إعلان

في ذكرى وفاة هدى شعراوي: لم تخلع الحجاب ورفضت مساواة الرجل بالمرأة في الميراث

05:16 م الأحد 12 ديسمبر 2021

هدى شعراوي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

"كنت في التاسعة من عمري عندما ختمت القرآن الشريف.. فظن من حولي أنني ملكت ناصية اللغة العربية والديانة، ولكني في الحقيقة لم أكن استطيع قراءة شيء غير القرآن، ولا أعرف من علوم الديانة إلا كيفية الوضوء والصلاة والصوم.." هكذا تروي هدى شعراوي بداية قصتها مع القرآن الكريم والعلوم الدينية في مذكراتها، فعلى الرغم من أنها لم تخلع الحجاب مطلقًا، إلا أن اسمها ارتبط بشكل أو بآخر بموجات خلع الحجاب والتحرر من الدين.

ولدت نور الهدى محمد سلطان الشعراوي المعروفة بـ "هدى شعراوي" في صعيد مصر بمحافظة المنيا في الثالث والعشرين من يونيو عام 1879م، وتوفيت في الثاني عشر من ديسمبر عام 1947م، وهي من الجيل المؤسس للحركة النسوية في مصر، إلا أنها على عكس ما أشيع عنها لم تخالف تعاليم الإسلام في نشاطها ولم تدع إلى ترك الحجاب أوغيره من الامور المخالفة للشريعة، بل على العكس من ذلك، دافعت بشدة عن الإلتزام بالشريعة الإسلامية والقوانين المصرية، فلم تخلع هدى شعراوي الحجاب وإنما خلعت "البرقع" ودعت لذلك ليتاح للمرأة المصرية الانخراط في الحياة الاجتماعية السياسية، وكان "البرقع" حينها لازمًا على المراة ارتداؤه وفقًا للتقاليد الاجتماعية.

اشترطت أمها عدم زواج زوجها بأخرى وإلا فسخ العقد

تزوجت هدى شعراوي بابن عمتها الذي يكبرها بأربعين عامًا، وعلى الرغم من غضبها من ذلك في بداية الأمر، خاصة أنها تعلم أن لديه زوجة وابناء ثلاث آخرين، وأنها قد تزوجت عكس إرادتها إلا أنها ذكرت في مذكراتها أنها بدأت مع الوقت تانس إليه، إلا أنه تغير مع الوقت وأصابتها الكآبة، وعرفت هدى شعراوي فيما بعد أنه قد عاد لزوجته الأولى مما يؤدي إلى بطلان الزواج بشرط كانت أمها قد وضعته في عقد زواجها، فتقول في مذكراتها أنها اكتشفت وثيقة كانت تحت يدها لمدة طويلة دون أن تعرف مضمونها: "لإتمام زواجي من ابن عمتي كانوا قد اتفقوا معه على أن أكون الزوجة الوحيدة، وقد تم زواجي منه بعد أن نفذ التزامه، ولكن عندما رأت والدتي أنه عاد إلى حياته الأولى مع أم بناته وتأكدت من ذلك بحدوث الحمل قررت انفصالي عنه"، وتقول شعراوي أنه قد تبين لهم فيما بعد أن مفهوم الإقرار هو أنها الزوجة الوحيدة، فلو راجع أم أولاده تكون طالقًا بينما ألتبس عليهم الأمر وقصروه على أساس وقوع الطلاق بالنسبة لها هي، وظلت منفصلة عنه سبع سنوات كاملة، وخلال هذه السنوات تكونت شخصية هدى شعراوي العلمية.

رفضت مساواة المرأة بالرجل في الميراث

تروي هدى شعراوي ف يمذكراتها أن سلامة موسى كان قد أرسل إليها كتابًا لتطالب وزارة الحقانية بسن قانون يساوي بين المرأة والرجل في الميراث، مرفقًا خطابه بملخص محاضرة ألقاها بدار جمعية الشبان المسيحية عن نهضة المرأة في مصر، وقد ردت عليه بمقال في جريدة السياسة قالت فيه: "يهمني أن أبلغ حضرة الأستاذ ومن حضروا خطبته أني في خدمتي لهذه النهضة أؤدي واجبًا معهودًا إلىّ من جمعية الاتحاد النسائي التي شرفتني برئاستها ولما كان نصيب المرأة في الميراث ليس من المسائل الداخلة في هذا الموضوع، لا بإقرار الحالة الحاضرة ولا بتعديلها، وإن كان لابد من إبداء رأيي في هذا الموضوع، فأقول بصفتي الشخصية إني لست من الموافقين على رأي الأستاذ الخطيب فيما يتعلق بتعديل نصيب المرأة في الميراث، ولا أظن أن النهضة النسوية في هذه البلاد لتأثرها بالحركة النسوية بأوروبا يجب أن تتبعها في كل مظهر من مظاهرها، لأن لكل بلد تشريعه وتقاليده وليس كل ما يصلح في بعضها يصلح في البعض الآخر".

وعللت هدى شعراوي موقفها بأن المراة نفسها لم تتذمر أو تشتكي من عدم مساواتها للرجل في الميراث، قائلة بأن الشريعة عوضتها مقابل ذلك بتكليف الزوج بالإنفاق عليها وعلى أولادهما كما منحتها حق استقلال التصرف في أموالها، وقالت شعراوي أننا لو جارينا مطالب موسى في طلب تشريع جديد قد يؤدي ذلك إلى اسقاط الواجبات الملقاه على عاتق الزوج نحو زوجته وأولاده بإلزام الزوجة بالاشتراك في الصرف.

وكذلك نفت هدى شعراوي في مذكراتها أن يكون قاسم أمين قد نوى قبل وفاته أن يطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، وإن الذي أخره عن ذلك هو انتظار نضوج الرأي العام، "فالمطلع على كتب المرحوم قاسم يقرأ من بين سطورها أنه كان يعنى فقط بجعل المرأة عضوًا صالحًا في الهيئة الاجتماعية".

وفي النهاية تقول شعراوي لتحسم لنا موقفها من قضايا المرأة وأحكامها في الشريعة الإسلامية: "إن أهم ما يشغلنا اليوم في الوصول بالمرأة إلى المركز اللائق بها، ليس هو السعي لتغيير القوانين أو قلب الشريعة، فلله الحمد لم نجد في هذه ولا تلك من الاحكام ما يحملنا على التذمر أو الشكوى...بل كل ما نسعى إليه هو حسن تطبيق هذه القوانين بما يطابق غرض الشارع وحكمه".

فيديو قد يعجبك: