إعلان

أمهات المؤمنين (8) سودة بنت زمعة: وهبت يومها لـ "عائشة" وأوصت لها ببيتها

07:16 م الجمعة 10 يوليه 2020

سودة بنت زمعة

كتبت – آمال سامي:

"النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".. هكذا وصف القرآن الكريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرسيًا قاعدة شرعية في النظر والتعامل والتقدير لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتزوجهن أحد بعده، "فهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد" كما يقول البغوي في تفسيره، ويستعرض مصراوي جانبًا من سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حلقات متتابعة، واليوم مع أم المؤمنين، سودة بنت زمعة رضي الله عنها..

هي سودة بنت زمعة بنت قيس القرشية العامرية، وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، وظل معها حوالي ثلاث سنوات أو أكثر حتى تزوج بعائشة، وكانت رضي الله عنها كما يصفها الذهبي في سير أعلام النبلاء "سيدة جليلة نبيلة ضخمة"، وكان قد سبق لها الزواج قبل النبي صلى الله عليه وسلم من السكران بن عمرو العامري، وهاجرت سودة مع زوجها السكران إلى الحبشة مع من هاجروا، وكان لها منه خمسة أبناء، وبعد وفاة زوجها رشحتها خولة بنت حكيم رضي الله عنها، حيث يروي ابن كثير في البداية والنهاية انها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة تسأله أن تخطب له، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم ليخطب سودة بعد ان انتهت عدتها، وكان ذلك في السنة العاشرة من البعثة.

ويروي الطبري في كتابه "السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين" قصة خطبة خولة لسودة بنت زمعة، فتقول أنها دخلت على سودة بن زمعة فقالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليك لأخطبك عليه، فقالت سودة: وددت ذلك ولكن ادعلي على أبي واذكري له ذلك.

وقد وهبت سودة بنت زمعة عندما كبرت يومها إلى عائشة، ويقول الذهبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هم بطلاقها، لكنها جلست على طريقه وقاالت: أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه لم طلقتني؟ ألموجدة؟ قال: لا، قالت: فأنشدك الله لما راجعتني فلا حاجة لي في الرجال ولكني أحب أن أبعث في نسائك، فراجعها، فلما راجعها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فإني قد جعلت يومي لعائشة.

وتذكر دار الإفتاء المصرية في موقعها الرسمي عن سيرة سودة بنت زمعة أن سبب أنها وهبت يومها لعائشة ليس الطلاق ولكن كبر سنها، ففي حديث عائشة انها قالت عن سر ذلك: "فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لِعَائِشَة، َقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: اجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَفَعَلَ".

وكانت السيدة سودة رضي الله عنها خفيفة لطيفة تحب المزاح، فذات يوم كانت تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده فطالت الصلاة حتى ثقلت عليها، فيروي ابن سعد في "الطبقات" انها حين أصبحت قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: خلفك البارحة، فركعتَ بي حتى أمسكتُ بأنفي؛ مخافة أن يقطر الدم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت تضحكه الأحيان بالشيء.

وشهدت عائشة رضي الله عنها لها بالصلابة ووصفتها بقوة النفس والحدة، بل تمنت أن تكون في جلدها، فقالت في صحيح مسلم: "مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا -أي جلدها- مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ"

توفت سودة بنت زمعة رضي الله عنها في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة المنورة، وقيل في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة 54 هجريًا، وقد أوصت ببيتها لعائشة رضي الله عنهما حسبما ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى.

فيديو قد يعجبك: