إعلان

حوار– ''رسلان'' يكشف أسباب إصرار إثيوبيا على بناء سد النهضة (1)

07:38 م الثلاثاء 01 أكتوبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار – هبه محسن وهند بشندي:

ملف مياه النيل من الملفات الشائكة التي تتطلب معرفة شاملة لأبعاد الأزمة الفنية والسياسية لكي تستطيع الدولة المصرية التعامل معها وإيجاد حلول جذرية لها.

الأبعاد الفنية والتقنية للأزمة تحدث عنها خبراء المياه المتخصصين في هذا الشأن، أما الأبعاد السياسية للأزمة فيحدثنا عنها رئيس وحدة السودان ودول حوض النيل لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هاني رسلان.

والذي أكد في الجزء الأول من حواره مع ''مصراوي'' أن اثيوبيا تستخدم سد النهضة كأداة لتحقيق أحلامها في السيطرة على منطقة القرن الإفريقي على حساب مصر، وتحدث أيضاً عن الأضرار التي ستلحق بمصر بسبب السد.. وإلى نص الحوار:

في البداية، لماذا تتمسك اثيوبيا ببناء سد النهضة؟

اثيوبيا لديها خطة لإقامة شبكة من السدود من أجل توليد الطاقة الكهربائية التي يأمل الاثيوبيين أن تكون ن رافعة للتنمية في بلادهم خاصة وأنها مصنفة في الوقت الحالي من أفقر دول العالم.

النظام الذي أسسه ملس زيناوي، الرئيس الاثيوبي، يسعى إلى إحداث تنمية اقتصادية من خلال إقامة السدود ومن ثم توليد الطاقة الكهربائية، كما أنه يسعى لتوحيد الجبهة الداخلية الاثيوبية –متعددة القبائل والعرقيات- على مشروع تنموي ضخم ثير ردود أفعال خارجية متعددة وهذا المشروع هو ''سد النهضة''

هل لدى إثيوبيا أهداف إقليمية من بناء هذا السد؟

بالطبع، فاثيوبيا تسعى للسيطرة والهيمنة على منطقة القرن الإفريقي لا سيما مصر من خلال هذا السد الذي وُضعت خطة إنشائه من قبل مكتب الاستصلاح الأمريكي في النصف الأول من الستينات كرد فعل على قيام مصر ببناء السد العالي دون تمويل من البنك الدولى، ووفقاً للخطة الأمريكية كان مفترضاً أن يقام في المنطقة التي سيقام عليها ''سد النهضة'' سد سعته التخزينية محدودة بحيث يصل في أقصى تقدير إلى 14 مليار متر مكعب وهو رقم كبير بالنسبة لتدفقات النيل الأزرق التي تصل سنوياً إلى حوالي 50 مليار متر مكعب، ولكن نظام ''زيناوي'' رفع السعة التخزينية للسد عدة مرات لتصل في النهاية إلى 74 مليار متر مكعب مع احتفاظه بنفس موقع البناء.

ليس هذا فحسب، فاثيوبيا لديها تخطيط لبناء ثلاثة سدود أخرى لتوليد الطاقة والتخفيف من الكميات الرسوبية –الإطماء- لإطالة عمر سد النهضة، ومن المقرر أن تبلغ السعة الإجمالية للأربعة سدود 200 مليار متر مكعب، وفي حال إنجاز هذا المخطط ستصبح اثيوبيا متحكمة بشكل كامل في تدفقات النيل الأزرق طبقاً لمصلحتها وسياسات تشغيل التوربينات المولدة للكهرباء، وستقع مصر والسودان تحت رحمتها.

لماذا تسعى إثيوبيا للسيطرة على مصر بهذه الطريقة؟

مشروع السدود الاثيوبية يحقق الحلم الاثيوبي القديم وهو التحكم في مجري نهر النيل المتدفق نحو مصر حتى تمتلك أوراق ضغط وقوة ضد مصر، وهذا كله لأن اثيوبيا وخاصة الأقلية -الأمهرية الحاكمة- كان لديها إحساس بالتفوق وأنها دولة عريقة ولديهم مجموعة من الأساطير تشير إلى أنهم حماه المسيحية في إفريقيا وأن نسبهم يمتد إلى سلاسة بلقيس وسيدنا سليمان.

والاثيوبيين يشعرون بحصار دائم ويريدون أن يكون لديهم منفذ بحري ليتيح حرية الحركة لكن مصر دائما ما كانت تحول بينهم وبين تحقيق هذا الهدف حيث ساعدت الصومال وارتريا على الاستقلال عن إثيوبيا مما حجبها عن البحر لتصبح دولة حبيسة.

كما أن اثيوبيا تري أن مصر لديها مكانة محورية وتؤثر في توجهات المنطقة ككل ومهمة بالنسبة للتوازنات الإقليمية والدولية، وبالتالي فهي تسحب كل الأدوار التي تطمح لها اثيوبيا التي تستخدم ورقة مياه النيل لتعزز مكانتها على حساب المكانة المصرية.

ما هي أخر التطورات فيما يتعلق بعملية بناء السد؟

النسب التي يتم الإعلان عنها بشأن إكتمال بناء السد وصلت من 18 بالمئة إلى 20 بالمئة وأخيرًا 24 بالمئة هي نسب غير دالة لأن ما يتم ليس جزء من البناء الرئيسي للسد وإنما تجهيز الموقع وترتيبات البدء بالعمل، فالجسم الرئيسي للسد أمامه مراحل طويلة خاصة أن الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع امكانيتها ليست على مستوى القيام بإنشاء سد بهذا الحجم فهو من أكبر السدود في افريقيا والعالم، كما ان هناك أخطاء هيكلية كبيرة في التصميم مما يزيد من مخاوف احتمالات انهيار السد.

وماذا عن التمويل؟

اثيوبيا أعلنت أنها ستقوم بتمويل السد من مواردها الذاتية وهو أمر غير قابل للتحقق لأن التكلفة الأولية للبناء بلغت حوالي 5 مليار دولار قابلة للزيادة، وعندما قامت بحملة اكتتاب داخلي إجباري -كانت أحد الوسائل للتعئبة السياسية والاجتماعية وأحد الأدوات لتحويل المشروع لمشروع قومي- استطاعت جمع 200 مليون دولار فقط، ويقال أن هناك مليون دولار تبرعت بها أحد الكائنات الانفصالية في الصومال.

ولكن في الحقيقة، السد يتم تمويله عبر المساعدات الغربية بطريقة غير معلنة، فالدول الغربية لا تستطيع أن تمول هذا السد بشكل علني ومباشر لأنه مخالف لقواعد القانون الدولي بسبب عدم استخدام مبدأ الإخطار المسبق، وبالتالي تستخدم اثيوبيا المساعدات والمنح التي ترد إليها والتي تبلغ حوالي 2.2 مليار دولار سنوياً في بناء السد، وتتغاضي الدول المانحة عن هذا الأمر لأنه يحقق مصالحها السياسية.

ما هي الأضرار التي ستقع على مصر جراء بناء السد؟

عند إنشاء سد بسعة 74 مليار متر مكعب في حين أن تدفقات النهر 50 مليار قطعاً سيكون هناك ضرر كبير للدول الواقعة أسفل النهر وهي ''سودان – مصر''، فهذا السد سينتقص من حصة مصر -التي تقدر بـ55 مليار متر مكعب- حوالي 12 مليار متر مكعب، مع العلم أن مصر لديها عجز في المياه حيث أن استخداماتها السنوية تقدر بنحو 70 مليار متر مكعب وهذا الفرق يتم تعويضه من المياه الجوفية وإعادة استخدام المياه وجزء ضئيل من الأمطار، وبالتالي فإن حصة مصر من مياه النيل تجعلها في حيز الفقر المائي وعند خصم 12 مليار متر مكعب من هذه الحصة سيكون الضرر بالغ.

ويزيد الضرر إذا صادفت فترة ملئ خزان سد النهضة الفترة التي يكون بها الفيضان شحيح فحينها ستكون الآثار على مصر كارثية ستضطر لسحب كمية ضخمة من السد العالي للتعويض وفي الدورة القادمة عندما يأتي فيضان شحيح لن تجد ما تسحبه من الاحتياطي في خزان السد العالي، مما يؤثر على ملايين المزارعين في مصر ويخلق عدم استقرار اجتماعي وسياسي واقتصادي، وهو الهدف من بناء هذا السد أن تستمر مصر في دورة المشاكل الداخلية.

وماذا عن الموقف السوداني؟

السودان هو الطرف الأكثر تضررًا، ولكن استفادته من بناء سد النهضة وقتي حيث سيمنع السد عنه مشاكل الفيضان وسيصبح لديه ري دائم وانتظام في التدفقات مما يساعد في تقليل الإطماء في سدود السودان مما يولد طاقة كهربائية بشكل أكبر، ولكنه رغم هذه الاستفادة الوقتية إلا أنه سيظل معرضاً للغرق في حال انهار السد.

ولذلك نرى موقف السودان لا يمانع في بناء السد ولكنه يركز على ضمانات سلامة البناء، ولكن السودانيين لا يدركون أن إثيوبيا إذا تحكمت في تدفقات المياه قد تمنعها عن السودان في فترات الجفاف، كما أن لإثيوبيا عداوات كثيرة مع السودان وهي تسعى بشكل واضح إلى تقسيم ما تبقى منها إلى دول صغيرة تحقق لها هدفها في السيطرة والهيمنة على المنطقة الإفريقية، والنظام الحالي في السودان لا يهتم بهذا كثيرًا لأنه يبحث عن تحالفات وقتية تبقيه في الحكم لأطول فترة.

كيف ترى دور جنوب السودان في أزمة مياه النيل؟

اي منشئات مائية على ضفاف النيل في جنوب السودان تأثيرها على مصر ضعيف لا يتجاوز 10 بالمئة، ولكن لجنوب السودان أهمية استراتيجية بالنسبة لمصر فهي الموطن الذي من الممكن أن تنشئ فيه مشروعات لاستقطاب الفواقد في المياه التي تقدر بحوالي 50 مليار متر مكعب، فمن الممكن عمل مشروعات مائية مشتركة بين مصر وجنوب السودان لتوفير ما بين 22 إلى 30 مليار متر مكعب، ومصر الآن تحاول إقناع جنوب السودان بأهمية هذه المشروعات بعدما أعلنت أنها ستنضم لاتفاقية عنتيبي.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج