا يوحنا بولس الثاني، الذي توفي عام 2005، أحيط علماً بالانتهاكات، لكنه اختار تصديق الأساقفة الأمريكيين الذين تستروا على قصة ماكاريك، والكاردينال نفسه الذي أنكر كلّ التهم الموجهة له.

وخلص تقرير الفاتيكان أيضاً إلى أن البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي استقال من منصبه في عام 2013، رفض على الأرجح فكرة إجراء تحقيق لعدم وجود "أي مزاعم ذات مصداقية بشأن اعتداء ماكاريك على أطفال".
ويقرّ التقرير أنّ تحريات الفاتيكان حول المزاعم الموجهة لماكاريك كانت "محدودة"، بعد فوات الأوان.

حين استقال ماكاريك من منصبه في يوليو/ تمّوز 2018، كان أوّل كاردينال يستقيل من الكنيسة منذ عام 1927. وقد جرّده البابا فرانسيس من مهامه الكهنوتيّة كافة في فبراير/شباط من العام التالي.

يعدّ الأسقف الأمريكي واحداً من بين مئات أفراد الإكليروس المتهمين بالاعتداء الجنسي على أطفال، خلال عقود من الزمن.

وقال أمين سرّ الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين: "ننشر هذا التقرير بحزن على الندوب التي خلفتها تلك الأحداث على الضحايا وعائلاتهم، وعلى الكنيسة في الولايات المتحدة والعالم".

"تقرير غير مسبوق"

ويوضح مراسل بي بي سي في روما، مارك لوين، أنّ "المسألة لا تقتصر على تستّر أفراد، بل على ثقافة كاملة في الكنيسة، خلال ولايتي الباباوين الماضيين، سمحت بكنس التهم تحت السجادة، وسهّلت الانكار، واختارت تصديق المعتدين عوضاً عن الضحايا".

وبحسب لوين، فإنّ التقرير "غير مسبوق"، لناحية الكشف بصراحة عن سوء تقدير يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عاشر، وخصوصاً الأول الذي أعلن قديساً عام 2014.

ويعفي التقرير البابا فرنسيس من اللوم، عبر الإشارة إلى أنّه بدأ باتخاذ إجراءات فور أخذه العلم بأول ادعاء "يعدّ ملموساً"، حول انتهاكات على أطفال. فيما ينظر إلى تجاهل الادعاءات السابقة لاعتبارها "غير موثوقة"، إدانة بحدّ ذاتها.

ويقول منتقدو البابا فرانسيس إنّه تأخر في التحرّك لمعالجة أزمة الانتهاكات الجنسية. لكنّ المماطلة في مواجهة تلك الانتهاكات، كشف مأساوي على عقود من الإخفاق.

ما هي التهم الموجهة لماكاريك؟

يواجه ماكاريك شبهات بالاعتداء على مراهق في أوائل السبعينيات من القرن الماضي أثناء خدمته ككاهن في نيويورك.

وكشف عن هذه الادعاءات رئيس أساقفة نيويورك الحالي الكاردينال تيموثي دولان.

وقال الكاردينال دولان إنّ وكالة طب شرعي مستقلّة حقّقت في الادعاءات. ثمّ في عام 2018، وجدت هيئة مراجعة تتألف من خبراء قانونيين، وعلماء نفس، وأولياء أمور، وكاهن، أنّ تلك الادعاءات "موثوقة ومثبتة".

في ذلك الحين قال ماكاريك إنه "لا يتذكر تلك الإساءات المبلغ عنها"، وأنّه مؤمن ببراءته.

لاحقاً اتهمه عدد من الرجال بإساءات جنسية في منزل على الشاطئ في نيوجيرسي، يعتقد أنّه اصطحبهم اليه خلال دراستهم الكهنوت كإكليريكيين بالغين. وقال رجل إنّه تعرض لاعتداء جنسي وهو قاصر.

كما اتضح التوصّل إلى تسويات مالية في قضيتي انتهاك جنسي على الأقلّ، يعتقد أنّ ماكاريك متورّط فيهما.

وتتضمن القضيتان "ادعاءات بانتهاكات جنسية لبالغين قبل عقود"، خلال عمله كأسقف في نيوجرسي، بحسب وسائل إعلام أميركية.

الشهر الماضي، بدأت في الفاتيكان محاكمة كاهنين كاثوليكيين، في أولى المحاكمات التي تستقبلها محاكم المدينة في قضايا اعتداء جنسي.

وبالرغم من أنّ عدداً كبيراً من الكهنة حول العالم واجهوا تهماً بالاعتداء الجنسي، تعدّ هذه المرة الأولى التي يحتضن فيها الفاتيكان، بين جدرانه، محاكمات حول انتهاكات جنسية.

لدى انتخابه في عام 2013، دعا البابا فرانسيس إلى "إجراءات حاسمة"، الجنسية. لكن منتقديه يرون أنّه لم يقم بما يكفي لمحاسبة أساقفة يعتقد أنّهم تستّروا على الانتهاكات.

وفي أغسطس/ آب عام 2018، كتب متوجهاً إلى الكاثوليك في العالم، مديناً الاعتداءات الجنسية من قبل الكهنة، وداعياً لإنهاء ثقافة التستّر.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: