إعلان

بعد حسم جدل التوقعات.. ماذا يعني قرار المركزي خفض أسعار الفائدة 0.5%؟ (تحليل)

05:22 م الأحد 27 سبتمبر 2020

البنك المركزي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- مصطفى عيد:

أسدل البنك المركزي الستار على الجدل الذي أثير في أوساط المحللين والمصرفيين بشأن التوقعات لقرار أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي، عندما صدر قرار رجح كفة متوقعي التخفيض ولكنه لم يكن على نفس مستوى توقعاتهم لنسبة الخفض.

وأعلن المركزي قراره يوم الخميس الماضي في بيان طال انتظاره حتى صدر في ساعة قريبة من منتصف الليل بعد اجتماع للجنة السياسة النقدية ربما دل تأخر انتهائه على صعوبة القرار المتخذ، والعوامل الكثيرة المتداخلة في صنعه.

وبحسب البيان، قرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.5% للمرة الأولى بعد 4 مرات متتالية من التثبيت، لتصل إلى 8.75% للإيداع، و9.75% للإقراض، ويتبقى للجنة السياسة النقدية اجتماعان خلال العام الحالي أحدهما في 12 نوفمبر، والآخر في 24 ديسمبر، وذلك بعد أن اجتمعت يوم الخميس للمرة الثامنة هذا العام.

وكانت آخر مرة خفض فيها البنك المركزي أسعار الفائدة هذا العام بنسبة 3% في 16 مارس الماضي حيث كان خفضا استثنائيا استباقيا في اجتماع طارئ من أجل مواجهة التداعيات التي كانت منتظرة من أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.

وربما حملت قرارات مهمة لبعض البنوك الحكومية الأسبوع الماضي إشارات على القرار الذي كان ينوي اتخاذه يوم الخميس الماضي، والتي تضمنت وقف إصدار شهادة الادخار أجل عام 15% ببنكي الأهلي المصري ومصر، إلى جانب خفض الفائدة على بعض شهادات الاستثمار التي يصدرها بنك الاستثمار القومي بنسب وصل إلى 3.75%.

وكان أحد العوامل التي دفعت البنك المركزي لاتخاذ قراره خفض الفائدة هو المعدلات المنخفضة التي سجلها التضخم خلال الشهور الأخيرة، حيث تراجع معدل التضخم السنوي لأقل مستوى له خلال آخر 9 أشهر في أغسطس الماضي، ووصل في إجمالي الجمهورية إلى 3.6% مقابل 4.6% خلال شهر يوليو.

وفي المدن تراجع معدل التضخم السنوي إلى مستوى 3.4% في أغسطس مقابل 4.2% في يوليو.

وانخفض معدل التضخم السنوي في أغسطس بذلك إلى مستوى أقل بكثير من مستهدفات البنك المركزي لمعدل التضخم خلال الربع الأخير من عام 2020 عند 9% بزيادة أو نقصان 3%.

ماذا يعني قرار المركزي بخفض الفائدة 0.5%؟

قال البنك المركزي في بيان لجنة السياسة النقدية يوم الخميس الماضي، إن قراره بخفض أسعار الفائدة 0.5% يتسق مع تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط في إشارة إلى التوقعات لمعدلات التضخم بأنها ستبقى تحت السيطرة، وفي حدود المستهدف.

العامل الآخر الذي أشار البنك المركزي إلى استهدافه من قرار خفض أسعار العائد الأساسية هو أن ذلك يوفر الدعم المناسب للنشاط الاقتصادي في الوقت الحالي، خاصة بعد تراجع معدلات نمو الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة بسبب تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد الحقيقي.

وبحسب البنك، انخفض معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5% خلال العام المالي الماضي مقابل 5.6% في النصف الأول من العام نفسه، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى 9.6% خلال الربع الثاني من 2020 مقابل 7.7% خلال الربع الأول.

ومن جانبه، قال نعمان خالد، محلل اقتصادي ومساعد مدير في بنك استثمار أرقام كابيتال، لمصراوي، إن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة له عدة دلالات من أبرزها أن المركزي مطمئن لعدم خروج استثمارات الأجانب الحالية في أدوات الدين، وخاصة مع استمرار العائد المرتفع الذي توفره هذه الأدوات حتى بعد الخفض.

وأضاف خالد أن الإشارة الأخرى أن المركزي مطمئن أيضا بشأن عدم ارتفاع معدلات التضخم فوق مستويات 8 أو 9% خلال الشهور المقبلة وأيضا العام المقبل، وبالتالي ليس هناك مخاوف من خفض الفائدة في ظل هذه المستويات التي تقع ضمن مستهدفاته للتضخم في الربع الأخير من العام.

وأشار إلى أنه على مستوى التأثير على المودعين خاصة مع وقف شهادات الـ 15% فلن يكون كبيرا، فلا يزال هناك شهادات متاحة بسعر 12% أو أقل قليلا في البنوك وهو معدل إيجابي جدا مقارنة بمعدلات التضخم الحالية التي تصل إلى بين 3 و4%.

الرسالة الأخرى المتعلقة بخفض الفائدة هو بدء توفير بديل للعملاء من أجل الاقتراض بأسعار مناسبة عند إلغاء بعض المبادرات التي يطرحها البنك المركزي لتمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة بفائدة تصل إلى 8% متناقصة، خاصة إذا أعقب هذا الخفض خفض آخر من المركزي بنصف نقطة مئوية قبل نهاية العام الجاري.

وكان البنك المركزي، أعلن في ديسمبر الماضي، مبادرة بقيمة 100 مليار جنيه لتمويل قطاع الصناعة بفائدة مخفضة (10% متناقصة)، ثم ضم إليها قطاع الزراعة وخفض الفائدة عليها إلى 8% في مارس الماضي، ثم ضم قطاع المقاولات لها في وقت لاحق، ثم أعلن في وقت سابق بهذا الشهر مضاعفة المبلغ المخصص للمبادرة إلى 200 مليار جنيه.

كما طرح البنك المركزي عدة مبادرات أخرى لدعم عدد من القطاعات بنفس معدل الفائدة 8%، منها مبادرة لتمويل قطاع السياحة بقيمة 50 مليار جنيه، وأيضا مبادرة للتمويل العقاري لمتوسطي الدخل بقيمة 50 مليار جنيه، بالإضافة إلى استمرار مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة منذ بداية 2016 بفائدة 5%، وأيضا مبادرة التمويل العقاري لمحدودي الدخل.

ومن ناحيتها، ترى منى بدير، كبيرة المحللين ببنك استثمار برايم، أن هذه المبادرات تجعل الخفض الأخير لأسعار الفائدة محدود التأثير على نشاط الاقتراض من القطاع الخاص لأنها توفر التمويل بأسعار فائدة أقل من نظيرتها خارج المبادرات حتى بعد الخفض.

كما أن هذا الخفض يأتي في وقت تتسم فيه شهية الاقتراض لدى القطاع العائلي بأنها محدودة خاصة مع حالة عدم اليقين السائدة بشأن مستقبل الاقتصاد والوظائف والدخل تزامنا مع ارتفاع معدل البطالة، وبالتالي من المتوقع أن يكون تأثير هذا الخفض ضعيفا لتشجيع هذا القطاع على زيادة الاقتراض، بحسب ما قالت منى بدير لمصراوي.

ويرى نعمان خالد أن خفض المركزي الفائدة بهذه النسبة سيسهم في خفض التكلفة المرتفعة على أدوات الدين المحلية وهو ما يعود على الدولة وأيضا يحافظ في الوقت نفسه على جذب استثمارات الأجانب في هذه الأدوات، وهو ما يصنع حالة من الموازنة.

ولكن منى بدير أشارت إلى أن تأثير خفض الفائدة على العائد على أدوات الدين سيكون محدودا، خاصة أن الخفض السابق بنسبة 3% في مارس لم يكن له تأثير كبير على تراجع العائد على هذه الأدوات ليعود إلى مستوياته قبل هذا الخفض، حيث كان في حدود 14% قبل خفض مارس وأصبح حاليا بالقرب من مستوى 13.5%.

وقالت منى إن خفض الفائدة قد يستهدف إيصال رسالة أكثر منه تحقيق أهداف فعلية على مستوى الاقتصاد، حيث يريد المركزي بهذا الخفض طمأنة الأسواق على استئناف دورة التيسير النقدي، وأن المركزي لن يتأخر في دعم الاقتصاد، خاصة أن هذا الخفض يتزامن مع انخفاض معدلات التضخم حاليا، وذلك قبل أن تقع تحت بعض الضغوط خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وأضافت منى بدير أن هذه الضغوط تتضمن عوامل موسمية مع العودة للمدارس بالإضافة إلى تأثير سنة الأساس وبالتالي من المتوقع أن يصل متوسط معدل التضخم خلال الربع إلى 6.2%.

فيديو قد يعجبك: