إعلان

كيف سيغير الملك سلمان السعودية؟

11:04 م الأربعاء 11 فبراير 2015

العاهل السعودي الملك سلمان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن (بي بي سي)

حينما تولى الملك سلمان، البالغ من العمر 79 عاما، عرش السعودية في يناير الماضي، تعهد بالحفاظ على الأمن والاستقرار، قائلا: "سنلتزم بالنهج الذي اتبعته هذه الدولة منذ تأسيسها".

لكن إلى أين سيأخذ هذا النهج المملكة؟ هل إلى الأمام باتجاه تطبيق مزيد من الإصلاحات المحدودة، أم إلى الوراء نحو مزيد من المحافظة؟

وفي ظل قضية المدون السعودي البارز رائف بدوي، الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات والجلد بألف جلدة بتهمة "إهانة الإسلام"، تتجه الأنظار مجددا إلى سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، أربعة خبراء مطلعين على الشأن السعودي يقدمون رؤيتهم فيما يمكن أن يحمله المستقبل.

"الإصلاحات المحدودة ستستمر": الصحفي خالد المعينا

حاور خالد المعينا باعتباره رئيس تحرير صحيفة "أراب نيوز"، وهي أول صحيفة سعودية يومية تصدر باللغة الانجليزية، ثلاثة من ملوك السعودية المتعاقبين. ويعتقد أن سلمان سيتبع نهج سلفه.

ويقول المعينا: "على مدى السنوات التي قابلته فيها عشرات المرات، أستطيع أن أقول إنه واسع الإطلاع وسافر كثيرا ويقرأ كثيرا جدا. إنه شخص ذكي جدا وحازم، وعالي التركيز ومنضبط جدا".

ويقول المعينا إن سلمان هو ملاذ العائلة، فحينما يقع أحد أمراء أو أميرات العائلة في أي مشكلة، فإن الملك سلمان هو من يحل تلك المشكلات بهدوء.

ويضيف: "إنه مثل حارس البوابة الذي يحل المشكلات، يفعل أشياء قليلة ويناقشهم وينصحهم ويوجههم. فهو يراقب البوابة لضمان أن لا يتجاوز أحد الحدود التي لا ينبغي له تجاوزها".

لكنه كأمير لمنطقة الرياض، وهو المنصب الذي شغله لخمسة عقود، ترك سلمان أثره عليها حيث حولها من بلدة صحراوية إلى مدينة مترامية الأطراف، يقطنها سبعة ملايين نسمة وبها ناطحات سحاب، وسلاسل من مطاعم الوجبات السريعة.

ويقول خالد المعينا: "تحويل الرياض إلى مدينة مهمة، وبناء المدارس والكليات وتعزيز التنمية، وبدء التنمية الاجتماعية بالتركيز على المستشفيات والقضايا الأخرى، يظهر سلمان رجلا مهتما بشعبه للغاية".

ويضيف أن سلمان، باعتباره أميرا لمنطقة الرياض، كان داعما لدور المرأة في الحياة العامة.

ويقول: "أصبحت الرياض الآن مركزا لعقد العديد من الاجتماعات، منذ سنوات قليلة مضت لم تكن تجد أية امرأة في هذه الاجتماعات أو الندوات".

وأضاف: "يمكن أن يرى الشخص التغيرات، حيث أصبح إسهام المرأة أكثر وأكثر عمقا".

ولا يرجح خالد المعينا أن ينقلب سلمان على الإصلاحات المحدودة التي تبناها سلفه عبد الله.

ويقول: "لقد كان هناك العديد من الأشياء محظور نقاشها في هذا البلد من قبل، الآن الصحف ووسائل الإعلام تتناول قضايا مثل الفساد والانتهاكات بحق الأطفال، والعديد من القضايا الأخرى".

وأضاف: "الملك سلمان كما قلت من قبل شخص ذكي ويلاحظ ما يجري حولنا، إنه شخص كثير السفر. ولذلك لا اعتقد أن الأمور ستعود إلى الوراء".

"سيجري تركيز السلطات": علي الأحمد، مدير معهد شؤون الخليج

على الأحمد شيعي، ولد في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

وقضى والداه وأشقاؤه وعمه وعدد من أقربائه فترات طويلة في السجن، ولذلك فقد هاجر إلى الولايات المتحدة.

وهو يدير الآن معهد شؤون الخليج في واشنطن، وهو مركز بحثي معارض للحكومة السعودية.

ويقول الأحمد: "اعتقد أنه سيوزع السلطة داخل العائلة المالكة، لكنه سيركزها في دائرة حلفائه المقربين من تلك العائلة".

ويشير الأحمد إلى التغييرات الواسعة، التي أجراها الملك سلمان خلال الأيام العشرة الأولى من حكمه.

وعبر مجموعة كبيرة من الأوامر الملكية، تم استبعاد وزراء وتعيين آخرين وإلغاء العديد من المجالس والهيئات. لقد ركز الملك السلطة داخل منطقة نجد، التي ينظر إليها باعتبارها المقر الطبيعي للحكومة الملكية.

ويقول الأحمد: "لذلك فإن الولاء والثقة هما عنوان اللعبة هنا، سوف يعمل سلمان على ضمان بقاء العائلة راضية".

وأضاف: "هذا هو السبب الذي سيجعلك ترى عددا أكثر من أفراد العائلة المالكة يأخذون نصيبا أكبر من الكعكة، الكعكة السياسية والاقتصادية على حساب الشعب".

ويقول الأحمد إن التاريخ يقدم تحذيرا قويا من عدم رضاء العائلة.

ويضيف: "بداية من عام 1932 وما بعده، عانت العائلة المالكة من الصراعات الداخلية. لقد أزيح الملك سعود بن عبد العزيز عن العرش من جانب إخوته غير الأشقاء، وكان سلمان جزء من تلك العملية".

وأضاف: "العائلة المالكة أصبحت الآن أكبر مما مضى، ومن الطبيعي أن يكون بين أفرادها توترات".

وألغى الملك سلمان أيضا 14 مجلسا أعلى، كانت تغطي مجالات متنوعة مثل الإعلام والشؤون الدينية وغيرها. وأحيلت سلطات هذه المجالس إلى مجلسين فقط، يرأس أحدهما ابنه والثاني ابن شقيقه محمد بن نايف".

وأصبح وزير الداخلية المثير للجدل محمد بن نايف الآن ثاني شخص في ترتيب انتقال السلطة.

ويقول علي الأحمد إن لديه "سجل أسود" في مجال حقوق الإنسان.

ويضيف: "لقد سجن حتى النساء بتهمة قيادة سيارات، الأمر الذي لم يحدث من قبل في تاريخ المملكة، وأسس محكمة للإرهاب. سترى ذلك، الملك الجديد معني الآن بالأمن".

ويتهم الكثيرون أيضا محمد بن نايف بالمسؤولية عن قتل قوات الأمن لمتظاهرين معارضين.

ويرى علي الأحمد أن تصعيد سلمان لابن شقيقه محمد بن نايف يشير إلى أنه سيأخذ المملكة إلى اتجاه مغاير لسلفه، ويقول: "اعتقد أنه سيغير سياسة المملكة بشكل ما، سيكون أكثر محافظة فيما يتعلق بالسياسات الاجتماعية، وسيكون أكثر قسوة فيما يتعلق بالأمن والشؤون السياسية".

"الحليف الثمين للولايات المتحدة": بروس ريدل، مدير المعلومات الاستخبارية في معهد بروكينجز.

بروس ريدل مدير مشروع المعلومات الاستخبارية بمعهد بروكينغز، وهو مركز بحثي أمريكي متخصص في السياسة الخارجية.

عمل ريدل لتسعة وعشرين عاما في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، قضى معظمها في قسم الشرق الأوسط، وهي الوظيفة التي أتاحت له زيارة الشرق الأوسط كثيرا، ومرافقة الأمير سلمان حينها.

ويقول: "لقد قابلت سلمان نحو خمس أو ست مرات، وكانت غالبا في اجتماعات موسعة".

ويضيف: "كان دائما يعطي انطباعا بأنه شخص جاد للغاية، شخص يقدر علاقة بلاده بالولايات المتحدة، لكنه أيضا يفهم أن هناك قيودا، على ما يمكن أن تفعله مملكة محافظة مثل بلاده مع الولايات المتحدة، التي لديها قيم ونمط حياة مختلف تماما عن السعودية".

لكن ريدل يعتقد أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، التي تشكلت أسسها منذ نحو سبعين عاما على متن سفينة حربية أمريكية في قناة السويس، من غير المرجح أن تتغير.

ويقول: "الملك سلمان في صلب عملية صنع القرار السعودي منذ أكثر من نصف قرن، ولذلك لا اعتقد أنه سيفعل شيئا مختلفا جذريا، اعتقد أننا سنرى الكثير من الاستمرارية في هذا الشأن".

وأضاف: "زيارة الرئيس أوباما المبكرة إلى الرياض فور وفاة الملك عبد الله وضعت إطارا جيدا للعلاقات".

لكن منذ تولي الملك سلمان منصبه الجديد الشهر الماضي، ظهرت مزاعم تقول بأن أعضاء بارزين من العائلة المالكة السعودية مولوا تنظيم القاعدة، طوال عقد التسعينيات من القرن الماضي.

ونفت السفارة السعودية في واشنطن هذه المزاعم، التي لم تعكر صفو العلاقات بين البلدين.

وقال بروس ريدل: "لقد تولى الملك سلمان مسؤولية جمع التمويلات المالية الخاصة لدعم المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفيتي السابق، ومكنت تلك الأموال المجاهدين من الاستمرار في القتال".

وأضاف: "وبالطبع، علاوة على الأموال الخاصة، كان هناك متطوعون ذهبوا للقتال إلى جانب المجاهدين الأفغان، وأشهرهم أسامة بن لادن، وتورط الأمير سلمان حينها في كل هذه القضايا".

ولذلك فإن السؤال الرئيسي الذي يدور في الولايات المتحدة حاليا هو: متى انتهت العلاقة بين المملكة السعودية وأسامة بن لادن؟

يرى بروس ريدل أن تلك العلاقة بدأت في التدهور في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.

ويقول: "ولكن مدى استمرار الاتصالات بين الجانبين بشكل غير مباشر خلال السنوات القليلة التالية يظل محل شك كبير".

ويضيف: "رغم ذلك خلصت لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى عدم وجود دور للمملكة السعودية، في التخطيط لتلك الهجمات التي وقعت عام 2001".

ويضيف: "والأكثر أهمية من ذلك هو أن السعودية اليوم واحد من أهم حلفائنا في الحرب الاستخبارية، الحرب الخفية ضد القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية".

لكن ربما يكون من أكثر الأمور تعقيدا أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، والتي برزت في قضية المدون رائف بدوي.

ويقول ريدل: "بالنسبة إلى العلاقات الأمريكية السعودية، كما هو الحال بالنسبة إلى العلاقات البريطانية السعودية، لم تطرح مسألة حقوق الإنسان على طاولة البحث. اعتقد أنها الآن على الطاولة أكثر من أي وقت مضى".

وأضاف: "في الأروقة الحكومية في كل من لندن وواشنطن، اعتقد أنهم لا يزالون يعتبرون أنه من المثير للمشاكل طرح هذه القضية خلال لقاءات القمة بين رؤساء الدول.

لكن سيتم طرحها خلال اجتماعات المسؤولين الأقل مستوى، وهو ما يحدث بالفعل. ومع مرور الوقت تتجه هذه القضية لأن تصبح مثار خلاف في هذه العلاقات".

ومرة أخرى، فإن وزير الداخلية المثير للجدل يأتي في مركز الصدارة.

ويقول ريدل: "محمد بن نايف فعل الكثير في قتال القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أكثر من أي شخص آخر، لكنه أيضا يتبنى وجهات نظر متشددة للغاية إزاء أي نوع من المعارضة".

ولذلك فإن تصعيد الملك سلمان له يمكن أن يضع المملكة في مسار تصادمي مع حليفها الرئيسي.

وقال ريدل: "حتما، في وقت يحاول فيه الشرق الأوسط والعالم العربي إيجاد طرق لتحقيق إصلاحات وحكم أفضل، سيكون لدينا مشكلة بين الغرب وأكثر الدول محافظة وحتى رجعية، وأكثرها مناهضة للثورات في المنطقة وهي السعودية".

"لا منطقة وسطى للمعارضة السلمية" : مخرجة الأفلام السعودية صفاء الأحمد.

أنتجت صفاء الأحمد فيلما وثائقيا العام الماضي، عن المظاهرات التي لا يعرف عنها الكثير، والتي جرت في المنطقة الشرقية من السعودية.

وحاولت المملكة قمع هذه المظاهرات منذ بدايتها عام 2011، بينما كان العالم مشغولا بما يجري في مصر وليبيا واليمن.

وتقول الأحمد: "من المحزن حقيقة أن نرى الدول الأخرى تحظى بتغطية كاملة لما يحدث فيها، على الرغم من أن شيئا هائلا يحدث هنا".

وأضافت: "إنه شيء تاريخي، لم يحدث من قبل على الإطلاق أن استمرت مظاهرات في السعودية طيلة ثلاث سنوات".

وأضافت: "آخر مرة جرت فيها مظاهرات في المنطقة الشرقية كان عام 1979، واستمرت ربما نحو أسبوع".

وطالب المتظاهرون بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومزيد من الحقوق السياسية والاقتصادية للأقلية الشيعية.

وتقول صفاء الأحمد: "لقد كانت المظاهرات حاشدة في البداية، ولم يكن الأشخاص يغطون وجوههم".

وأضافت: "شعر كل شخص أن عام 2011 حمل لحظة من الأمل، أمل حقيقي في أن تسفر المظاهرات السلمية عن إحداث تغيير".

وأردفت: "اعتقد أنها كانت لحظة ملهمة".

لكن هذه الآمال لم تسفر عن أي شيء.

وقالت صفاء: "لقد أدركوا أن استجابة الحكومة السعودية لن تكون كذلك".

وأضافت: "لقد أنهيت الفيلم بمشهد في المقابر، حيث أقاموا مقبرة خاصة لمن سموهم شهداء الحركة".

وقالت: "نجحت الحكومة تماما في إسكات معظم المظاهرات".

وخلال تلك المظاهرات قتل نحو عشرون شخصا، بينما اعتقل وأصيب مئات آخرون.

أما صفاء الأحمد فقد تم تحذيرها من العودة للسعودية، وغادرت المملكة، وهي تشعر بالخوف على مستقبل بلادها.

وقالت صفاء: "خلاصة ما حدث عام 2011 في كل العالم العربي وخاصة السعودية كشف عن الهوة العميقة بين حكوماتنا وشعوبها، وعدم قدرة أي من الجانبين على التواصل، بطريقة تفضي إلى تحقيق إصلاح حقيقي وعميق في البلاد".

وأضافت: "لقد تركت الحكومات مجالا ضيقا جدا للمظاهرات السلمية والإصلاح".

وأردفت: "إن الاستمرار في قمع النشطاء واعتقالهم خطر حقيقي، فأنت لا تترك منطقة وسطى للأشخاص الذين يرغبون في الإصلاح".

واختتمت: "كلما شعر الشباب، سواء من الشيعة أو السنة في السعودية، بأنهم مستبعدون فأنت تدفعهم باتجاه شيء مرعب فعلا".

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان