من الجدران للأغاني.. كيف أصبح محمد رمضان مادة لدعاية الدروس الخصوصية؟

09:43 م الأربعاء 03 أغسطس 2022

أساليب المدرسين الخصوصيين في الدعاية لأنفسهم

كتبت- روان شريف:

على مدار سنوات طويلة، تطورت أساليب المدرسين الخصوصيين في الدعاية لأنفسهم، بدأت بحديث المعلم عن نفسه ومهاراته في تقديم المحتوى العلمي للطالب، ومرت بأشكال أخرى، كانت عادية ومقبولة، وأصبحت أكثر غرابة، لكنها وسائل تضمن لهم الحصول على 28.3% من حجم إنفاق الأسر المصرية على التعليم، الذي يلتهم 12.5% من إجمالي دخل الأسر في المدن، و9.2% في الريف، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

جدران الشوارع وحوائط الميادين

تطورت أساليب دعاية المدرسين، مع بداية القرن الـ21، بداية من استخدام بعضهم كتابة أسمائهم وأرقام هواتفهم على جدران في الشوارع وأحيانا المدارس، مرورا بطباعة أوراق صغيرة تحمل أرقامهم مصحوبة بعبارات تلفت انتباه الطلاب وتعلق بأذهانهم، كصاروخ الفيزياء، وأسطورة الكيمياء، وعميد الأدب العربي.

المطبوعات الورقية

كان حازم السنديوني، يكسب لقمة عيشه من عمله كخطاط. استعان به مدرسين في كتابة دعاية لهم على الحوائط والجدران، لكن مع مرور الوقت، بات عمل الرجل في مهب الريح، مع وجود الدعاية المرتبطة بالطباعة: "كان الأمر منتشرا في القرى، وأقل في المراكز وعواصم المحافظات، التي كانت تميل بشكل أكبر إلى المطبوعات الورقية".

كانت تلك المطبوعات التي لا تزال موجودة حتى الآن وإن قلت نسبتها، توزع في أماكن تجمع الطلاب، كالمدارس والأسواق وساحات صلاة الجمعة، وبحسب حازم فإن الطلب على الدعاية على الحوائط والجدران أصبح أقل:"وصل الأمر إلى طباعة اللوحات الكبيرة التي تحمل صورة المعلم واسمه ورقم هاتفه، بالإضافة إلى أماكن تواجده، ويتم تعليقها في مراكز الدروس الخصوصية، وأمام المدارس المختلفة".

السوشيال ميديا تلتهم الجميع

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الدعاية أقل تكلفة، وأيسر في الوصول إلى الكثيرين، وكما يروج البعض لسلعهم من خلالها، قام معلمون بالأمر نفسه، فيصنعون لأنفسهم دعاية عليها، كما تفعل بعض مراكز الدروس الخصوصية الأمر نفسه أيضا، مستغلين انتشار تلك المواقع وتوافرها في يد الغالبية العظمى من الطلاب وأولياء أمورهم.

تطور على طريقة "المرسيدس والبودي جارد"

أخذ المعلمون يتنافسون فيما بينهم بأساليب دعاية مختلفة، بإثارة الجدل أحيانا، على مواقع التواصل الاجتماعي، كان أبرزهم معلمة لمادة الأحياء نشرت مقطع فيديو يظهر فيه دخولها لأحد المسارح بمنطقة الجيزة برفقة عدد كبير من "البودي جارد"، لتقديم مراجعة ليلة الامتحان للطلاب، مشهد آخر لمعلم لمادة الفلسفة، يحجز مراكز شباب وقاعات أفراح مختلفة لإقامة مراجعة للطلاب، ودخوله إليها في موكب أسطوري، يستقل سيارات حديثة كالمرسيدس والـ BMW، وسط لافتات يحملها الطلاب مدون عليها عبارات الحب للمعلم ومعها صور له. كما نشر معلم آخر لمادة الفلسفة منذ أيام فيديو لدخوله إلى أحد مراكز الدروس الخصوصية وسط مجموعة من الـ "بودي جارد"، على أغنية الفنان محمد رمضان "على الله".

انجذاب للشكل لا المحتوى

وتجذب هذه الدعاية طلابا كثيرون، يلفت انتباهم أساليب دعاية واحتفالات ورحلات المدرس، قبل أن يلفت انتباهم مستواه العلمي أو تفوقه، وطريقته في شرح المواد المختلفة.

وعلّقت الدكتورة فاتن موسى، عميد كلية التربية بجامعة الزقازيق، على الأمر بقولها إن أساليب الدعاية الحديثة للمعلمين أصبحت العامل الأول والأساسي في جذب الطلاب وأولياء أمورهم، فالطلاب ينساقون وراء الجانب الترفيهي بشكل كبير، وأولياء الأمور ينجذبون لشهرة وشعبية المعلم.

تطوير ومحاسبة

واعتبرت عميد كلية التربية بجامعة الزقازيق، في تصريحاتها لمصراوي، أن التدريس أصبح مهنة من لا يملك مهنة "فلم يعد مقتصرا على الشهادة، بل هناك عديد من المعلمين لا يملكون المادة العلمية الكافية لكي يمارسوا المهنة ولا يملكون الشهادة، فالدعاية والإعلان والعروض المغرية للطلاب وأولياء أمورهم أصبحت هي هدف أغلب المدرسين وليس إمداد الطلاب بالمادة العلمية بشكل كافٍ وصحيح.

وفرّقت بين المعلمين التابعين لوزارة التربية والتعليم ممن يطورون أنفسهم، وممن لا يمليون للتجديد ومواكبة التطور التكنولوجي، الذي نشهده الآن، ولا يعمل بعضهم على استغلال عوامل الجذب لدى الطلاب، لذلك صار هناك دخلاء على المهنة ممن لا ينتمون للوزارة أو للتدريس، لممارسة المهنة بكل سهولة، فالتدريس يعد سلعة يجب الترويج لها كأي خدمة وسلعة أخرى.

وطالبت عميد كلية التربية بجامعة الزقازيق، بضرورة محاسبة من يعمل في تدريس المواد دون شهادة، مستنكرة أن يكون هناك عقاب لمن يمارسون الطب والهندسة وبعض المهن دون رخصة أو شهادة، ولا يحدث هذا مع التعليم. وترى أن الأمر سيحد من الظواهر المنتشرة والغريبة في الدروس، والحفاظ على سير العملية التعليمية بشكل آمن يفيد الطلاب بمختلف المراحل.

إعلان