إعلان

الانتهاكات التركية للعراق.. هل تقود إلى تحالفات جديدة؟

01:34 ص الجمعة 14 أغسطس 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)
بعد مرور أيام على القصف التركي داخل الأراضي العراقية والذي تسبب بمقتل ضابطين، كيف سيكون رد بغداد على الانتهاكات التركية؟ وهل يقود هذا الانتهاك الجديد للعراق حكومة بغداد إلى تحالفات سياسية جديدة في المنطقة بعيدا عن طهران؟

يبدو أن مستقبل العلاقات بين تركيا والعراق لن يكون أقل توتراً مما هو عليه خصوصاً في ظل التصعيد بين الجانبين التركي والعراقي خلفية القصف التركي الأخير بطائرة مسيرة، والذي استهدف حرس الحدود العراقية مما تسبب بمقتل ضابطين وجنديّ من الجيش العراقي في منطقة سيد كان شمالي البلاد في إطار عملية "مخلب النمر" العسكرية المستمرة منذ أسابيع.

ونظراً لهذا "الاعتداء السافر" كما تم وصفه من الجانب العراقي، ألغت وزارة الخارجية العراقية زيارة لوزير الدفاع التركي إلى البلاد كانت مقررة الخميس (13. أغسطس)، بالإضافة إلى إلغاء جميع الزيارات المبرمجة للمسؤولين الأتراك في الوقت الحاليّ، رداً على القصف واستدعت السفير التركي فاتح يلدز للتنديد بما يقوم به جيش بلاده، حيث سلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، ترفض فيها "الاعتداءات والانتهاكات المستمرة للأراضي العراقية، مطالبة الجانب التركي بتوضيح ملابسات هذا الاعتداء ومحاسبة المعتدين". كما ذكر بيان الوزارة أن هذه الأعمال تخالف "مبدأحُسنالجوارالذيينبغي أن يكون سبباً في الحرص علىالقيامبالعملالتشاركيّ الأمنيّ خدمة للجانبين"، وأن تكرار مثل هذه الاعتداءات وعدم وقف الخروقات وسحب القوات التركية المتوغلة داخل الحدود العراقية،يدعو لإعادة النظر في حجم التعاون بين البلدين على مُختلِف المستويات مما يؤثر على العلاقات التاريخية بين العراق وتركيا.

إذ يشن الجيش التركي غارات وعمليات أمنية تستهدف مواقع حزب العمال الكردستاني جنوب شرقي البلاد وشمالي العراق منذ يوليو من عام2015، عندما استأنف الحزب تمرده وهجماته ضد عناصر الأمن والجيش التركيين. وتجدر الإشارة أن الحزب تم تصنيفه كمنظمة إرهابية في كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
أول زيارة خارجية لمصطفى الكاظمي تقوده إلى إيران
من جهتها، تؤكد انقرة على حقها في التصدي لحزب العمال الكردستاني الذي "يهدد أمن العراق أيضاً"، كما تشدد على مسؤولية العراق باتخاذ اجراءات ضد المسلحين، وأنها ستدافع عن حدودها إذا سمح بوجود تلك الجماعة الكردية، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية التركية.

من جهتها، تؤكد انقرة على حقها في التصدي لحزب العمال الكردستاني الذي "يهدد أمن العراق أيضاً"، كما تشدد على مسؤولية العراق باتخاذ اجراءات ضد المسلحين، وأنها ستدافع عن حدودها إذا سمح بوجود تلك الجماعة الكردية، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية التركية.

ما الذي تفعله تركيا في العراق؟

تنقل تركيا صراعها المستمر منذ عقود مع المسلحين الأكراد إلى حدود أبعد في عمق الأراضي العراقية في الشمال،وتقيم قواعد عسكرية وتنشر طائرات مسيرة مدججة بالسلاح ضد المقاتلين المتحصنين بمعاقلهم في الجبال.

والسبب في ذلك أن القوات التركية موجودة أصلاً في العراق منذ فترة طويلة. إذ تعتمد تركيا في تدخلها العسكري بالعراق على اتفاقية قديمة مع نظام صدام تعود إلى 1995 وإلى اتفاقية مماثلة مع حكومة برزاني عام 1997 لشن عمليات عسكرية على مقاتلي حزب العمال الكردستاني. أبرم نظام الرئيس السابق صدام حسين الاتفاقية مع تركيا عام 1995 للسماح للقوات التركية بالتواجد في قواعد بشمال العراق لمطاردة حزب العمال الكردستاني الانفصالي.

وتملك تركيا قاعدة عسكرية كبيرة في بامرني (45 كلم شمال دهوك) في محافظة دهوك بإقليم كردستان منذ 1997 وتحديداً في موقع مدرج قديم كان يستخدمه الرئيس السابق صدام حسين لزيارة قصوره في مناطق سياحية قريبة. وتملك تركيا أيضاً ثلاث قواعد أخرى صغيرة في غيري لوك (40 كلم شمال العمادية) وكانيماسي (115 شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية. وهذه القواعد ثابتة وينتشر فيها جنود أتراك على مدار السنة.

ومن جانبها تؤكد السلطات الكردية في إقليم كردستان العراق أنها سمحت بإقامة هذه القواعد بحسب اتفاقية بينها وبين الحكومة التركية نصت على أن تكون تحركات الجنود الأتراك بعلمها. الأمر الذي يثير التساؤلات حول الخيارات الموجودة أمام بغداد للتعامل مع الاختراقات التركية.

يرى الصحفي شيار خليل، مدير تحرير جريدة ليفانت، أن بغداد ستحاول في ردها على الاعتداء الأخير الذي تسبب بمقتل "ضباط أكراد في الجيش العراقي ببغداد، كانوا بزيارة لجبال قنديل"، اللجوء إلى الحوار والدبلوماسية والعمل السياسي، كما أشار إلى "إمكانية نشر حرس الإقليم بالتعاون مع الحرس الوطني العراقي في المناطق التي تستهدفها تركيا لوقف تلك المحاولات." وقال الصحفي خليل لـDW إن رد العراق على معاملة تركيا بالمثل في موضوع الفيزا العراقية، كان جزءاً من الردود المتتالية على سياسات تركيا في العراق وانتهاكاتها المستمرة، "حيث يقوم العراق بالتنسيق مع الإقليم لإيجاد حلول دبلوماسية لوقف تلك الهجمات، إلا أن تلك الحلول يمكن أن تتحول إلى عسكرية في أي وقت، وخاصة التصريحات المتتالية من الجيش العراقي أنه لن يقف مكتوف الأيدي مقابل تلك الانتهاكات".

هل يلتحق العراق بالمحور السعودي- الإماراتي؟

على ضوء هذه التطورات الخطيرة في الموقف الأمني مع الجارة تركيا، أجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عدة اتصالات مع نظرائه العرب ضن إطار "إحاطة الأشقاء العرب بتفاصيل هذا الاعتداء" وأهمية تضافر الجهود العربية إزاء هذه التطورات للخروج بموقف موحد من شأنه أن يضع حداً للانتهاكات التركية في الأراضي العراقية. بحسب ما أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، الذي ذكر أن الوزير العراقي قد اتصل بكل من "أمين عام جامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط، كما اتصلبنظرائه، وهم سامح شكري وزير الخارجيّة المصريّ، وأيمن الصفدي وزير الخارجيّةالأردنيّ، والأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجيّةالسعوديّ، ووزير الخارجيّةالكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح". موضحاً دعمهم للجانب العراقي ورفضهم للاختراقات التركية والمساس باستقرار البلاد. وبهذا الخصوص تلوح العديد من الأسئلة في الأفق حول إمكانية التحاق العراق بالمحور السعودي-الإماراتي بعد أن كانت بعيدة عن سياسة المحاور في المنطقة.

وفيما يتعلق بهذا الشأن قال الصحفي المقيم في باريس شيار خليل لـDW إن التقارب السعودي العراقي في الفترة الأخيرة وزيارة الكاظمي للرياض قد يكون دليلاً على فتح العلاقات مع المحور الجديد، "حيث يتم الحديث عن افتتاح منفذ "عرعر" الحدودي بين البلدين وفتح الباب أمام الاستثمارات الاقتصادية وتوفير الطاقة للعراق..". وأضاف أن التحولات الأخيرة في العراق قادت بشكل أو بآخر إلى إضعاف النفوذ الإيراني هناك وخاصة بعد اغتيال سليماني، حيث تسعى واشنطن للقضاء على الميليشيات الإيرانية في العراق، وبالتالي إضعاف نفوذ طهران، وسحب بغداد نحو المحور السعودي- الإماراتي، و"لكن ليس بتلك الطرق المباشرة، أي ليس بتدخل خليجي مباشر في سياسات بغداد".

وفيما يتعلق بالموقف الإيراني حول التحول العراقي المحتمل، يرى خليل أن الميليشيات الإيرانية في العراق مشتتة، مشيراً إلى وجود تركيز أمريكي على صناعة سياسيين موالين لسياساتها مقابل الأحزاب الموالية لإيران، "واغتيال سليماني كان له دور كبير في ذلك التشتت". كما أوضح أن التبادلات والتدخلات الاقتصادية الإيرانية في العراق قد تراجعت بعد اغتيال سليماني، " إذ يسعى الكاظمي إلى الحد من التدخل الإيراني في البلاد، مما دفع بعض السياسيين الإيرانيين لانتقاده في عدة مناسبات".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: