إعلان

الانتخابات الأمريكية 2020: ما الذي تنتظره أفريقيا من الولايات المتحدة؟

09:53 ص الأربعاء 21 أكتوبر 2020

دونالد ترامب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

جوهانسبرج- (بي بي سي):

"دونالد ترامب يتجاهل أفريقيا تماماً، فهو لم يقم بزيارتها، وأشك في أنه سيفعل إذا أُعيد انتخابه"، هكذا يقول البروفيسور جو ستريملاو المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة ويتوترزراند بجنوب أفريقيا.

فكل من باراك أوباما وجورج دبليو بوش سلفي الرئيس قد زارا أفريقيا خلال الولاية الأولى، غير أن ترامب لم يقرر إيجاد وقت لذلك في جدول أعماله.

ويضيف البروفيسور ستريملاو "هو يعتقد أن هذا لا يستحق اهتمامه".

وبالنسبة للكثيرين يؤكد موقف ترامب على توجه الولايات المتحدة بشأن أفريقيا خلال فترة رئاسته.

فقد تراجعت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم حقيقة أن العديد من الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم تقع في أفريقيا جنوب الصحراء. فإن المنطقة صارت غير ذات أولوية بالنسبة للولايات المتحدة.

فبداية من تمويل الرعاية الصحية إلى اتفاقيات التجارة والدبلوماسية تبدو واشنطن وقد تراجعت خطوة إلى الوراء.

وبينما يفكر سكان أفريقيا في تأثير الرئيس ترامب على قارتهم، وما يمكن أن يترتب على انتخابات نوفمبر، تبقى الخطوة التي قامت بها إدارته بوقف تمويل الرعاية الصحية الذي تشتد الحاجة إليه، بمثابة إشارة قوية على تأثير أمريكا المتغير.

"لا يمكنني الوصول إلى وسائل لمنع الحمل"

على بعد ساعتين من ماسيرو عاصمة ليسوتو تبدو آثار هذه القرارات واضحة على الأرض.

ورغم أن هذا البلد واحد من عشرات البلدان المتضررة من سياسة الولايات المتحدة في أفريقيا، فما يحدث هنا يوضح تأثير قرارات واشنطن على القارة بأسرها.

وسط التلال المنحدرة وأكواخ الطين المتناثرة تبدو العيادة الطبية الوحيدة في قرية ها موجيلا وقد تم إغلاقها.

أوصدت أبوابها بقفل صدئ، بينما ظل صندوق الواقيات الذكرية فارغا. ولم يعد لدى النساء مكان آخر لطلب المساعدة.

"اعتدت زيارة العيادة كل شهر للحصول على وسائل لمنع الحمل، لكنني الآن صرت مضطرة لشرائها، لأن العيادة التي كنت اعتمد عليها أغلقت. لا أستطيع أن أتحمل كُلفة ذلك شهرياً وأخشى حدوث الحمل." هكذا قالت لي - بابتسامة متوترة - امرأة نحيفة خجولة تدعى ماليراتو نياي، تبلغ من العمر 36 عاما.

وقد تردد صدى هذه الكلمات بين العديد من جاراتها. وتحدثت إحداهن عن مخاوفها من حمل بناتها المراهقات بسبب غياب وسائل منع الحمل.

وتم ربط حالات الحمل غير المرغوب فيها بسياسة أمريكا الخاصة بمنع التمويل الفيدرالي للمنظمات غير الحكومية التي توفر عمليات الإجهاض وخدمات استشارية، أو تلك التي تدافع عن حق الحصول على هذه الخدمات.

وكان الرئيس ترامب في عام 2017 قد أعاد النظر في تلك السياسة التي دخلت حيز التنفيذ عام 1984 وظلت مطبقة منذ ذلك الحين، حتى في ظل وجود رؤساء جمهوريين في السلطة.

وبالتالي كان لقرار اتخذ في البيت الأبيض تأثير مضاعف على العديد من النساء الأفريقيات اللاتي يعشن في دول تعتمد بشدة على المساعدة الأجنبية.

يقول تلالي ماتيلا من جمعية الأبوة المخططة في ليسوتو "اضطررنا إلى التخلي عن بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها والتي كنا نقدم لها الخدمات، وصارت العواقب وخيمة، بسبب معدلات الحمل غير المرغوب فيه بين الفتيات والأزواج من صغار السن".

غير أن نقص وسائل منع الحمل ليس فقط ما يؤثر على العديد من الدول الأفريقية. فغياب التمويل الأمريكي أدى إلى خفض خدمات أخرى، مثل فحص الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV واختبار الكشف عن سرطان عنق الرحم.

ويقول تلالي ماتيلا" حين انقطع التمويل الأمريكي، كان ذلك يعني التخلي عن الناس الذين نقدم لهم الخدمات. كما صارت الخدمات الخاصة بفيروس نقص المناعة المكتسبة محدودة كذلك".

وتعد الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الأكثر تضرراً من قرار ترامب بخفض التمويل مقارنة بباقي دول العالم، لأن هذه المنطقة تشهد أعلى معدلات للعدوى في العالم. ولا يزال مرض الإيدز السبب الرئيسي للوفاة في تلك المنطقة.

تغير سياسة التجارة

غير أن الأمر لا يتوقف على الخدمات الصحية فقط. فقد تراجعت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

وثمة مخاوف من أن قانون النمو والفرص في أفريقيا المعروف اختصاراً باسم "أغوا" قد لا يتم تجديده لما بعد عام 2025.

ويوفر اتفاق التجارة الذي تم توقيعه قبل 20 عاماً فرصاَ خاصة لدخول السوق الأمريكية أمام الصادرات من نحو 40 دولة.

وساعد اتفاق أغوا في إحياء صناعة النسيج في ليسوتو، وتوفير فرص عمل لأكثر من 46 ألف شخص، غالبيتهم من النساء.

وفي حال لم يتم تجديد الاتفاق، ربما يفقد الآلاف وظائفهم.

"سيكون الأمر مخيفاً بالنسبة لنا جميعاً، آمل تمديد اتفاق أغوا، لأن نهايته تعني أننا سنضطر إلى إغلاق أعمالنا وسنصبح جميعاً بلا عمل، ولن نستطيع التنافس مع العالم الخارجي"، كما يقول ديفيد تشين، وهو صاحب مصنع نسيج تايواني يضم 1600 عامل في ليسوتو. ويقوم تشين بتصدير الملابس الرياضية للولايات المتحدة فقط.

وتوفر صناعة النسيج أكبر فرص للتوظيف في القطاع الخاص في البلاد، ويمكن رؤية ذلك بوضوح داخل المصانع.

وتعد ساعات العمل طويلة، غير أن النساء يعملن بجد وينتجن آلاف قطع الملابس يوميا. ورغم انخفاض الأجور، فإن مئات الآف من الأشخاص يعتمدون اعتماداً كبيراً على هذه الصناعة..

"عدم اهتمام" ترامب بأفريقيا

لم تعد الولايات المتحدة بمثابة المستثمر المفضل لدى العديد من الدول الأفريقية، الأمر الذي ترك فراغاً أمام الهند وتركيا وروسيا والصين لتعمل على تكثيف الدبلوماسية والتجارة والاستثمار هنا.

وتتولى شركات صينية قدراً هائلاً من مشروعات البنية التحتية في القارة، يتم تمويل معظمها من جانب الحكومة في بكين.

تقوم الصين ببناء الطرق والموانئ والمطارات في مختلف أنحاء أفريقيا، مما يعزز وجودها في القارة. وذلك في مقابل الموارد والصداقة والنفوذ السياسي والاقتصادي.

وفي حين يرحب كثيرون بالعلاقات الودية بين الصين وأفريقيا، واصفين إياها بأنها مكسب للطرفين، يحذر آخرون منها، ويقولون إن بكين تحاول استعمار القارة.

العلاقات الأفريقية الصينية

أصبحت الصين لاعباً مهماً في أفريقيا قبل وقت طويل من مجيء الرئيس ترامب للسلطة. غير أن بكين عملت على تسريع وتيرة نفوذها في القارة اثناء ولاية ترامب.

ففي وادي كاشا نك في ليسوتو على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع جنوب أفريقيا، يجري بناء طريق بدأ العمل فيه منذ عام، بقرض من بنك إكسيم الصيني.

ويمر الطريق الذي يبلغ طوله 91 كيلومتراً بمحاذاة سلسلة جبال دراكنزبرغ، بتكلفة 128 مليون دولار، قدمت الحكومة الصينية 100 مليون دولار منها.

ويؤمل أن يؤدي بناء الطريق من مبيتي إلى سيلاباتيبي إلى تسهيل السفر إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، من خلال تقليل المدة التي يستغرقها التنقل بين المناطق من أربع ساعات إلى ساعتين.

ويقول تيبوهو موكوانى من إدارة الطرق في ليسوتو "من شأن بناء هذا الطريق تشجيع السياحة، لأنه يؤدي إلى منتزة سيلاباتيبي الوطني، وهو الموقع الوحيد في البلاد المدرج على لائحة التراث العالمي."

تبدو الحرب التجارية بين واشنطن وبكين جلية للغاية. ويبقى أن نرى كيف ستنتهي هذه المواجهة الملحمية.

ففي حين تركزت مهمة الرئيس ترامب على جعل "أمريكا عظيمة"، ظلت إدارته منفصلة إلى حد كبير عن واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم.

ونبقى بانتظار معرفة ما ستعنيه نتيجة الانتخابات الأمريكية القادمة بالنسبة لأفريقيا.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: