إعلان

"هآرتس": هل تؤدي العقوبات الأمريكية على إيران لإخراج قواتها من سوريا؟

08:04 م الجمعة 23 نوفمبر 2018

حسن روحاني وبشار الأسد

كتب - هشام عبدالخالق:
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الجمعة، تحليلًا لمراسلها العسكري تسيفي بارئيل حول خروج القوات الإيرانية من سوريا.

ويقول بارئيل في بداية تحليله: "في الوقت الذي يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي صعوبة في لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي ما لا يقل عن ثلاث مرات هذا الشهر، وكانت المرة الأخيرة يوم الإثنين الماضي عندما افتتح الاثنان قسم تحت الماء لأنبوب غاز يربط بين روسيا وتركيا يزيد من استيراد تركيا للغاز الروسي بأكثر من 50%".

التعاون بين تركيا وروسيا لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بحسب بارئيل، بل يمتد ليشمل جوانب أخرى مثل محاولة إيجاد حل للأزمة في سوريا، وكيفية إدارة المناطق الآمنة في البلاد التي مزقتها الحرب، جنبًا إلى جنب مع إيران، كما أنهما يعارضان بشدة موقف الولايات المتحدة من مستقبل سوريا، والانسحاب الأمريكي من الصفقة النووية مع إيران، وكذلك التواجد الإيراني في سوريا.

ويضيف الكاتب، أن روسيا كشفت عن موقفها رسميًا الشهر الماضي، عندما أعلن وزير خارجيتها سيرجي لافروف أن القوات الأجنبية المتواجدة في سوريا والتي لم يدعوها الرئيس بشار الأسد يجب أن تنسحب فورًا بمجرد إعلان الانتصار على تنظيم داعش، وفي هذه الحالة فأن روسيا وإيران "تم دعوتهما" للمشاركة في الحرب، ولكن تركيا والولايات المتحدة ليستا كذلك، ولكن في الوقت الذي تطالب فيه روسيا برحيل القوات الأمريكية، فإنها تُظهر مرونة كبيرة في الوجود التركي، على الرغم من حقيقة أن القوات التركية احتلت جزءًا من الجيب الكردي في غرب سوريا، مما أدى إلى تمزيق جزء من البلاد.

الولايات المتحدة ليس لديها استراتيجية بديلة لحل الحرب في سوريا أو التعامل مع الوجود الإيراني هناك، وبحسب المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا، جيمس جيفري، فإن الولايات المتحدة "تتفهم المصالح الروسية في سوريا"، والتي تشمل القواعد العسكرية والحكومة الصديقة في دمشق، ولكن بالنسبة لتواجد القوات الإيرانية، فإن القضية أكثر تعقيدًا، بحسب الكاتب.

وفي أبريل، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه يطمح إلى إعادة القوات المتواجدة في سوريا إلى الولايات المتحدة بعد الانتصار على تنظيم داعش، ولم يطالب بإزاحة الأسد عن السلطة، ولكنه أصر على ضرورة مغادرة القوات الإيرانية سوريا، ولكن السياسة الأمريكية تغيرت منذ ذلك الوقت، ففي سبتمبر قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، إن "القوات الأمريكية لن تغادر طالما ظلت القوات الإيرانية خارج حدودها، وهذا يشمل القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها ووكلائهم".

ويقول الكاتب، إنه إذا كانت الإدارة الأمريكية استخدمت -حتى شهر أبريل- الحرب على الإرهاب كذريعة أساسية لإضفاء الشرعية على التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، فإن الإدارة أصبحت تتحدث الآن عن الحاجة إلى الاستقرار، والحل السلمي ورحيل القوات الإيرانية كشرط مسبق لسحب القوات الأمريكية، وليس من الواضح ما إذا كان الكونجرس سيقبل تحليل ترامب بأن الاستقرار في سوريا جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب، لكن في الوقت نفسه، حصل الرئيس على دعم سياسي كاف لمواصلة التدخل العسكري هناك.

وتساءل الكاتب: "هل من الممكن أن تصطدم القوات الأمريكية بنظيرتها الإيرانية لإخراجها من سوريا؟"، المبعوث الأمريكي جيفري قال إن إخراج القوات الإيرانية من سوريا سيكون عن طريق الوسائل الدبلوماسية والضغط عليها، في الوقت الذي صرح فيه نتنياهو هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة بمفردها غير قادرة على إجبارهم على مغادرة سوريا.

ويضيف الكاتب، أنه في ضوء الضغط الروسي على إسرائيل وإيقاف التعاون العسكري بين الدولتين، من غير المرجح أن تستطيع إسرائيل اتخاذ حلًا عسكريًا لتسريع خروج القوات الإيرانية، وتأمل الإدارة الأمريكية أن تؤدي العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران لخفض النفقات العسكرية وسحب بعض قواتها من سوريا، ولكن يبدو أن إيران لديها هدف استراتيجي أوحد يتمثل في التزامها بوجود قواتها على الأراضي السورية، وكذلك تأثيرها المتزايد في لبنان عن طريق حزب الله.

وأشار الكاتب إلى أنه توجد طريقة أخرى للضغط على القوات الإيرانية للخروج من سوريا، وهي الكرملين، والذي بإمكانه مطالبة الأسد بعكس دعوته لإيران، ولكن يبدو أن الكرملين ليس في عجلة من أمره للضغط على إيران لأن روسيا تراها كورقة مساومة ضد الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنه ليس من المؤكد أن إيران ستستجيب لمثل هذا الطلب.

وتحاول القيادة الإيرانية إيجاد طرق ملتوية للالتفاف حول العقوبات، ومع الخلافات الداخلية قلّ اهتمامها بالقضية السورية، ولم يتم الوفاء بوعود الاتحاد الأوروبي بتشكيل آلية مالية لتجاوز العقوبات الأمريكية، ويقول الكاتب، إن الخطة الإيرانية هي الاعتماد على المقايضات التي لا تتطلب استخدام الدولارات الأمريكية وكذلك الصفقات التي يتم دفعها باليورو أو حسابها بالعملة الإيرانية.

ويرى الكاتب أن الطريق الوحيد أمام إيران للالتفاف حول العقوبات الأمريكية سيمر بالتأكيد عبر الصين وروسيا، وكذلك ثمان دول أخرى من بينها تركيا، تم إعفائها من العقوبات الأمريكية لمدة ستة أشهر، ومن المتوقع أن تجد هذه الدول مصادر بديلة للحصول على النفط، ومن المفترض أن تزيد السعودية من إنتاج النفط الخاص بها لتعويض النقص الناتج عن فرض العقوبات على النفط الإيراني.

ويزيد الاعتماد الإيراني على النفط القادم من روسيا والصين من اعتماد طهران عليهما في القضايا الاستراتيجية، وخاصة إذا ما قررت روسيا مطالبة إيران بالتنازل عن وجودها في سوريا.

ويقول الكاتب إن كبار المسؤولين الإيرانيين، مثل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، يصران على أن إيران قادرة على التغلب على العقوبات وأن الإدارة مستعدة بالفعل للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة. لكن حتى الآن، لم يتم وضع خطة تعكس استراتيجية جادة.

وأشار الكاتب إلى المواجهات التي حدثت بين حكومة روحاني والمحافظين في البرلمان، وهذا الأسبوع، قدّم أحد أعضاء البرلمان المحافظين عريضة تطالب بإقالة وزير الشؤون الخارجية جواد ظريف، ويمكن -وفقًا للقانون الإيراني- البدء في عملية إقالة الوزير إذا ما تم جمع توقيعات 10 أعضاء في البرلمان، وظريف متهم بالإساءة إلى مؤسسات الدولة بإعلانه أن "أولئك الذين يجنون مليارات الدولارات من غسيل الأموال يستثمرون الملايين لمنع تمرير قوانين الشفافية التي يطالب بها الرئيس روحاني".

ويقول الكاتب، إنه على الرغم من أن ظريف لم يذكر أسماء تلك المؤسسات أو الأفراد، إلا أنه افتراضيًا كان يشير بشكل رئيسي إلى الحرس الثوري ومؤسسات الرعاية الاجتماعية التي لا تخضع ميزانياتها لإشراف الحكومة، وهذا الاتهام المباشر ليس جديد، حيث أثار روحاني نفسه غضب قادة الحرس الثوري بالتحدث ضد سيطرتهم على خزائن الدولة والمشاريع المهمة، وقال: إن "هذا يمنع المنافسة الحرة والمزايدات العادلة، مما قد يقلل من نفقات الدولة".

من المرجح بحسب الكاتب، أنه لن يتم توجيه تهم إلى ظريف، لكونه رئيس فريق التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، لكن من الواضح أن قيادة المحافظين تخطط لإلقاء اللوم على روحاني وحكومته في الأزمة الاقتصادية التي صنعتها العقوبات الأمريكية، وعلى النقيض من ذلك، لا تزال الحكومة تحظى بدعم خامنئي، لأن عزل روحاني أو إقالة حكومته قد يتم رؤيتهما على أنهما نابعان من الضعف بسبب الضغط الأمريكي، ومن الممكن اعتبار مثل هذه التحركات بمثابة ذعر في النظام وإثبات أن العقوبات تهدد استقراره.

ويضيف الكاتب، أن ضرورة إظهار القدرة على التحمل في مواجهة العقوبات والضغوط الدبلوماسية، تجعل الأمر أكثر أهمية بالنسبة لإيران أن تحافظ على وضعها في سوريا واليمن، حتى لو كان هذا يُفقِر الدولة، ولتحرير نفسها من هذه القيود، تأمل إيران أن تتمكن روسيا من تسريع عملية السلام في سوريا، لأن هذا من شأنه تمكين إيران من سحب قواتها منها.

فيديو قد يعجبك: