إعلان

في محطة "مبارك سابقًا".. الحياة بتمر والهموم باقية (معايشة)

05:21 م الأربعاء 26 فبراير 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت وتصوير-إشراق أحمد:

بينما تجري الاستعدادات منذ الصباح الباكر، لتشييع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لمثواه الأخير، ويحرص عدد من المواطنين على التواجد في مسجد المشير طنطاوي، كان اليوم طبيعيًا خارج زمام الحدث، حتى الأماكن التي ارتبط ذكرها لسنوات باسم "مبارك"، بات فيها كأنه "محطة" يتوقف عندها المارة لبعض الوقت ثم يمضوا.

داخل مترو الأنفاق وفي الطريق إلى محطة الشهداء، التي حملت اسم مبارك حتى عام ٢٠١١، وافتتحت في عهده حال خطوط المترو الثلاث. كان يومًا عاديًا، سيدة تتحدث بالهاتف إلى صديقة تشكو من أزمة تمر بها، أخرى تضيع الوقت باللعب على الهاتف، أو القراءة والكثير صامتين حتى الوصول لوجهتهم، ولا يكسر الحالة كالمعتاد إلا أصوات الباعة المارين بين الركاب.

لا سيرة لمبارك هنا. منذ نحو العاشرة حتى مراسم التشييع، تتوافد القطارات على محطة الشهداء دون تأخير، يركب العشرات وينزل غيرهم، فيما تواجد عدد من رجال الأمن على الرصيف لمتابعة مجريات الأمور، لكنهم تراجعوا مع الظهيرة، وخلت الأرصفة إلا من الركاب، ومغادرة موظفين المترو حال حياة محمد، التي انهت عملها كإدارية في الخط الثالث لتعود إلى منزلها مستقلة المترو من محطة الشهداء. "قريت الخبر وقلت ربنا يرحمه وانتهي الأمر" تقول حياة.

علمت السيدة العشرينية بنبأ وفاة الرئيس الأسبق عبر الإنترنت، فيما استقبلت بعض تساؤلات معارفها عما إذا كان ثمة شيء مختلف يعرقل خط سيرهم بالمترو في هذا اليوم لكنها أخبرتهم أن "الدنيا عادية زي كل يوم".

كذلك تلقت سمر إبراهيم تنبيه من أسرتها، يثنيها عن العودة من المنصورة إلى القاهرة اليوم "لأن مبارك مات" كما أخبروها، لكن السيدة الأربعينية لم تتراجع "قلت مفيش حاجة هتحصل خلاص الله يرحمه". لم يشغل الخبر حياة كثيرًا رغم تأثرها برحيله كما فعلت وقت تنحيه حسبما تقول، وهكذا ترى حالها مثل الكثير، فطيلة الطريق لم تسمع السيدة اسم مبارك في حديث بين الركاب الذين رافقتهم لساعات.

"سنين كتير مرت. الحياة بتمر مش بتقف على حد" تقول سمر، بينما توضح أن انشغالها لتوفير مصاريفها اليومية، يجعلها لا تتوقف كثيرًا أمام أي خبر مهما عظم شأنه.

دفعة جديدة من الركاب تصل إلى وجهتها، بينما تستند سمر إلى الحائط ممسكة هاتفها وتقول "الواحد لولا بيشتغل كان زمانه بيشحت. بتنقل من بيت لبيت عشان الإيجار ومعاش والدي بالعافية ألف جنيه". السيدة الأرمل التي تُظهر هيئتها المهتمة بها شيئًا من الاستقرار المادي، لا تنشغل سوى بعملها في مصنع الملابس الجاهزة، لتدبير نفقات أصغر أبنائها، بعدما زوجت شقيقتيه.

وفيما تصل الطائرة التي تحمل جثمان مبارك إلى مسجد المشير طنطاوي، كان محمود شعبان يقف على رصيف محطة الشهداء، يقلب في حقائب بلاستيكية في حوزته، قدم بها من الأقصر لتوه، بعد ساعات سفر منذ الأمس.

عام ١٩٨٢ قال مبارك في حوار له مع جريدة الأخبار "الناس اللي تحت عاوزين حد يديهم أكل وبيت ويسكنوا".

وفي طريقه إلى القاهرة علم شعبان، الخمسيني العمر، بخبر وفاة الرئيس الأسبق، لكنه لم يعقب كثيرًا غير بالترحم، كما كانت الحالة الغالبة على من رافقهم بالقطار "الناس الشغيلة بتقضي يومها ملهاش تتكلم في السياسية".

في العلن غاب مبارك، غير أن سارة مجدي حملت نعيا على هاتفها المحمول، كتبه شقيقها الذي أعلمها بخبر وفاة الرئيس الأسبق "في البيت حزنا جدًا زي ما يكون حد من العيلة".

كانت سمر في أولى ثانوي وقت تنحي مبارك بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، فيما تعمل صاحبة الخمسة والعشرين ربيعًا اليوم محامية. في وجهتها للعمل شعرت سمر بتغيير "كنت حاسة بشدة في التأمين لكن ده طبيعي لو ده محصلش لمبارك هيحصل لمين". ترى الشابة أن الرئيس الأسبق يستحق الحزن عليه "عمل إنجازات كفاية كان في أمان واستقرارمكناش بنسمع عن داعش والكلام ده".

لم يختلف المشهد في محطة أنور السادات أو "التحرير". هذا المكان الذي أغلق لسنوات بعد ثورة يناير، وأعيد فتحه بشكل رسمي عام ٢٠١٦.

يدخل أحد القطارات المحطة، تغادر منال الطويل، تنتظر على الرصيف لإجراء عدد من المكالمات، شأن الكثير علمت بنبأ الوفاة لكن لم تلتفت لمزيد من التفاصيل، إلا أنها تذكرت "لما كنا بننزل التحرير وقت يناير كنا عايزين الحياة تبقى أفضل. لا كنت مع دول ولا دول. يمكن وقت مبارك مكنش أفضل حاجة لكن اللي وصلنا ليه مش اللي كنا عاوزينه".

وفيما تنشغل منال بإجراء مزيد من الاتصالات للوصول إلى حل مع الإدارة التعليمية والوزارة في تقديم ابنها -بالصف الأول الثانوي- لمنحة المدرسة البريطانية، كان أحمد ومريم في طريق عودتهما من الجامعة، تبتسم الفتاة بينما تقول إن حالة الطقس كانت ما شغل حديث زملائها بعيدًا عن الدراسة، فيما يرى أحمد أن "أغلب الكلام عن مبارك كان على فيسبوك. وغالبًا الناس بتركب التريند.. لكن في الشارع والمواصلات والناس العادية محدش بيفتح كلام. كل واحد فيه اللي مكفيه".

فيديو قد يعجبك: